صفحة الكاتب : مير ئاكره يي

الغصب في الاسلام وقضية غصب كوردستان-الجزء الثالث
مير ئاكره يي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
4-/ الغصب في القرآن الكريم : 
________________ 
لقد أكد القرآن الحكيم على تحريم الغصب تحريما قاطعا ، وبجميع أنواعه وألوانه ، وانه جعل الغصب في عداد الذنوب الكبرى على المستوى الديني ، وعلى المستوى الحقوقي والشرعي والانساني فقد جعله في دائرة الجنايات العظمى . فمن الناحية الأولى إعتبر القرآن الغصب ، أو الاحتلال بالمفهوم المعاصر لحُرُمات الشعوب وحقوقها جريمة كبرى يعاقب عليها الغاصب ، أو الغاصبون في الدنيا وفق أحكام وقرارات واضحة ومحددة ، أما في الآخرة فحسابهم عند الله سبحانه وتعالى عسير ! . 
يقول القرآن عن الغصب : { أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها * وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا } ( 23 ) . وفي حكمين آخرين يأمر القرآن الناس فينهاهم بعدم غمط حقوقهم بينهم بالباطل والعدوان . والغصب بمعناه العام هو وضع اليد عنوة وقهرا على أموال الغير وحقوقه وثرواته وسيادته والاستيلاء عليها بالقوة ، ثم التصرف فيها بغير إرادته . وبهذه الوسيلة الجائرة يتم حجب يده الذي وقع تحت طائلة الغصب وإرادته عنها ، أي إن الغاصب يحجب يد وإرادة المالك الأصلي عن حقوقه وأمواله وثرواته . يقول القرآن الكريم : { ولاتأكلوا أموالكم بالباطل وتدلوا بها الى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون } ( 24 ) . 
تفسير الآية : يُحَذِّر الله تعالى الناس بعدم تجاوز بعضهم على بعض في الأموال والثروات ، أو أكلها والتصرف فيها بالحرام ، أو الاستيلاء عليها بطريق غير مشروعة أخرى كرشوة الحكام ، أو غيرها من الطرق المحرمة ، وهو يعلم ان تلك الحقوق والأموال ليست له . والأمر الملفت للنظر هنا هو إن هذه الآية قد وردت بعد آيات فريضة الصيام . وذلك لإشعار الناس وتنبيههم وتعليمهم على ان الهدف من الصيام ليس فقط الإمتناع عن الطعام والشراب ، بل إن معناه الأهم هو كبح الجوارح عن التجاوزات والإمتناع عن غمط الحقوق وأكل الحرام ، أو العدوان على الناس في حقوقهم وأراضيهم وكرامتهم ! . 
وفي سياق آخر يقول القرآن :{ ياأيها الذين آمنوا لاتأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلاّ أن تكون تجارة عن تراض منكم } ( 25 ) . 
التفسير : كما يبدو واضحا فالآية هنا تخاطب المؤمنين بألاّ يأكل بعضهم أموال البعض الآخر بالحرام والباطل ، مثل حالات الربا والخديعة والغصب والسرقة وغيرها إلاّ ماكان بطرق مشروعة ومَرْضية لدى الطرفان كالتجارة وفروعها . 
مثلما رأينا فالقرآن قرر بأن أموال الناس ، ممتلكاتهم ، أراضيهم ، ثرواتهم وخيراتهم وحقوقهم مُصانة ومُحرّمة على الانتهاك والتجاوز . وقد حذّر الله سبحانه الناس كثيرا من أكل أموال بعضهم البعض بالحرام والخديعة والغدر ، أو عن طريق الاستيلاء عليها بالقوة والعنف ، أو أيّ طريق غير مشروعة أخرى . حتى ان التجارة والمعاملات والمشاريع التجارية بين الناس كأفراد ، أو كدول وشعوب فيما بينهم ينبغي أن تكون بالتراضي وضمن أطر وشروط عادلة . بالاضافة فلاسلام يحرم فرض نوع معين من التجارة مِنْ قِبَل جماعة على جماعة أخرى بالضغط والإكراه مستغلة في ذلك نفوذها وقوتها ! . 
على هذا الأساس ، وكما عُرِّف الغصب آنفا لغة وشرعا هو الظلم والعدوان والتجاوز على حقوق الآخرين ، أو ضبطها والتصرف فيها بحسب مصالحهم ومنافعهم . لهذا فقد تحدث القرآن الكريم عن الظلم والظالمين وعن الباغين والمعتدين على حدود الله تعالى وأحكامه ، وعلى حقوق النس وكرامتهم في أكثر من ( 290 ) آية . بل إن القرآن إعتبر أن حقوق الناس وكرامتهم وأرضيهم وأموالهم وسيادتهم هي خطوط حمر ممنوعة من التجاوز ، مضافا انها حدود الله سبحانه وأحكامه التي يُحَرّم إنتهاكها ! .  

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مير ئاكره يي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/09/02



كتابة تعليق لموضوع : الغصب في الاسلام وقضية غصب كوردستان-الجزء الثالث
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net