صفحة الكاتب : د . طلال فائق الكمالي

قبسات قرآنية: الحلقة 3
د . طلال فائق الكمالي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قال تعالى: \"مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ\" 

كثير ما استوقفتني هذه الآية متأملاً بها وبدلالتها، إذ اجدها تنتهي إلى معادلة لا تقبل الاجتهاد والرأي حالها حال العلم البدهي أو الضروري الذي لا يفتقر للتفكير والنظر، إذ يمكننا أن سلط الضوء على بعض نفحات الآية المباركة وقبسها على النحو الآتي:

1- المراد من \"الْعِزَّةُ\" الصلابة وصعوبة المنال، إذ هي من اختصاص الله تعالى كما هو واضح من مدلول الآية وسياقها.

2- صحيح أن الآية تحدد أن العزة من اختصاص الله تعالى بيد أن الله يمنحها لعبادة المخلصين من المؤمنين بدليل قوله تعالى: \"وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ\".

3- الآية تسلط الضوء على بيان مصداق فيض الله تعالى لعزته على المؤمنين، ومسوغات ذلك عبر التمسك بالمعادلة الإلهية التي تعرضها الآية نفسها.

4- الآية تتحدث عن حقيقة (المعادلة الإلهية) في حتمية التلازم بين الجانب النظري والعملي وقوة تماسكهما وترابطهما.

5- \"الْكَلِمُ الطَّيِّبُ\" يراد منه الجانب النظري من المعادلة، أي ثبات القيم والمبادئ المستوحاة من يقين المعارف.

6- ذُكرت آراء متعددة عن تفسير \"الْكَلِمُ الطَّيِّبُ\" منها: أن الكلمة الطيبة تعني العقائد الحقة وعلى رأسها التوحيد، وقال آخرون هي كلمةُ التوحيد أي (لا إله إلا الله والله أكبر ) أو كلمة التسبيح والتحميد التهليل (سبحان والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر) أو كلمة (تبارك الله)، وذهب بعضهم إلى أنَّ المقصود منها هي الرسالة المحمدية أو الإسلامية وغيرها من الآراء التي تصب في مصب واحد وهو الاعتقادات الحقة.

7- ما اشارت إليه الآية في صعود \"الْكَلِمُ الطَّيِّبُ\" إلى الله جل شأنه هو كناية عن قبوله سبحانه للعقائد السليمة والمعارف الحقة.

8- إن عملية صعود \"الْكَلِمُ الطَّيِّبُ\" إلى الله تعالى تفتقر لآليات الصعود ومنها (قانون الرفع). 

9- إن عملية رفع \"الْكَلِمُ الطَّيِّبُ\" إلى السماء بغية إتمام قبولها من الله تعالى تفتقر إلى إرادة وعزم ليكون من قبيل الكفيل لعملية الرفع.

10- يُعد (الجانب العملي) من المعادلة بمثابة ألية الرفع، إذ صرحت به الآية المباركة بـ\"الْعَمَلُ الصَّالِحُ\".

11- لغرض رفع \"الْكَلِمُ الطَّيِّبُ\" إلى الله تعالى يجب أن يقترن العمل المطابق للواقع الطيب من الاعتقادات وذلك لعودة ضمير \"إِلَيْهِ\" من قوله تعالى \"إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ\" إلى الله عزَّ وجلَّ، 

فصفوة القول: ننتهي لوجوب اقتران الإيمان بالعمل الصالح المطابق للواقع، فكل عمل خلاف تلك المعادلة الربانية يستدعي رفض السماء إليه، أي عدم قبول الاعتقادات المجردة من دون العمل حتى ولو كانت سليمة. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . طلال فائق الكمالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/03/17



كتابة تعليق لموضوع : قبسات قرآنية: الحلقة 3
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : مهند العيساوي ، في 2017/03/18 .

احسنت دكتور ونسال الله لكم التوفيق دائما




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net