صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

قرن الكذب الفتاك!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
القرن الواحد والعشرون أعلن ومنذ البدء أنه قرن الكذب الفتاك , فمنذ الأيام الأخيرة من القرن العشرين وحتى الساعات المتبقية منه , مضت البشرية تحت تصورات كاذبة بأن شيئا مروعا سيحصل حال إبتداء القرن الجديد , وكانت الساعة الأخيرة من القرن العشرين ذات قلق شديد وترقب وتوجس وإضطراب , وأذكر تلك الليلة التي كنت خافرا فيها ومتأهبا للطوارئ حيث تم إعدادنا وتأهيلنا لمواجهتها.
وكان معي أستاذ آخر مضى يردد "إنه يوم كغيره من الأيام"!!
وتساءلنا في الساعات الأولى للقرن الجديد عن فحوى الإستعدادات والرعب الذي تملّك القلوب والنفوس , فقال: إن الكذب سلطان!!
وفعلا كان يوما كباقي الأيام , لكن القرن ومنذ خطواته الأولى لم يكن المطلوب منه أن يكون كباقي القرون , لما إمتلكته البشرية من قدرات تقنية وعلمية غير مسبوقة , فالتقنيات التواصلية قد بلغت ذروتها في التأثير على عقول ونفوس البشر.
وصارت هذه الوسائل أوساطا متاحة لصناعة الكذب الفتاك في الأمم والشعوب , وبدأ القرن بما بدأ به من الأحداث الجسيمة , التي تولدت عنها أحداث أجسم وأفظع , ولا تزال في تصاعدها وتطوراتها التدميرية الفائقة , وخصوصا في المنطقة العربية التي شهدت أول تعبير عن الكذب الفتاك.
فقد كان إحتلال العراق مبنيا على أكاذيب وفبركات تم وضعها في أطر سياسية وعدوانية لتدمير البلد عن بكرة أبيه , وبعد أن إنكشفت الفرية  , تحقق الإجتهاد في الإلتفاف عليها وذلك بإقامة الديمقراطية وإطلاقها في المنطقة , وبذلك رفع شعار تعميم تجربة العراق على المنطقة بأسرها , وقد تحقق ذلك بدقة متناهية وقدرات خلاقة.
ووفقا لآليات الكذب وقدرات تعميم الأكاذيب والإشاعات تمزقت دول وتساقطت أنظمة , وإنطلقت الحروب الداخلية وصار الدين مصدرا للبلاء والفناء , ولا تزال إسطوانات الكذب الفتاك تعزف ألحانها وتجد العديد من المساكين الذين يستمعون إليها , ويطربون ويتراقصون حتى الموت على إيقاعاتها الصاخبة المدججة بالعواطف والإنفعالات المتأججة.
وتجدنا اليوم أمام محنة الكذب كسلوك يومي على جميع المستويات الفردية والجماعية والدولية , وحتى في باحات الأمم المتحدة تحوّل الكذب إلى أدلة وبراهين , لتسويغ الجرائم والحروب والتدمير الهائل للعمران والإنسان.
فلكي تقوم بأفظع الجرائم , عليك بالكذب ثم الكذب حتى يصدقك الآخرون ويكونون معك , فيؤيدون جرائمك ويهللون لما تقوم به , لأنه قد إتخذ مسمى آخر , ومعنى جدير بما تقوم به من الآثام , فلكي تقتل عليك أن تُسمي وتنقل صورة ذات طاقات إنفعالية عالية , وبذلك يمكنك أن تبيد الملايين تحت ذاك المسمى , وهكذا ستمضي جرائم هذا القرن المتوج بالأكاذيب الخلاقة جدا والفتاكة دوما!!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/02/24



كتابة تعليق لموضوع : قرن الكذب الفتاك!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net