صفحة الكاتب : نعيم آل شريف

لم أكن حيا ، أو هكذا قررت ان أصبح ميتا ، لم اكترث لما سيحدث ، فقرار الموت بالنسبة لي احد الخيارات الجميلة لكي اغادر ما يسمى بالحياة ، كنت ارغب ان اكون غريبا في كل تفاصيل حياتي ، منذ اليوم الاول لوصول الحياة بقطار الزمن حدث ان حصل تماس كهربائي فأحرق البيت كله ، وبصعوبة بالغة اخرجوني من ركام الغرفة التي كادت ان تسقط عليّ بكل محتوياتها ، لكن أمي غادرت الحياة محترقة ، وقف ابي على جنازتها وهو ينظر لي بشيء من النحس ، ربما قال في نفسه :
-    الله يستر منك !
وبعد ان دخلت المدرسة الابتدائية .. في اليوم الأول علقوا قطعة سوداء تشير الى الموت في مدخل المدرسة ، لم أكن اعرف ماذا تعني هذه القطعة في بداية الامر ، لكن ابي اخبرني ان مدير المدرسة تعرض الى حادث اصطدام سيارته وغادر المدرسة والبيت والحياة الى الأبد ، ولم يكن الحال على ما يرام عندما قرروا ان يذهب والدي الى الحرب ، كان مستاء من فعل الموت الذي ينتظره هناك ، وكأن موعد الرحيل قد قرب تماما ، ولا اعرف فعلا لماذا كان ينظر لي نفس النظرات عندما وقف على جنازة أمي وكأنه يريد ان يكرر نفس العبارة في سره :
-    الله يستر منك !!
لم يودعني عندما غادر الى الحرب ، اكتفى بنظراته الغريبة ، ربما يريد ان يقول كل ما يحدث لبيتنا هو من جراء مجيئك الى بيتنا ، ولكنني لم أكن أملك القدرة على اتخاذ قرار بعدم المجيئ ، وربما وصل الى نتيجة ان الحرب التي قامت كانت احد الاسباب بقيامها ، واخذت تأكل الناس بفم واسع جدا .
لم يمض سوى اسبوع واحد حتى عاد أبي بساق واحدة ، لم أكن افهم لماذا عاد هكذا ، واين ترك ساقه الثانية ، لكنني مع الوقت عرفت انها بترت في الحرب ، لم يكن سوى لغم صغير كما كان يتحدث أبي لجميع الذين زاروه في البيت ، وظل هكذا ينظر الى بقايا ساقه المبتورة ويقابله بنظراته المتوجسة اليّ ، وأخذ يربط بتر الساق بمجيئ الى البيت الذي احترق كله وصار رمادا هو وأمي ، واخذت كلما ارى قطعة سوداء معلقة على جدران المدينة اشعر ان هذا الرجل أو المرأة ماتا بسببي ، واشعر ان ابي يطاردني بنظراته المخيفة ...
أكلت الحرب مئات الألاف في مدينتي ، كلهم راحوا بسببي ، تهدم بيت جارنا العتيق ومات صديقي غرقا في نهر المدينة وانتحرت إخلاص حرقا بعد ان اغرقت نفسها بمادة النفط لأنني أحببتها ليوم واحد فقط ، سمعت صياح النسوة الذي اجتاح شارعنا ، وعلمت انها انتحرت محترقة ، لم تكن تعرف بأنني احببتها ليوم واحد على الاطلاق ، لكنها فضلت الموت بهذه الطريقة على حبي لها ، ربما هو أهون من نظرات قلبي وخيال عقلي الذي راح يكتب قصة حب عظيمة كتب لها ان تحترق .
لم أكن حيا ، أو هكذا قررت ان اصبح ميتا ، اغلقت باب غرفتي بإحكام ، اعلنت عزلتي الأبدية علّ الموت يغادر المدينة ، أشعر بأن لعنتي ستتوقف عن خطاباتها المدمرة ، ولكنني عندما خرجت بعد سنة كاملة من اعتكافي في تلك الغرفة المحكمة الإغلاق لم أجد الشوارع والبيوت والدكاكين والناس ، لم اجد شيء يمكن ان أطلق عليه مدينة ، لحظتها فقط قررت أن أحيا من أجل ان انظفها من الركام الذي اجتاحها ، وأجلت قراري القديم أن اصبح ميتا الى إشعار آخر.

2007 دمشق

  
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نعيم آل شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/09/09


  أحدث مشاركات الكاتب :



كتابة تعليق لموضوع : الغراب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 15)


• (1) - كتب : علي عبد النبي البيروتي ، في 2011/09/19 .

مع محبتي اريد ان اروي لك طرفة جميلة .. كان احد المعلمين قد التقى بمجموعة من طلبته
وهو يحثهم عن توقعات الامتحانات وسبل النجاح واذا فجأة ودون سيطرة منه اخرج ريح بصوت .. المشكلة ان الجميع احترموا معلمهم ورفعوا عنه الحرج لااحد يتكلم في المسألة لااحد يبتسم وكانهم ماسمعوا شيئا .. لكن العيب في المعلم عاد ليقح مرة ويحشرج اخرى هنا قال له احد تلاميذه استاذ لقد ( ضرطت ) ورفعنا عنك الحرج وتصرفنا وكإننا لم نسمع شيئا لكن ان تجعلنا اغبياء وتمشي علينا فعلتك فذلك لايكون .. لقد ضرطت يا معلمي فلم تقح وتتحنحن ..



• (2) - كتب : احمد كنعان ، في 2011/09/17 .

النص جميل جدا ولكن يبدو لي أن المؤلف يتمتع بروح مسرحي عالي فلم لا تستغله أخي نعيم ومني لك هذا القول .. لو كتبت المسرح لحصدت الابداع جوائزا وكنت الأول بلا منازع

• (3) - كتب : جاسم الصافي ، في 2011/09/17 .

لقد ردّ الأخ نعيم الزيدي على كل متقول شكك يوما في ابداعه ومرة أخرى أقول مبدع العراق لن يُطب أبدا

• (4) - كتب : نعيم آل شريف ، في 2011/09/17 .

اصدقائي الرائعين
انا اعرف جيدا انا من يقف وراء هذا الموقع أدباء بمنتهى الروعة والابداع وهم عراقيون اصلاء ، لكنني فوجئت بتعليقات لم افمهمها اولا وثانيا لا اعرف ما علاقتها بقصتي اعلاه حقيقة .. من قبيل السلام على من اتبع الهدى او اسم ( ابو حسين ) ربما جاء هذا التعليق بالخطأ ، اتمنى ذلك ، و كلام عن جوائز وانا لم احصل على اية جائزة في حيات سوى جائزة محبة الجميع .
احبكم جميعا .. وانا عراقي اعيش الان في دمشق منذ سنوات طويلة مرغما او مضطرا . ولا اهتم كثيرا بالنشر على صفحات الانترنت بسبب صعوبات الحياة في سوريا التي اخذت اعمارنا كلها . وما اقسى ذلك ..
شكرا لكتابات في الميزان .. موقعنا الجميل والمهم ..

• (5) - كتب : حيدر ، في 2011/09/12 .

لقد وجدت أسم نعيم آل شريف بصعوبة بالغة على الشبكة العنكبويتة وهو مسجل بمنتدى العراق الدائم ومكتوب معلومة ان البلد للمشترك نعيم : المملكة العربية السعودية
وفي اسفل هذه القصة مكتوب دمشق 2007
هل هو سوري , سعودي .....؟
كيف يجيد اللهجة العراقية ؟



• (6) - كتب : شاهد ، في 2011/09/11 .

السلام على من اتبع السلام :

اخي ابو حسين .. يعني سويت الي براسك .. الم نتفق على ان تنسى .. الم اقول لك ان هذا الفعل الذي كلمتني عنه لا يليق بك .. لست اول من اتهم بالسرقة وها انا اقولها مجددا ولكنك اول من رد بهذه الطرق التي رفضتها انا يوم كانت مجرد اقتراح منك

• (7) - كتب : علي عبد النبي البيروتي ، في 2011/09/11 .

اصدقائي الاعزاء قصة الغراب فيها اشكالات كبيرة حيث رام صاحبها ان يعلق احدى اشكاليات التناص المقصود برقبة احد المبدعين اذ ادعى ان الدكتور مسلم بديري سرق منه احدى قصصه تحت تسمية اخرى وادعى انه احد الادباء السوريين وان نتاجه مجموعة شعر مطبوعة في بيروت .. اخوتي الاعزاء وار اد الكاتب الغراب ان يؤكد حضوره الوهمي فارسل قصة اخرى بعنوان الغراب والتي هي بين ايديكم .. تبين اخير ا انها من ابتكارت مريض ، يسمى حاصد للجوائز ..وانه من الاسماء الوهمية التي لاتمتلك اسما ولانتاجا ويمكن لنا محاورته لو اراد ان يكشف اللثام عن شخصيته ، المهم اننا نتكلم بعدما امتلكنا اكثر من دليل . سنبرزها لو شاطرنا جرأته .. والله يا اخي هذا عيب ولا يمكن ان يعد صاحب هذه العقلية المريضة من الادباء مستويات ثأر بطريقة مستهلكة .. لااملك لصديقنا المسرحي سوى ان اقول عيب .. لقد كشف الدكتور مسلم بديري عن تناصات مقصودة في مسرحياتك وما زال في جعبته الكثير لذلك ارى كان عليك ان تواجه التهمة بروح لطيفة هادئة لا ان تلجأ الى هذه الشغلات المريضة ليتقبل الجميع محبتي وانت معهم



• (8) - كتب : نعيم آل شريف ، في 2011/09/10 .

شكرا لكل الاحبة الذين علقوا على قصتي .. وهم في القلب .
كما اشكر الرائع ( حيدر ) الذي كتب ملاحظاته الجميلة ، فالنقد مساحة للجمال والمعرفة والاستفادة .. ومن هنا أود أن أوضح له :
من مشكلات القراءة اليوم عند البعض انهم ما زالوا يقرأون بنفس الاليات التي قرأوا فيها الآداب التقليدية التي ظلت محافظة على اشتراطاتها ومقاساتها ، وهكذا يجد هذا القراء ان اي خروج عن هذه الشروط يعد بمثابة التجديف بالمقدس ، واعني هنا ( الاشكال الابداعية القديمة ) ولم يستطع الاخ حيدر العزيز من استيعاب ان بطل قصتي يتحدث عن نفسه وهو في أول يوم من حياتي ، وهو يستوعب ان شخصيات ماركيز تطير من الارض وتحلق في السماء على سبيل المثال ، ويتحول بطل رواية المسخ لكافكا من انسان الى حشرة ، ويتحدث معنا بكونه حشرة ليس إلا ، ولا يستطيع قارئنا الفاضل ( حيدر ) ان يجد ان بطل قصتي المتواضعة يتحدث عن اول يوم ولادته ، بالرغم من أنه يتحدث الان وهو في عمر الشباب ، هذا يعني انه بالتأكيد قد سمع كل ما حصل له ، وهي قصة واقعية جدا .
اعتقد ان القارئ الان عليك عن يخرج من القوالب الجاهزة التي اعتاد عليها حت يستطيع ان يقرأ الواقع من خلال تلك النصوص قراءته الجديدة التي تضيف للعمل الابداعي اشياء كثيرة .
محبتي للجميع ودمتم لاخيكم

نعيم آل شريف


• (9) - كتب : تراب علي ، في 2011/09/10 .

بارك الله فيك عزيزي قصة جميلة شدتني احداثها
كثيرا تقبل مودتي ودعائي


• (10) - كتب : نعيم آل شريف ، في 2011/09/10 .

صديقي الرائع ناصر الياسري المحترم
محبتي لك
الغراب اشارة عراقية للشؤوم ، فكلما يسمع الناس صوت الغراب يعتقدون ان شيئا مأساويا سيحدث .. وهي هنا في القصة اشارة رمزية للشخضية الرئيسة فيها .. فقط ارد توضيح ذلك لك . مع مودتي لك

• (11) - كتب : حيدر ، في 2011/09/10 .

لا اعرف كيف يكون الراوي عمره يوم واحد ويستطيع ان يقول :-1
منذ اليوم الاول لوصول الحياة بقطار الزمن حدث ان حصل تماس كهربائي فأحرق البيت كله ، وبصعوبة بالغة اخرجوني من ركام الغرفة التي كادت ان تسقط عليّ بكل محتوياتها ، لكن أمي غادرت الحياة محترقة ، وقف ابي على جنازتها وهو ينظر لي بشيء من النحس ، ربما قال في نفسه :
- الله يستر منك !
2- وبعد ان دخلت المدرسة الابتدائية .. في اليوم الأول علقوا قطعة سوداء تشير الى الموت في مدخل المدرسة ، لم أكن اعرف ماذا تعني هذه القطعة
..... اذن كيف عرف انها تشير الى الموت وبنفس الوقت لم يكن يعرف ماذا تعني ..؟
3- يمض سوى اسبوع واحد حتى عاد أبي بساق واحدة ، لم أكن افهم لماذا عاد هكذا ، واين ترك ساقه الثانية
الراوي الان بعمر الابتدائي ان لم يكن أكبر ولا يعرف معنى ان الساق بُترت ؟!
4- لا أعرف هل النص قصة أم مقال أم سولافة ....؟


• (12) - كتب : حيدر ، في 2011/09/10 .

لا اعرف كيف يكون الراوي عمره يوم واحد ويستطيع ان يقول :-1
منذ اليوم الاول لوصول الحياة بقطار الزمن حدث ان حصل تماس كهربائي فأحرق البيت كله ، وبصعوبة بالغة اخرجوني من ركام الغرفة التي كادت ان تسقط عليّ بكل محتوياتها ، لكن أمي غادرت الحياة محترقة ، وقف ابي على جنازتها وهو ينظر لي بشيء من النحس ، ربما قال في نفسه :
- الله يستر منك !
2- وبعد ان دخلت المدرسة الابتدائية .. في اليوم الأول علقوا قطعة سوداء تشير الى الموت في مدخل المدرسة ، لم أكن اعرف ماذا تعني هذه القطعة
..... اذن كيف عرف انها تشير الى الموت وبنفس الوقت لم يكن يعرف ماذا تعني ..؟
3- يمض سوى اسبوع واحد حتى عاد أبي بساق واحدة ، لم أكن افهم لماذا عاد هكذا ، واين ترك ساقه الثانية
الراوي الان بعمر الابتدائي ان لم يكن أكبر ولا يعرف معنى ان الساق بُترت ؟!
4- لا أعرف هل النص قصة أم مقال أم سولافة ....؟


• (13) - كتب : ناصر الياسري ، في 2011/09/10 .

لم افهم علاقة الغراب بالقصة

• (14) - كتب : علي ليث ، في 2011/09/09 .

بورك قلم المبدع نعيم وهو يخط الابداع افقا ممتدا

• (15) - كتب : علي ليث ، في 2011/09/09 .

بورك قلم المبدع نعيم وهو يخط الابداع افقا ممتدا




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net