ثلاث سنوات كربلائية على مرور فتوى الدفاع المقدس
المدن.. شجر، والسنوات.. غصون، وحين ينضج الزهو تقطف التواريخ أثمارها لتصبح مترعة بالعافية.. تسير الخطوات الى ما قبل أربعين سنة كربلائية الملامح؛ لينمو بين أفيائها حلم ندي، وخصب مترف القسمات، طبول تقرع، ومزامير البهجة تعزف فرح العوائل الكربلائية بيتاً بيتاً.. بزغرودة الأمهات تكبر كربلاء، يكبر شارع العباس، يكبر وهو يغص بالمحتفين بهذا الإباء النقي برجولة الأبناء وهم يزفون الى الوطن..
إيه يا أمي.. لقد كبر الأولاد وصاروا رجالاً تصحو فيهم الميادين، من يوقظ هذه البقعة الواقعة أمام مبنى البلدية، حيث كان موقع مديرية تجنيد كربلاء؛ لتروي لنا بهجة التوديع..؟ الكربلائيون يبتهجون كل عام، وهم يودعون أبناءهم الى العسكرية.. كل الأمهات ينثرن الحلوى والدموع، تلك الدموع ما أبلغها ساعات الفرح..!
قفزت دمعة أم من ذلك الزمان الى قبل ثلاث سنوات، الى يوم مولد فتوى الدفاع المقدس، وولادة الحشد الشعبي المبارك، الى ولدها وهي تصيح:- ولدي، احمل هذا الوطن أمانة بين عينيك، فهذا وطن ستة أئمة كرام معصومين يا ولدي..
أربعون سنة، والصرخة ما زالت تجوب سماء بغداد، كربلاء، العراق... تحتفي بكل ولد يذهب الى الحرب يكبر شجر المدن والصرخة تكبر، وتطول غصون السنوات والصرخة تطول أيضاً، وجيل يتبع جيلاً عساه يدرك النضوج.. وقبل ثلاثة اعوام ولد الوطن بستاناً أخضر الصوت.. شد حزام خضرته ليدافع عن كل مكونات وجوده ضد لصوص المدن المؤتزرة بالنور والبركة.
كانت مشيئة الله سبحانه تعالى أن يولد قبل ثلاث سنوات مثل هذا اليوم الصوت المرجعي المبارك، وهو يحملالفتوى المباركة منجلاً يحز به وريد كل ظل يتمرد على ضوئه، زرع مثمر هو الجهاد، يمنح الانسان الثقة بالنفس ويمتلك العزيمة.
بعد مرورثلاث سنوات كربلائية الملامح، تخرج المدن مزهوة عند شارع العباس؛ لتودع الأبناء وتستقبل بهجة (فزت ورب الكعبة)، نحمل أسرة الخلود على اكتاف أهدابنا، ومهما قل او كثر عدد الشهداء، فهم الأعزة يحملون على رأس كل شجرة طفاً وألف ألف عابس وبرير.. نودع الراحلين الى ساحات الوغى، وتكبر كربلاء بزغرودة الأمهات، وتكبر البلاد.
إيه يا أمي.. لقد كبر الأولاد، صاروا رجالاً يدافعون عن الدين، الوطن، الإنسان، صاروا يدافعون عن الأعراض يا أمي.. كم حاول الأعداء أن يقللوا من شأنهم، أن يستصغروا حوبتهم، فما استطاعوا أن يحدوا من فاعلية انهارهم الجارفة كل تصحر بليد، كل هذا وشارع العباس يكبر كل يوم، وأهزوجة أمهات تنامت ثلاث سنوات نورانية، فكيف لهذا االنداء المبارك أن يكون طائفياً، وهو الذي ولد ليحارب الطائفية، ليوحد شوارع البلاد بهوية زغرودة أم عراقية تودع ابنها بمنديل دمعها المزهو بالبهجة والزهو الهاشمي، وهي تصيح يا أبا الفضل، هذا ولدي أمانة في دعائك، سيذهب ليغرس في بلاد الرافدين شجرة..
سلام عليك يا شارع العباس، هنا في هذه البقعة مقابل البلدية، ودعتني أمي الى معسكرات التدريب، وأنا قبل سنة ودعت ابني الى ساحات القتال؛ ليحارب الدواعش، ويجز الخنوع، ليزكو الثمر في بلاد الطهر والمكرمات.
اليوم أتيت ومعي أمك؛ لتعيد زغرودة اللقاء.. هو الانتماء يا ولدي، هذا النداء المؤمن النقي المبارك، الانتماء الى الوطن الى الأمة الى الهوية المزكاة بيقظة الزهو والربيع.. بعد ثلاث سنوات كربلائية، جئنا لنحتفي بهذا النداء المبارك الموشى بقناديل خضرة لا تذبل أبداً، ونحن ندرك تماماً أن الصوت نداء، والمدن شجر، والسنوات غصون تتدلى، ولهذا حين ينضج الزهو نقطف التواريخ أثمار نصرة مترعة بالعافية.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat