عندما تصبح العشوائية نظاما !
د . ماجد اسد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . ماجد اسد

لماذا تنبت الشجرة بجوار الاخرى ولماذا يتكون البستان من الاشجار و الورود و الغابة من مجموع البساتين ...؟ ولماذا لم نرى نحلة لا تعمل الا ضمن عمل نظام خليتها ولم نرى طيرا ينفصل عن سربه او سمكة تعتزل و تعيش منفصلة عن زمرتها ؟
و الانسان هو الاخر كما جاء في كلمات الحكماء ليس اكثر من ( حيوان اجتماعي / سياسي ) فهو اقدم من وثب من عالم ( الحيوان ) نحو المجتمعات المعرفية ، فصاغ لغة للتعارف و علامات للحوار و التعمير و المؤانسة و المودة ، و السلام ! كي لا يشذ عن باقي المخلوقات الحية بل ولا حتى عندالفلزات و الاشياء : فعناصر الحديد تتجمع لتكون هذا العنصر مثلما العناصر الاخرى .. و عندما يحدث المزج او الخلط او التركيب فان المعادلة ستأخذ نظاما ما يفضي الى تكون عناصر جديدة و هو الامر ذاته عندما يلتقي الافراد و عندما تلتقي الشعوب بعضها بالبعض الاخر .. فانها لا ترغب ان تزداد عزلة و مقاطعة و صراعات الى ابد الابدين ! بل لتتعارف ضمن القانون العام الذي يشمل الاشياء و النبات و البشر في تحولهم الى كائنات وحدها تدرك انها مسؤولة عن مصيرها !
هذه ليست موعظة ! في عالم يزدحم بالمواعظ حيث تطالعنا في الاوقات كافة عبر وسائل الاتصال التي اخترقت الجدران ، و المحرمات و توغلت بعيدا في حياة الناس لتؤثر في صناعة الاراء و الافكار لدرجة اننا بحاجة الى من يضع فواصلا بين الاشاعة و الحقيقة و بين الاغراء و الدعاية و بين الباطل و الحق و بين المثلث و الدائرة .. الخ
الكرة الارضية بكل بحارها و صحاريها و جبالها و انهارها و حقولها و مدنها و محيطاتها عندما نحدد موقعها في المجرة - ومجرتنا بالمناسبة بين المجرات لا تكاد تبدو اكبر من حبة قمح في بيدر - لا تظهر اكثر من ذرة رمل في كوكب كالمريخ !
لكن المواعظ تتراكم و خطابات المشتغلين بالحديث عن انقاذ البشرية من ....(؟) لا تحصى ... حتى انك لا تجد من يقول : ما الغاية من هذا كله .... و البشرية بحسب الاحصاءات المعلنة تسير نحو نهاية لن ينجو منها احد !
-التلوث الشامل للارض برمتها / ارتفاع درجات الحرارة مليار انسان تحت خط الفقر / حروب باردة تقود الى اخرى ساخنة و ساخنة تقود الى الخراب و الى المحو / ملايين الايتام و الارامل و العجزة و العاطلين عن العمل / امراض يستحدثها التقدم / ضعف مناعة العناصر و ضعف مناعة ترافق البشر و النبات و الحيوان / زحف الصحارى و خطر طوفانات ذوبان المحيطات المتجمدة / استهلاك بلا حدود للموارد / و ثروات تتراكم / و فقراء يزدادون فقرا / خامات في طريقها الى النفاد ... الخ
اعود اتساءل : هل ثمة حكمة غائبة تدفع بعض البشر الى هذا المشهد حكمة مضادة للحكمة و لمصائرنا جمعاء لتجعل الفوضى قانونا و القانون وهما او عمله زائفة للتداول ام لم يعد للحكماء الا هذا الصوت الخفيض الذي نستمع اليه هنا وهناك من غير كلل وملل ! ان ما يصنعه الانسان ليس هو المستحيل الذي يبحث عنه وليس هو ما حصل عليه وليس هو ما فقده بل الذي لا وجود له الا وقد غدا بانتظار من يعيد اليه سر الحكمة و رفيف الامل !
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat