صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

حلو عابس حلو 
علي حسين الخباز

  في لحظات المواجهة مع الموت، تمر أمام عينيك كل تواريخ حياتك، كل لحظة عشتها او تأثرت بها، فاغتنم ما شئت من تفاصيل تودع بها الحياة.. كنت منذ صغري أحمل عابساً في داخلي أمنية، أن أراه، أن أكون انا عابس في يوم ما، خرج ليواجه الموت وهم يهربون أمامه.

 لا انكر على نفسي أن الموقف الذي أعيشه اللحظة صعب جداً، لكني مؤمن تماماً أن عابساً الذي فيَّ سيتحدى زخم الرصاص، عرفت مسألة مهمة اني كنت ابكي كلما يُذكر امامي موقف عابس، اكتشفت الآن اني كنت ابكي نفسي اللحظة، ابكي عابسي أنا عابس الكربلائي..!
كنت أتوّج بالدمع روحي؛ كي لا تتخاذل لحظة المواجهة، لا يهمني العدو ابدا لكن الذي يهمني الآن هو خوفي أن أموت دون عابس، وعابس يدرك ماذا اريد منه الآن، ان اصنع من بيجي التي امامي كربلائي انا، ان افرش محلة المخيم على وجه هذه المزرعة، ان اجعل من ادغالها رمالا..
 المقرر ان ننهي هذه الادغال لنخرج الى الطريق العام، حيث هناك تنتظرنا حرب شوارع كبيرة، لكن ان نحاصر داخل هذه الادغال، فهذه هي مفاجئات الحرب.. نار كثيفة تحيطنا من كل جانب، حزم النار المحيطة بنا تقول: اننا محاصرون تماماً.
 نهض عابس.. نهض فيَّ راكضا نحو (الشفل) وتم تشغيله، ورحت ساعيا لعمل ساتر يقينا الرصاص، تركوا كل شيء واستعدوا لمواجهتي، كان الرصاص ينهمر عليّ كالمطر، وأنا انتخي (عابس ـ حلو عابس حلو) اكمل الساتر، لا تخف مطرهم فهو مطر صيف، وعابسي يبتسم.
 تذكرت احدى الاهازيج التي كنا نعرفها (هذا اليوم الچنه نريده) وابتسم، قد يثير هذا الموقف الكثير من الاعجاب، لكنه لا يثير عابساً ابدا، ربما يباغتوننا بموقف مواجه، لابد ان نكون على أُهْبَة الاستعداد، وانا مؤمن بأن كل مقاتل في الحشد استلّ عابسه ليواجه به الموقف، فهم اسود على السواتر، كنت طوال وجودي في خطوط المواجهة اذكرهم به، اقول لهم: استحضروه في كل موقف، حتى صار البعض يناديني باسمه: يا الله.. كم هو جميل اسم عابس تاج على الرأس، فهو لا يخشى الموت، ولا يعرف طعم اليأس، ولا يملّ او يكل مهما طال امد المواجهة.. المهم عنده أن يكون الحسين(عليه السلام) بخير.
 اكتشفنا لحظتها ان العدو اقرب بكثير مما كنا نتصور، استطاع ان يحرق إحدى السيارات الحاملة لسلاح (الاس بي جي ناين) وهو سلاح فتاك لمواجهة السيارات المفخخة.
 المهم صرت اخشى انفجار تلك الاسلحة.. استنهضني عابس، وإذا بي اقود الشفل لإطفاء تلك النيران وإخمادها بأكداس التراب، ثم سرعان ما تحركت لا اراديا لفتح ثغرة واخرج للشارع العام بمواجهة العدو، وتبعني المقاتلون الذين كانوا اساسا على استعداد نفسي لتلك المواجهة، وهذا يعني انهم تخلصوا من براثن الحصار، وتوجهوا لمحاصرة العدو في بيوت هي اساس اهداف سهلة.
 وراح (الشفل) يتبختر في الشارع العام ليربك العدو، ويستقطب مساحة الرمي، فيكون صيداً لأسلحة المقاتلين.. انتهت المواجهة بالنصر المؤكد، لكن على ما يبدو ان عابسا اصيب.. لا ادري كيف كان الموقف لحظتها، لكني فتحت عيني وآنا جريح في المستشفى، سلامي الى جميع اصدقائي، قولوا لهم: سأعود قريبا اليكم، فعابس ما زال بخير.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/07/14



كتابة تعليق لموضوع : حلو عابس حلو 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : علي حسين الطائي ، في 2017/07/17 .

نعم .هوَ ذا عابس مثلٌ سامي وقمّةٌ شاهقة في قيمة القيم وبيرقٌ يرفرفُ في صدور الذين آمنوا بالحقّ ويُرفعُ على هامات الرجال انموذجا لايمكن أن يميته ُأو تسقطه نزعة خوف بل هوَ استحضار لطاقة ايمانية لايأتيها الباطل من بين ايديها ولا من خلفها اذن عابس حزام أمان يلبسه ويتدرع به كل من آمن بالحق فعابس سلاح نفس يُحملُ في ميادين الإنتصار .
الاستاذ الاديب علي حسين الخباز دمت لنا أباً وموجها نحو قيم الخير وأنفاس العز والكبرياء .




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net