ظواهر الإنسان والمجتمع لا حدود لها، وأنا أتأمّل ظاهرة الاستذكار أرى عجائب الملك التي لا نقف عليها إلاّ إذا استحضرنا تعقيدات الواقع التي لا مجال لاستيعابها إلاّ بواسطة الخيال والاحتمال. إنّ التبسيط الذي يسخر من الواقع والدماغ البشري هو نموذج الثقافة التي ستنحدر بالنوع إلى حافّة الدهشة المستدامة واللاّأدرية..إنّ فلسفات كبرى قامت على أساس الاستذكار، وكأنّنا بصدد إعادة سيناريوهات رسمت سابقا ليس أمامنا إلاّ إعادة تمثّلها في شكل من العود الأبدي..أفتراك تعتقد أنّني سأنظر إلى ذلك بمنظار القطائع المتوحّشة التي حوّلت خرائط المعرفة إلى مجال للتّعسف والانسداد؟ لا تنتظر ذلك من عبر-مناهجي هو مع المناهج وفوقها في آن..إنّ التفسير الذي أراه مناسبا لمن يرى نفسه يتمثل حكاية قديمة ولكن لا يدري بالتحديد كيف وأين، إن هو إلاّ أمر يرتبط ببنية الدماغ وطريقته في العمل. إنّ صورا كثيرة ينسجها الخيال مسبقا ويتحرك الدماغ باتجاه العمل على صياغة ملايين بل أكثر من الصور التي لا يستذكرها الدماغ إلا مع وجود النظير..هذا النظير المثير ليس بالضرورة أن يكون محل تشابه من كل الجهات، بل يقدح ما هو أقرب إليه من أرشيف مسبق من الكليشهات التي يصنعها الدماغ تحت إشراف الخيال..الدماغ مشحون بصور وتناقضات يستدعيها عند الحوادث والوقائع..ينطوي الكون بكل صوره في هذا الجرم الصغير الذي يفوق الواقع بالكثير من الصور..عادة ما تأتي دهشة العالم من تحقق صور تائهة في خياله في واقع يعتقد أنّه عصيّ عن أن يصبح يوما مجالا لتحقق الصور.. الإنسان في خياله يعيش كل العصور ولكنه ينسى تحت طائلة واقع ضاغط وموحي بالتبسيط..يعتقد الكائن أن هناك فقط أوهاما مصدرها الخيال ولكنه لا يلتفت إلى أوهام الواقع وتحريفاته وخرائفه..أحيانا يعتدي الواقع على الخيال بأوهامه المبسطة وينتهي بسلب الإنسان غناه الخيالي لصالح التبسيط وفقر الخيال، وهو ما يشكل تهديدا للعقل نفسه، لأنّ العقل وهو يشتغل تحت شروط الخيال ينتج أكثر مما يشتغل تحت شروط أوهام الواقع وتبسيطاته، وهو ما أدى إلى ضرب من الأداتية التي حولت العقل إلى آلة مجردة عن كل مهاراتها التي تكسبها ذكاء خلاقا لصالح واقع مهزوم ومفتقر للصور..
وهكذا أريد أن أخلص إلى قضية أساسية هي من أهم ما يجود به الخيال لكائن خيالي يخضع كل فعالياته النظرية والعملية للخيال..أعني أنّ لدى الإنسان ذاكرتين: ذاكرة للماضي وهي تحصيل حاصل، وذاكرة المستقبل وهي التي لم ترصد باعتبار أنّ الذاكرة هي مجرد استذكار عند البعض لحوادث الماضي ولكن لا أحد فكّر طبقا لفيزياء الخيال بأنّ فكرة الزمن بالنسبة للذاكرة لها شأن آخر، فالماضي قد يسبق إلى المستقبل كما يولد المستقبل في الماضي..سفر الذاكرة في محيط الزمن لا تتحدّد بفيزياء الزمن التقليدي بل بفيزياء الزمن الجديدة، ما بعد نسبية الزمن والذاكرة والقوى والطاقة والمجال..إذا كان شأن المادة أن تسافر في الزمن فكيف بالذّاكرة..تذكّر أنّك في يوم ما ستبرهن على مستقبك بماضيك كما تصحح ماضيك بمستقبلك..غدا ستنتهي مهنة المؤرّخ وستتوقف لعبة تحريف التّاريخ أو الكذب على المستقبل..
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
ظواهر الإنسان والمجتمع لا حدود لها، وأنا أتأمّل ظاهرة الاستذكار أرى عجائب الملك التي لا نقف عليها إلاّ إذا استحضرنا تعقيدات الواقع التي لا مجال لاستيعابها إلاّ بواسطة الخيال والاحتمال. إنّ التبسيط الذي يسخر من الواقع والدماغ البشري هو نموذج الثقافة التي ستنحدر بالنوع إلى حافّة الدهشة المستدامة واللاّأدرية..إنّ فلسفات كبرى قامت على أساس الاستذكار، وكأنّنا بصدد إعادة سيناريوهات رسمت سابقا ليس أمامنا إلاّ إعادة تمثّلها في شكل من العود الأبدي..أفتراك تعتقد أنّني سأنظر إلى ذلك بمنظار القطائع المتوحّشة التي حوّلت خرائط المعرفة إلى مجال للتّعسف والانسداد؟ لا تنتظر ذلك من عبر-مناهجي هو مع المناهج وفوقها في آن..إنّ التفسير الذي أراه مناسبا لمن يرى نفسه يتمثل حكاية قديمة ولكن لا يدري بالتحديد كيف وأين، إن هو إلاّ أمر يرتبط ببنية الدماغ وطريقته في العمل. إنّ صورا كثيرة ينسجها الخيال مسبقا ويتحرك الدماغ باتجاه العمل على صياغة ملايين بل أكثر من الصور التي لا يستذكرها الدماغ إلا مع وجود النظير..هذا النظير المثير ليس بالضرورة أن يكون محل تشابه من كل الجهات، بل يقدح ما هو أقرب إليه من أرشيف مسبق من الكليشهات التي يصنعها الدماغ تحت إشراف الخيال..الدماغ مشحون بصور وتناقضات يستدعيها عند الحوادث والوقائع..ينطوي الكون بكل صوره في هذا الجرم الصغير الذي يفوق الواقع بالكثير من الصور..عادة ما تأتي دهشة العالم من تحقق صور تائهة في خياله في واقع يعتقد أنّه عصيّ عن أن يصبح يوما مجالا لتحقق الصور.. الإنسان في خياله يعيش كل العصور ولكنه ينسى تحت طائلة واقع ضاغط وموحي بالتبسيط..يعتقد الكائن أن هناك فقط أوهاما مصدرها الخيال ولكنه لا يلتفت إلى أوهام الواقع وتحريفاته وخرائفه..أحيانا يعتدي الواقع على الخيال بأوهامه المبسطة وينتهي بسلب الإنسان غناه الخيالي لصالح التبسيط وفقر الخيال، وهو ما يشكل تهديدا للعقل نفسه، لأنّ العقل وهو يشتغل تحت شروط الخيال ينتج أكثر مما يشتغل تحت شروط أوهام الواقع وتبسيطاته، وهو ما أدى إلى ضرب من الأداتية التي حولت العقل إلى آلة مجردة عن كل مهاراتها التي تكسبها ذكاء خلاقا لصالح واقع مهزوم ومفتقر للصور..
وهكذا أريد أن أخلص إلى قضية أساسية هي من أهم ما يجود به الخيال لكائن خيالي يخضع كل فعالياته النظرية والعملية للخيال..أعني أنّ لدى الإنسان ذاكرتين: ذاكرة للماضي وهي تحصيل حاصل، وذاكرة المستقبل وهي التي لم ترصد باعتبار أنّ الذاكرة هي مجرد استذكار عند البعض لحوادث الماضي ولكن لا أحد فكّر طبقا لفيزياء الخيال بأنّ فكرة الزمن بالنسبة للذاكرة لها شأن آخر، فالماضي قد يسبق إلى المستقبل كما يولد المستقبل في الماضي..سفر الذاكرة في محيط الزمن لا تتحدّد بفيزياء الزمن التقليدي بل بفيزياء الزمن الجديدة، ما بعد نسبية الزمن والذاكرة والقوى والطاقة والمجال..إذا كان شأن المادة أن تسافر في الزمن فكيف بالذّاكرة..تذكّر أنّك في يوم ما ستبرهن على مستقبك بماضيك كما تصحح ماضيك بمستقبلك..غدا ستنتهي مهنة المؤرّخ وستتوقف لعبة تحريف التّاريخ أو الكذب على المستقبل..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat