صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

مقامات الأربعاء "6" المقامة السادسة
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

حدثنا يحيى بن حيان وقال: المحبة برهان السعادة , وأكليل القوة والسيادة , وبها تزدهر الأوطان , ويشعر الإنسان بقيمة الإنسان , وبالمحبة يسود الأمن والأمان , والمحبة جوهرة مخزونة , فأطلقوا درركم المكنونة , فالحياة قلادة جمان  وأيقونة.

وربنا خلقنا من سلاّف المحبة  , ومن صلصالٍ طاهرٍ جميل , وأجرى أنهار الوداد بين خلقه الطيبين.

"....وجعل بينكم مودةً ورحمة , إنّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكرون" الروم : 21

والمحبة نفحة نور يلقيها الله في قلوب عباده الصالحين , الذين ينيرون الأرض بوهجها الفياض وأشعتها الدافئة السنية الأضواء.

؟...وألقيت عليك محبة مني" طه: 129

والمحبة تقرن بالإيمان , فالمؤمن يحب ربه ورسله وما أنزله على الأجيال البشرية , التي تسعى كأنها أمواج النهر المتوافدة.

"...والذين آمنوا أشد حبا لله..." البقرة: 165

وفي الحديث : 

"والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا , ولا تؤمنوا حتى تحابوا"

"رأس العقل بعد الإيمان بالله التودد إلى الناس..."

ويقول علي بن أبي طالب:

"أحبب لغيرك ما تحبّ لنفسك واكره له ما تكره لها"

فالمحبة خلاصة الفضائل ومستودعها , وتبدأ بحب الخالق العظيم , والخير والعمل الذي يُسعد الإنسان , وهي حب لا محدود ولا مشروط , وتشير إلى العلاقة المعطاء الخالصة , والإرادة الضامة الماحصة , والمحبة صوت جميل , ونماء أثيل , ونداء روحٍ أصيل , فتجشموا عناء العمل بها , والتغني بألحانها والتنعم بأثمارها.

فما أعذب جداول المحبة وأرق مياه ينابيعها المتدفقة من قلوب الخلق المتصافية , فتحابوا وتراحموا إن أعظمكم إيمانا وإنتماءً لعين اليقين , هم المتحابون الخالصون في محبتهم والذين بتراحمهم وتواددهم ينعمون.

وقال يحيى بن حيان: المجتمعات المتحابة قوية والمتباغضة ضعيفة , فالمحبة إقتدار والتباغض إنكسار , والعدو الذي يريد النيل من أي مجتمع يبث فيه روح الكراهية النكراء , ليصول عليه ويقضي عليه بضربة ٍ نجلاء , وكم من الشعوب تمزقت وتفتت وتحولت إلى فرائس للمعتدين على مصيرها , والأمثلة حية في مجتمعاتنا , وعلينا أن نتدارك أوضاعنا قبل أن يمعن المفترسون بنا نهشا وتبضيعا وفرسا.

وأضاف: المحبة طاقة معروف , وإرادة تواصل إنساني وإرتقاء حضاري , تتوهج في دروب الإنسانية  , وتتفاعل مفرداتها الرحبة ,  لتشمل معطيات الحياة كافة , وتساهم بتنويرها بالفضيلة والقدرة على الصلاح والسلام والوئام , والأخوّة والتفاني في صناعة السعادة الإجتماعية والوطنية , وإدامة ربيع البشرية الزاهي المزدهر بالآمال والتطلعات الجميلة السامية.

ومضى يحيى بن حيان قائلا: المحبة قوة التعبير عن الإنسانية , ومنتهى الإنسجام مع الرحمان الرحيم , والإدراك الحقيقي لمعاني العبودية والوحدانية , وصدق الإيمان والإنتماء إلى خالق الأكوان , العزيز المقتدر المنّان.

المحبة فيض إشراق الإنسان بقلب الإنسان , ووهج الرجاء المنير في دنياه , وبدر التآخي والتبرك بالنعمة والصفاء الخالص المنسكب بطاقة الوداد والحنان.

والمحبة جوهر العقائد السماوية ونورالأديان.

فارفعوا رايات المحبة , وشمروا عن سواعد التوادد والتراحم والتعاضد والإعتصام بمصالحكم , وبديهيات بقائكم ومنطلقات عزكم وكرامتكم , فالمجتمعات بما فيها تكون , وما يتوطنها يبني له واقعا جميلا أو تنورا تنسجر فيه , وتكون رمادا في جعبة الخسران.

"فليحب بعضكم بعضا"

و"القلب المحب يسع الدنيا"

"وبحسن المعاشرة تدوم المحبة"

فهل ستكون المحبة تاج وجودنا , وعرش مسيرتنا في مملكة الإنسان , علينا أن نتساءل قبل فوات الأوان , وقد تضابحت من حولنا الأكوان؟!!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/05/10



كتابة تعليق لموضوع : مقامات الأربعاء "6" المقامة السادسة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net