ميسان – عبدالحسين بريسم
صدر للشاعر ماجد الحسن مجموعته الشعرية أين سيهبط بنا هذا الدخان عن المركز الثقافي للطباعة والنشر بابل - دمشق – القاهرة المجموعة جاءت بـ 123 صفحة من القطع المتوسط ضمت (50) نصا شعريا تمركزت حول معاناة الذات الانسانية وحضورها وهي تواجه وقائع انسانية متشابكة، كما انها استطاعت ان تحقق تنوعا من حيث البناء أو اللغة والتي تميزت بإيجازها وتكثيفها، يحاول الشاعر في هذه المجموعة الاستمرار في تحديث مشروعه الشعري من خلال قصيدة النثر
وتاتي هذه المجموعة بعدما اصدر الشاعر عده كتب بين الشعر والنقد ومنها أول الفجيعة الرأس شعر، اتحاد الادباء والكتاب في ميسان 1998 ــ خيول مشاكسة شعر دار الشؤون الثقافية وزارة الثقافة بغداد 1999 ــ البنية المكانية قراءة في شعر عيسى حسن الياسري مركز الامام الصادق (ع) رابطة أدب نقد ميسان 2008. ــ لا أريده صعودا شعر دار الشؤون الثقافية وزارة الثقافة بغداد 2010. ــ تجليات النص مسارات تأملية في سؤال الذات المركز العلمي العراقي، طباعة ونشر وتوزيع مكتبة البصائر، بيروت 2014.
حينما سالت ماجد الحسن ماذا يريد من الشعر في هذه المجموعة وما تقدم من مجامعيه الشعرية قال - اريد منه ان يسعى للكشف عن الحقيقة ، وهذا الأمر هو الذي يشكل امتياز الشعر في لعبة الإبداع ، فهو يزدهر إذا ما حاول المسك بجمرة الحقيقة من أتون الوقائع , وتلك المحاولة تدفعه لارتياد آفاق تعبيرية جديدة تفرضها التجربة على الشاعر وفي حدود تصادماتها المستمرة، من هنا لا بد للتجربة الشعرية أن تكون في تقاطع مستمر مع الوقائع أو بشكل أدق انقلاب عليها, وهذا الانقلاب يصل بالشاعر (للكشف) مما يولّد الانفصال المطلوب بين استدعاء الواقعة كما هي أو الكشف عن حقائقها، واضاف الحسن عن المعنى الشعري - إن إحلال المعنى الشعري محل ( الواقعة) هو الطريق الأعمق للشاعر، أما غيره سيوقع الشاعر في (النمطية) التي هي تكرار للواقع دون اكتشافه، وهنا تكمن خطورة المعنى الشعري الذي هو بحد ذاته معنى ثقافي تكمن خلفه الروابط الوثيقة بين الواقع بكل تجلياته وحقائقه وخضوعه للكشف الشعري، وهو كشف من شأنه البحث في الجذور التي عن طريقها نفهم الحياة والشعر تشكل الفلسفة في منجز الحسن الشعري القاسم المشترك في اغلب قصائده في – اين سيهبط بنا هذا البدخان – فقلت له ذلك فاجاب ـ إن الشعر في رؤاه يترجم المعطيات الفكرية، مثلما تلك المعطيات تفصح عن المنطلقات الشعرية وكلاهما (الشعر والفلسفة) يخبرانا عن الإنسان ويسعيان لكشف عوالمه، فإن المحور الأساس في كل هذه المحاولات هو الإنسان وملاحظة حقيقته والتمسك بمرتكزاته فإن الشعر عادة ما يشير إلى تحولات الفلسفة التي تخضع بطبيعة الحال إلى قواعد الخطاب والنسق الذي يجترحها، لذلك يرقى الشعر بالمنظومة اللغوية إلى الاشتغال الفلسفي وإن تلك الرؤية هي الشرط الأساس لإخراج الإنسان بهمومه وتطلعاته ورؤاه إلى عالم الوجود المتعين، وبذلك نرى الشعر يتآلف والطرح الفلسفي وعن طريقه يمكن لنا استيعاب وفهم الخطاب الإنساني، إن الأفكار الفلسفية داخل النسق الشعري هي تستند على التجربة الشخصية لي وإيجاد ما يماثلها في الخطاب العام وإن تحولات النص مرهونة بهذا الفهم . واشار الشاعر الى إن هناك تداخلاً يمكن إدراكه بين الشعر والفلسفة، وإن هذا التداخل لا يشكل أي من الثنائية الضدية بينهما، بل هو انتقال من المحسوس إلى المجرد ويأخذ أشكال تعبيرية مختلفة، وقد لا ينطبق المعنى الشعري على المنطلقات الفكرية ولكن يتضمنه ولو بشكل جزئي، لأن الشعر كما أكدنا تجربة فردية غير منعزلة عن التجربة الوجودية واضاف الحسن إن الشعر وكما بيّنا يهتم بالإنسان بالدرجة الأساس، وهذا الاهتمام هو الهم الفلسفي الأول الذي ابتدأ سؤاله بالإنسان، ولذلك نجد تقارباً بين السؤالين (الفلسفي والشعري)، وإن اختلفت لغة الاشتغالين، لأن اللغة الفلسفية لا تعنى بالترميز أو التشفير، على عكس اللغة الشعرية التي تفجر الدلالات فلو التجأت الفلسفة إلى الترميز لاستبعدت الاحتراف العقلي الخالص، ولو التجئ الشعر إلى الفلسفة لكان جافاً، ولكن تبقى التراكيب الفكرية وتطلعات الإنسان همّ الطرفين.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat