شهر رمضان ليس وقت محدود بل بداية للتغيير وصدق النوايا نحو إسلوب حياة راقية
فؤاد المازني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
فؤاد المازني

المتعارف أن شهر رمضان المبارك يتمتع بطابع يختلف عن باقي شهور السنة بكافة المجالات وعلى مختلف الصعد وتتهيأ له النفوس منذ إطلالته لتبدأ معه رحلة الألق نحو معانيه السامية وأجوائه الروحانية ومعاملاته الإنسانية ورفعه أخلاقه الحميدة وتستنشق معه عبق المودة والرحمة وتلتمس فيه مظاهر خلاقة يصدق أن يطلق عليها ضيافة الباري سبحانه وتعالى والعروج اليه وشعور التواجد بحضرته ، ولا تتوقف عند فئة معينة أو تنحصر في شريحة دون أخرى بل أنها سحائب مباركة ظلالها على الجميع تتكاثف عبر نداءات الدعوات والإستغاثة برحمته ورجاء غفرانه وطلب التوبة من موبقات الأعمال ، وتنهمل منها مفاتيح الإستجابة لتغسل درن الأرواح بعد أن أتعبها زخرف الحياة الفانية وكدح الدنيا البالية وإغواء الشياطين ومكائد الأنفس الأمارة بالسوء إلا مارحم ربي . وعلى مدى أيامه ولياليه تحلق في فضاءاته التسابيح والإبتهالات تتموج بأمتع الأوقات وأبهج الأماسي وأروع السهرات ليست عبثية فاقدة للمعنى ولا مجالس للبطالين همها لهو وضياع بل تنسج أواصر الإرتباط مع كتاب الله تبارك وتعالى وتبني صروح من التكافل والمحبة والود والأخاء مع الآخرين تذوب في بودقتها لتنقي أجواء الحياة من فساد الأنفس المشبعة بالتعالي والأنا وتختفي في قعرها نتائن الإستهانة بحقوق الغير والعبودية للعبيد المتخمة بالكذب والنفاق وتطفو عليها نسائم الصدق والأمانة والإخلاص وتختزل مكامن الشر ليتحرر الخير فينشر ربيعه في الأرجاء . هكذا هو شهر رمضان في كل عام .. ويا للأسف!! ما أن يبادر بالرحيل وتتصرم أيامه ولياليه ويهل هلال وداعه فتتغير الأمور وتتراجع النفوس القهقرى وتنقلب على الأعقاب وكأنها لم تبادر ولم تطلب ولم تتوسل ولم تبتهل لتسمو الى علياء الفلاح طيلة شهر من عمر الزمن ، وإذا بها أي النفوس ينتهي المطاف بها تتسابق منحدرة نحو التسافل لتستقر في قعر الدنيا الزائلة تتأمل منها الخلود المحال متناسية وقود الجحيم الذي ينتظرها . إذن لاتودعوه بل إفسحوا المجال لتعاليمه وغاياته وأهدافه لتحيا معكم وتحيوا بها ومعها طيلة عامكم هذا وأعوامكم القادمة ، إصطحبوه معكم في بوادي حياتكم ليضيئها ببريق أنواره وتتمتعوا دومآ بما أفاضه عليكم حين كنتم تعيشونه في توقيتاته وزمانه فشهر رمضان ليس زمنآ محدودآ بل إسلوب حياة وصدق للنوايا وبداية للتغيير فالصوم لاينتهي والقرآن لا يهجر والمسجد لا يترك والإنسانية لا تموت .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat