صفحة الكاتب : الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي

هل الدعوة لإزالة ذهب القباب عُمَرِيَةُ المنشأ فعلاً ؟
الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 سؤال رقم3: قيل بأن الدعوة التي تنتشر اليوم لإزالة تذهيب القباب في المراقد المقدسة هي عُمَرية المنشأ، فهل هذا الكلام دقيق ؟ وما علاقة عمر بن الخطاب بذلك ؟

الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
نعم أجاد من ذكر ذلك وأفاد، إذ ورد في حِكَم أمير المؤمنين عليه السلام في (نهج البلاغة) أن عمر بن الخطاب همّ بأن يبيع حلي الكعبة لكي يجهز بها الجيوش بعد أن قيل له: ما تصنع الكعبة بالحلي ؟ وما تركه إلا بعدما بيّن أمير المؤمنين عليه السلام الحكم في ذلك.
فقد ورد في الحكمة رقم 270: ذُكِرَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي أَيَّامِهِ حَلْيُ الْكَعْبَةِ وَكَثْرَتُهُ، فَقَالَ قَوْمٌ‏: لَوْ أَخَذْتَهُ فَجَهَّزْتَ بِهِ جُيُوشَ الْمُسْلِمِينَ كَانَ أَعْظَمَ لِلْأَجْرِ.
وَمَا تَصْنَعُ الْكَعْبَةُ بِالْحَلْيِ!
فَهَمَّ عُمَرُ بِذَلِكَ!
وَسَأَلَ عَنْهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ ع: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ ص [مُحَمَّدٍ ص‏] وَ الْأَمْوَالُ أَرْبَعَةٌ:
1. أَمْوَالُ الْمُسْلِمِينَ فَقَسَّمَهَا بَيْنَ الْوَرَثَةِ فِي الْفَرَائِضِ
2. وَالْفَيْ‏ءُ فَقَسَّمَهُ عَلَى مُسْتَحِقِّيهِ
3. وَ الْخُمُسُ [الْخُمْسُ‏] فَوَضَعَهُ اللَّهُ حَيْثُ وَضَعَهُ
4. وَ الصَّدَقَاتُ فَجَعَلَهَا اللَّهُ حَيْثُ جَعَلَهَا

وَكَانَ حَلْيُ الْكَعْبَةِ فِيهَا يَوْمَئِذٍ فَتَرَكَهُ اللَّهُ عَلَى حَالِهِ وَلَمْ يَتْرُكْهُ نِسْيَاناً وَلَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ [عَنْهُ‏] مَكَاناً فَأَقِرَّهُ حَيْثُ أَقَرَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ.
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَوْلَاكَ لَافْتَضَحْنَا.
 وَ تَرَكَ الْحَلْيَ بِحَالِه‏ (نهج البلاغة ص523)
وقد رويت في كتب العامة أيضاً كربيع الأبرار للزمخشري ج4 ص440 وغيره من المصادر.

ويظهر أن القوم أصحاب الاقتراح على عمر كانوا مثله ممن يأخذون أحكام الله تعالى بالاستحسان والأهواء الباطلة !

وهمّ عمر أن يفعل ما أشاروا عليه به من استعمال حلي الكعبة على كثرتها في تجهيز الجيوش، إلى أن بيّن له الأمير عليه السلام أن حكم الله والرسول هو إقرار هذا الحلي على ما هو عليه أي إبقاؤه للكعبة دون التصرف فيه.

والحكم الذي ينطبق على حلي الكعبة وكنوزها ينطبق على حلي وكنوز المراقد الشريفة بلا شك وشبهة، فما كان موقوفاً أو مبذولاً لتُذّهَّبَ به القباب لا يجوز التصرف فيه بأي طريق آخر إلا وفق استحسانات عمر بن الخطاب وقومه..

أما البخاري فكان له نصيب في قصة عمر، حيث روى عن أبي وائل قال جلست مع شيبة على الكرسي في الكعبة فقال: لقد جلس هذا المجلس عمر رضي الله عنه فقال: لقد هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء (يعني ذهباً ولا فضة) إلا قسمته.
قلت: إن صاحبيك لم يفعلا.
قال: هما المرآن أقتدي بهما (البخاري ج2 ص159 وج8 ص139)
وبحسب رواية البخاري فإن عمر همّ بتقسيم ما كان في الكعبة من ذهب وفضة لولا أن نُبّه إلى أن النبي (ص) وأبا بكر لم يقسماه فأعرض عن الأمر اقتداءً بهما!

وقد نقل العيني عن القرطبي قوله: وإنما أراد الكنز الذي بها، وهو ما كان يهدى إليها فيدخر ما يزيد عن الحاجة. (عمدة القاري ج9 ص237)
ونقل في نفس المصدر عن ابن بطال قوله: ما جعل في الكعبة وسُبِّلَ لها يجري مجرى الأوقاف، فلا يجوز تغييره من وجهه، وفي ذلك تعظيم الإسلام، وترهيب للعدو.(انتهى)

وهو وغيره من علماء المخالفين قد أقرّوا بأن في جعل الحلي في الكعبة أو وقفه عليها نوع تعظيم للشريعة، بل وترهيب للعدوّ.

ثم إن العالم الإسلامي اليوم يسمع ما تتناقله وسائل الإعلام عن تفاصيل كسوة الكعبة الشريفة التي يتم تغييرها كل عام، بحيث يتم تطريز الكسوة بأكثر من 150 كيلوغراماً من أسلاك الذهب والفضة وتستهلك حوالي 700 كيلوغراماً من الحرير الطبيعي، بكلفة تتجاوز الملايين..

ويرى الجميع فيها نوعاً من التعظيم للكعبة في الظاهر.. إلا أنه لا بد من أن يقترن بتعظيم من خصّه الله بالولادة في الكعبة الشريفة، من يمثل روح التقديس لها، بل روح الشريعة المقدسة..

والحمد لله رب العالمين
الثامن من شهر رمضان المبارك 1438 هـ


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/06/03



كتابة تعليق لموضوع : هل الدعوة لإزالة ذهب القباب عُمَرِيَةُ المنشأ فعلاً ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net