أبعاد الجماهير عن القرار السياسي في العراق
عامر حامد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عامر حامد

المتتبع لتصورات المجتمع العراقي حول الوضع السياسي الراهن يجد أن الناس يتعاملون مع هذا الوضع بالواقع والتسليم فهم لايرضون عليه ولايجدون خياراً آخر , أن التسليم الذي يعيشه الناس حاله مرضيه أجتماعية ولانريد أن نجعلها من خصوصيات الشعب العراقي وإنما هي حالة طبيعة تكاد تمر بأغلب المجتمعات عندما تكون القوة أكبر منه ’
في العراق وجدنا من النادر أن يستفاد من قوة الشعب لدى تغيير الأنظمة سواءً على المستوى الجمهور والملكي بأستثناء ثورة المرجعية التي كانت تسمى بحركة الجهاد
ضد الغزو البريطاني سنة 1914 وثورة العشرين التي قادها العلماء والمراجع ولو أستثنينا هذه الفرصتين لوجدنا أن الوضع مبتني على عزل الشعب العراقي عن الوضع السياسي
لذلك لم نجد مظاهرات حتى في الزمن الملكي أخذت بعداً جماهيرياً هاماً
أنما كانت تأخذ بعداً نخبوياً .
أن سبب أبعاد الشعب عن القرار السياسي لأن المستعمر البريطاني كان يعرف بأن أشراك الشعب في العمل السياسي سوف تكون قيادته بشكل طبيعي بيد العلماء والمراجع كما حصل في حركة الجهاد والتغيير وفي ثورة العشرين ’ لذلك كانوا يحصرون الفعل والتغيير السياسي في نخبة من المجتمع كطلاب أو مواقع سياسية أو أحزاب وهولاء يمثلون جزءًا من الشعب . أذن أبعاد الشعب العراقي عن القرار السياسي كان مقصوداً من الأنكليز
لأجل أن يسيطروا على ساحة الفعل السياسي وأبعاد العلماء عن المشاركة ,
كما حصل مع السيد محمد الصدر نجل السيد حسن الصدر الذي قام بدوره بتحريك الجماهير وتجاوز الإرادة البريطانية وأختلافه معهم حيث حاول الأنكليز نفيه وأعدامه وسجنه
مع ان مطالبهُ كانت لاتستحق أن تصل الى هذا المستوى من الأحكام ,
كما ان الأنقلابات التي حصلت قبل البعثيين وبعد مجيئهم الى الحكم سنة 1968
لم تكن أنقلابات جماهيرية أطلاقاً ولم تشترك الجماهير بها وكان الهدف من ذلك هو سحب البساط من المرجعية الدينية لحاكميتها على الجماهير الشعبية لذلك بقى الجمهور على طوال السنين مشككاً بالعاملين سياسياً مع السلطة وبقى الجمهور منتمياً روحياً وفكرياً الى المرجعية الدينية كما يذكر أستاذنا سماحة آية الله السيد ياسين الموسوي في محاضرته الفكرية والأجتماعية / وحدة الخطاب ,
ومنذ ذلك التأريخ من الأنكليز والى الأنظمة التي تعاقبت على حكم العراق من البعثيين وغيرهم وحتى سقوط النظام البعثي سنة 2003 كان العمل السياسي الجماهيري ممنوع ولاوجود له , و بعد عام 2003 ووجدنا التأريخ يعيد نفسه حيث وجدنا النُظم السياسية التي نشأت في العراق بعد السقوط سواءً كانت أسلامية أو علمانية كانت عبارة عن نُظم نخبوية
وحتى حزب الدعوة والأحزاب الأخرى التي شكلت في العراق لم تُطرح الى الجماهير الكادحة وعامة الناس أنما كانوا يختارون النخبة من الشعب (كالمهندسين والأساتذة الجامعيين) وهذا قانون النخبة بقي مسيطراً على العقل الحزبي وحتى الأسلامي في العراق
وعدم الأنفتاح على الناس ’ وكانت جُل أهتماماتهم الأنفتاح على الخاصة والنخبة
وعدم أشراك الشعب في القرار السياسي , أذن جذور هذا الواقع المأساوي الذي نعيشه اليوم مازالت تحكم المجتمع وعمدوا بأن يبقى الشعب بعيداً عن السياسية ومشغولاً بالسب والشتم وهذا ماتعكسه أغلب القنوات الفضائية التي تقوم بدوره بأبعاد الشعب عن النقاش السياسي وأشغاله بالسب والشتم وعدم أبداء رأيً سياسياً مخالف أو أبداء مشروع سياسي بديلاً عن الموجود في الساحة العراقية أو أي مطالب سياسية سوى المطالب الخدمية من الكهرباء والنفط والغاز وغيرها فضلاً على أن هذه المظاهرات مطلبيه وعادة مايقوم بهكذا مظاهرات النقابات , النتيجة ان المجتمع بُنيت ثقافته بعد السقوط على عدم أيجاد مشروع سياسي وبقيت سياسية أبعاد الجماهيرعن القرار السياسي حتى يومنا هذا .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat