المفهوم القرآني للالوهية لا المدني ! .. 1
مير ئاكره يي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مير ئاكره يي

كلمات مدخلية :
نشر الكاتب السعودي الاستاذ عبدالعزيز علي السويد في موقع جريدة ( المدينة ) السعودية ، في الاسبوع الماضي مقالة تحت عنوان [ المفهوم المدني للالوهية ] . وعقب نشر هذه المقالة هاجم الشيخ السعودي عبدالرحمن البراك الافكار الواردة فيها بشدة ، حتى انه كفّر بعضها ، ان لم يكفّر كاتبها ، داعيا وزير الاوقاف في الوقت نفسه الى اتخاذ مايلزم لتقديم الكاتب المذكور لمحاكمته جرّاء مانشره . في هذا الجزء من مقالتي لا أتطرق الى آراء الشيخ البراك وردود أفعاله غير المتوازنة تجاه الكاتب ومقالته ، بل أرجؤها الى الجزء الثاني . لاْن هذا الجزء خصصته لالقاء الضوء على المقالة الآنفة الذكر ومناقشتها بروح حوارية هادءة .
لقد قرأت المقالة المذكورة أكثر من مرة فخرجت منها : ان الكاتب – برأيي – كما يبدو قد تأثر وتأذى من الخطاب الديني والدعوي والتنظيري للاسلام ومفاهيمه وتعاليمه لبعض المشايخ في بلاد الحرمين الشريفين ( المملكة العربية السعودية ) . والسبب ان الخطاب الديني والدعوي الحاكم في السعودية قائم على التشدد والحرفية والنصية والمذهبية المغالية بأسم ( السلفية ) . مع ان مكة المكرمة والمدينة المنورة كانت قبل تأسيس المملكة العربية السعودية الحالية ميدانا اشعاعيا ومركزا للاْئمة والعلماء والمجتهدين المسلمين من شتى المذاهب الاسلامية ، لكن بعد انشاء المملكة اختفى كل ذلك تماما ، ولم يبق فيها إلاّ مذهب جديد واحد تحت عنوان ( السلفية ) ! .
والسلفية هذه تركّز على الفروع والثانويات والجزئيات من الاْمور بدلا من الحقائق والمقاصد والمستجدات والاجتهاد والابداع . لذا فانها ألغت ملكة التفكير وعطّلت دور العقل ومكانته الكبرى في الاسلام كتابا وسنة ، أو انها تتجاهل وتتغافل عن المتغيرات العصرية ومستجداتها ومستحدثاتها على الصعيد المناطقي والاقليمي والعالمي . على هذا باتت السلفية وتفرّعاتها عاجزة أشد العجز من تقديم الاسلام على أساس السماحة والتسامح والعدل والاعتدال والوسطية مثلما تصرّح نصوص الكتاب والسنة بذلك ، والاْمثلة في هذا الصدد عن السلفيين كثيرة ، منها : تشددهم في مواضيع اللحى وزيارة القبور والاسبال والنقاب وتعطيل دور النساء في المشاركة المجتمعية ، أو تحريمهن من السياقة . هذا الى جانب تسرّعهم في التكفير والتضليل والتفسيق لهذا ، أو ذاك لمن لايتفق مع آرائهم . أما بالرغم من كل ماورد كان على الكاتب أن لا ينفعل من الاْجواء السائدة ، أو أن ينبهر بالآخر المتقدم حضاريا ، بل كان عليه أن يغرف مباشرة من المعين الصافي الذي لاينضب في مفهوم الالوهية الصحيح وهو القرآن الكريم وصحيح السنة ! .
مناقشة مقال :[ المفهوم المدني للالوهية ]
يقول الاْخ عبدالعزيز علي السويد في مطلع مقالته : ( حتى يتم للانسان الخلاص من الاستعباد والاستبداد المجتمعي والسياسي . لابد من القطع مع الالوهية بمفهومها التقليدي الشعبي الخرافي ، والاْخذ بالالوهية بمفهومها المدني < الكوني العلمي الانساني > ) ينظر مقالة ( المفهوم المدني للالوهية ) لكاتبها عبدالعزيز علي السويد ، موقع جريدة ( المدينة السعودية ) بتأريخ 2011-09-05 .
يبدو واضحا ان الوضع السائد في المملكة على مستوى الخطاب الديني ، وعلى المستوى السياسي والمجتمعي قد أثّر على السيد الكاتب ، لذا تراه يتبرأ من المفهوم السائد ل[ الالوهية ] ، والدعوة الى الاعتقاد بمفهوم مدني كوني علمي انساني لها . ثم يمضي الكاتب ليوجه الاْنظار – بحسب رأيه – الى ( نواميس الكون وسنن الله وقوانينه في الطبيعة والنفس والاجتماع والتي يتم كشفها والتعرف اليها وتسخيرها بواسطة العلم التجريبي ، هي < أي سنن الله وقوانينه > وحدها مجال الاتصال والتواصل والروحانية مع الله خالق الانسان وصانع وموجد هذا الكون وفيها مجال التعبد والتوحيد الخالص لله .) ينظر نفس المقالة والكاتب والموقع والتأريخ .
قد يكون الكاتب مصيبا في بعض ماذهب اليه من التشخيص ، لكنه قد أخطأ في أمرين آثنين هما :
أولا : كما يبدو لم يحاول الكاتب مراجعة القرآن الكريم في مجال معرفة المفهوم الدقيق والصحيح للالوهية ، في مقابل المفاهيم الخاطئة الموجودة كما قال ! .
ثانيا : ليس صحيحا ان العلم التجريبي الذي يكتشف السنن الكونية وقوانينه في النفس والطبيعة والاجتماع هي فقط [ وحدها مجال الاتصال والتواصل ] ، أو [ التعبد والتوحيد الخالص لله ] . نعم ان الاكتشافات العلمية لسنن الله سبحانه وتعالى المبثوثة في الكون هي إحدى القنوات لمعرفة التوحيد لا [ وحدها ] ، أو انها فقط [ مجال التعبد والتوحيد الخالص لله ] كما جاء في المقالة المذكورة . لهذا فإن ماقاله الكاتب يتناقض صراحة مع آيات التوحيد ومعاييره التي ذكرت كثيرا في محكم التنزيل الحكيم . ومن جانب آخر فإن السيد الكاتب لم يوضح أبدا قصده من [ المفهوم المدني للالوهية ] ؟ ، هل ان قصده من مصطلح [ المدني ] الذي عنون به مقالته هو ان التوحيد ، أو معرفة الالوهية هي شأن شخصي ولادخل لاْيّ مصدر ، أو أحد فيها مهما كان من العلو والمكانة ؟ . وقد يكون ما قلته والذي لا أريد قوله حاليا صحيحا ، لاْن الكاتب بنفسه أفصح عما يهدف اليه فقال : [ فكّ الارتباط مع ثقافة النصوص المختلف حولها ] ينظر نفس المصدر والمقالة والكاتب والموقع والتأريخ .
إذن ، هكذا تحت ذريعة الاختلاف الموجود حول النصوص ينبغي [ فك الارتباط ] مع الثقافة القرآنية والحديثية ! . بالحقيقة ان هذا القول هو أمر في غاية العجب والغرابة من قبل الكاتب ، مضافا انه منطق إنبهاري متهافت ومتناقض مع حقيقة التوحيد الاسلامي القرآني وخصائصه العالية والراقية في كل جانب من جوانبه . ولو ان الكاتب أتعب نفسه شيئا في مراجعة الذكر الحكيم لبان له وآستبان ما سطّره في مقالته حول التوحيد الخالص والتعبد الخالص الذي لاتشوبه أيّ شائبة ! .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat