صفحة الكاتب : محمد جواد سنبه

رُؤى مختلفة حول خطاب يوم النصر (الحلقة الثانية)
محمد جواد سنبه

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

في الحلقة الاولى من هذا المقال، تناولت بعض جوانب خطاب السيد العبادي في يوم الانتصار 10 تموز 2017. و في هذه الحلقة استكمل المقال فأقول:

إِنَّ الخطابات التي يلقيها اشخاص مهمون في المجتمع، تصنّف الى عدة انواع. منها:

خطابات وطنية تخص شؤون الشعب و مستقبله في الحاضر و المستقبل. خطابات الصدمة، و هي التي تختص بالاعلان عن حدوث حرب او حصول كارثة. خطابات استعراضية او دعائية، الهدف منها اشعار المتلقين، بسيطرة الجهة المتبنية للخطاب على الوضع العام . خطابات استفزازية، الهدف منها استثارة طرف معادي، لمعرفة نواياه المستقبلية. خطابات كاشفة لحقائق غائبة عن الرأي العام، كالاعلان عن وجود شبكات تجسس او مجموعات تخريب، تعمل لصالح جهة معادية.  

كان المتوقع ان يكون خطاب السيد العبادي، في يوم الانتصار على داعش، من النوع الاول من الخطابات.  لكن السيد العبادي، لم يجعل خطابه، متسماً بطابع حسم المواقف، المتعلقة بمستقبل العراق. و لم يفصح بشفافية في خطابه، عمّن وقف مع العراق، و عمّن كان ضدّ العراق في حربه مع داعش. 

و من محاسن الصدف، أَنَّ بُعيد يوم واحد من خطاب السيد العبادي، أَلقى السيد حسن نصر الله، في مساء يوم الثلاثاء 11 تموز 2017 خطاباً، بمناسبة انتصار القوات العراقية على عصابات داعش، هنأ في مستهله المرجعيات الدينية، و الشعب العراقي و قيادته السياسية و العسكرية بيوم الانتصار.

لقد استغرق خطاب السيد حسن نصر الله، فيما يخص الشأن العراقي، خمساً و ثلاثين دقيقة و ثلاث و عشرين ثانية (أي ان مدة خطاب السيد نصر الله، تعادل تقريباً، سبعة اضعاف مدّة خطاب السيد العبادي).

استعرض السيد حسن نصر الله في خطابه النقاط التالية:

  • ان تحرير الموصل، يعتبر حدثاً لا يرتبط بمصير العراق و شعب العراق، و انما يرتبط بعمق و قوة، بمصير شعوب المنطقة و دول المنطقة و مصير الأُمَّة بكاملها. 
  •  التأكيد على اهمية الأَبعاد العميقة و المهمة، لفتوى الجهاد الكفائي التي اصدرها سماحة السيد السيستاني.
  • الاشادة بالموقف الحاسم  لجمهورية ايران الاسلامية. ذلك الموقف المتفاعل و الداعم للعراق. و مسارعة قيادات كبيرة في حرس الثورة الاسلامية، بالتوجه الى بغداد، و ابداء الاستعداد التام لأي مساعدة من جمهورية ايران الاسلامية.
  • لقد كان الموقف الدولي و الاقليمي، متخلياً عن العراق. كما قد تآمرت بعض الدول الكبرى في العالم، على العراق و تواطأت ضده مع داعش. و قامت بعض القوى الاقليمية، بدعم و تمويل  داعش، كما سهلت لداعش سيطرتها في  سوريا، و من ثم في العراق.
  • لقد حسم العراقيون موقفهم، فلم يذهبوا الى جامعة الدول العربية، او الى مؤتمر وزراء الخارجية العرب، او الى مؤتمر منظمة العالم الاسلامي. و لا الى المجتمع الدولي، و لا الى الاتحاد الاوربي، و لا الى امريكا. فالعراقيون توكلوا على الله، و راهنوا على ارادتهم و جهادهم، مستفيدين من فتوى الجهاد الكفائي، و تأسيس قوات احشد الشعبي.  
  • كان لموقف بعض العلماء السنة، و بعض النخب السياسية السنية، موقفاً مشرفاً  في وأد الفتنة الطائفية. و أعلنوا ان المعركة مع داعش، ليست معركة بين السنة و الشيعة، و انما هي معركة العراقيين، مع القتلة و المجرمين و التكفيرين. و ليس الامر كما  دعى اليه خطيب المسجد الحرام، ان الحرب في اليمن، هي حرب بين السنة و الشيعة. فداعش تحارب الجميع و تقتل الجميع. 
  • كان للحضور الميداني الجامع، المتمثل في قوات الحشد الشعبي، التي وقفت الى جانب القوات المسلحة العراقية، بمختلف عناوينها و تسمياتها، دافعاً بشكل كبير لدعم القوات العراقية في الميدان.
  • يجب عدم الاصغاء للخارج، فدور الخارج كان متوجهاً لتثبيط الهمم و العزائم. و كان دور الخارج، يتبنى اثارة الفتن و النزاعات و الحساسيات، بين مكونات الشعب العراقي، بالوقت الذي يحتاج فيه الشعب العراقي، الى موقف التكاتف و عدم الاصغاء للاعلام المغرض الداعم لداعش.
  • في البداية كان موقف الامريكان و (الناتو)، موقف المتفرج على العراقيين. و كانوا يعربون عن نيتهم بمساعد العراقيين، لكنهم لم يتقدموا بأية خطوة بهذا الاتجاه.
  • ساوم رؤساء و وزراء و رؤساء في (السي آي أي)، ان القضاء على داعش، يتطلب ثلاثين سنة، و كانت اقل التقادير تقول، ان القضاء على داعش يستغرق عشرة سنوات. ان تمكين داعش و دعم داعش، كان لخدمة المصالح الامريكية و مصلحة اسرائيل.
  • يجب ان نتوقف عند نقطة تقديم المساعدات الامريكية للعراق في محاربة داعش، حتى ان بعض الفضائيات العربية، روجت بان الامريكان، هم من قضوا على داعش، و ان ذلك الانتصار هو انتصار  امريكي. و في ذلك مصادرة لجهود و تضحيات العراقيين.
  • ان تصريحات عديدة للرئيس الامريكي (ترامب)، اعتبرت أن ادارة (اوباما) و  (هيلاري كلينتون)، هي من اسست داعش، و سمحوا لحلفاء امريكا، بتقديم الاموال لدعم داعش. و فتحت الحدود لداعش، و تمّ تمكين داعش لبيع النفط، كما في الاردن و تركيا و غيرهما.
  • ان ماجرى يتحمل الامريكان المسؤولية الاولى عنه، بالرغم من تغير الموقف الامريكي من داعش، و ذلك ليس حفاظاً على القيم و المبادئ، و انما للحفاظ على المصالح الامريكية.  و الامريكان يصورون بأنهم شركاء مع العراقيين، في صناعة النصر الذي صنعه العراقيون بسواعدهم.
  • ان هذا النصر لكل العراقين، و لكل الشعوب في المنطقة، التي تحارب الارهاب، او التي تواجه الارهاب، او التي يهددها الارهاب.
  • يجب اعطاء الاولوية لموضوع الاصرار على اجتثاث وجود داعش، و توحيد الجهود بين العراقيين و السورين، لقتال داعش، فذلك سيقضي على داعش مبكرا. و على الذين يخافون من داعش، عليهم استثمار فرصة انتصار العراقيين و السوريين و اللبنانين على داعش. و ان لا تُعطى فرصة لداعش، لتتمكن من جديد و تظهر مرة اخرى.
  • لم يقدّم احد لأعداء الاسلام و على مر التاريخ، خدمة كالتي قدمتها داعش لهم.

و لم يغادر السيد حسن نصر الله، حيثيات الساحة العراقية، فأكد بثقة تامة، ان العراق لا يتخلص من الارهاب، ما لم يتم القضاء على جذور الارهاب في العراق.       

و من نافلة القول ان نؤكد، بان العراق اليوم بحاجة الى قائد، يضع حداً فاصلاً بين الأبيض و الأسود، و يتجنب المناطق الرمادية في المواقف.

قائد لا يتنازل امام أية قوة، عن مصالح شعبه و وطنه، حتى وان كلف ذلك حياته. هذا هو الدرس الذي يجب ان يعرفة، اي متصدي للمسؤولية في العراق، حالياً و مستقبلاً. و الله تعالى ولي التوفيق.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد جواد سنبه
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/07/13



كتابة تعليق لموضوع : رُؤى مختلفة حول خطاب يوم النصر (الحلقة الثانية)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net