صفحة الكاتب : د . طلال فائق الكمالي

هل بدأ الربيع العربي في العراق؟
د . طلال فائق الكمالي
عندما نعود بالتاريخ قليلاً في مطلع العقد الثاني من الألفية الثانية وعلى وجه التحديد في اليمن عام 2011م، وفي سوريا وبعض الدول العربية الإسلامية في الشرق الأوسط التي بُليت بالربيع العربي قبل التاريخ اعلاه، نجد أنّ الأحداث الربيعة لم تحقق منعطفاً ايجابياً على الصعيد الحضاري لتلك البلدان، بل جرت الويلات والفوضى وقُدمت القرابين الثائرة على مذبح الخراب والفتن، ليصل الأمر ببعض الأمم أن شعوبها تتحارب لهذه الساعة تحت مسمى الثورة، والحق، والإسلام، والعروبة، والشهادة، والإنسانية، والقيم، والوطن، كل ذلك ليزهر ربيعها دماً، وحقداً، وفساداً، وخراباً مضيّعة الحدود لتلك القيم والاوطان وتُخلط الأوراق جميعها وتُضبب رؤية المشهد السياسي لدرجة أن المتقاتلين جميعهم يهتفون بهتاف واحد وأهداف وشعارات واحدة من دون معرفة من يستحق أن يحمل تلك الشعارات ويدافع عن أهدافها. 
كان وراء مواسم الربيع تلك، حركات ومكونات حزبية تدفعها تلك المقولات والمفاهيم آنفة الذكر كما كان وراؤها أيضاً شباباً صادقين مشّبعين بحب الخير فضلاً عما يكتنزونه من معارف وأفكار تدفع بهم للتغير والإصلاح، لكنهم نسوا أن حدودنا الوطنية والمعرفية مهتوكة لقوى الشر ومفتوحة أبوابها إليهم لدرجة بإمكانهم أن يديرون الساحة متى يشاؤون ويشعلون فتيل الحرب في الوقت الذي يختارون من دون أن يلتفت الشارع نفسه فضلاً عن بعض قياداته التي تدرك بعض منها حقيقة اللعبة في حين يجهلها آخرون. 
الكل استقرأ أن هناك ضريبة سيدفعها الشارع العراقي ما بعد داعش أو قل بعد غلقه ملف داعش في العراق خاصة، بلحاظ أن غلق هذا الملف كان خارج إرادة القوى المتآمرة على العراق التي اجهض مخططاتها رجل مسن يمكث في زقاق بسيط في النجف هناك، كان من ورائه رجال صدقوا مع انفسهم وصدقوا مع الآخرين في تلبية نداء القيم، بيد أن الأمر يستحق ـ من وجهة نظر المتآمرين ـ أن لا أحد قادر على قلب الطاولة على جالسيها، وإن حدثت فلابد أن تقام مرة أخرى. 
من هنا نلفت عناية الصادقين من الساسة والمخلصين منهم وشارعنا الأبي الذي لم يبخل بشيء إلا وقدمه قرباناً للقيم أن يلتفتوا إلى ما هو قادم من مشاهد وأحداث، فالخشية كل الخشية أن تكون الاحداث الأخيرة في ساحة التحرير والدماء الزكية التي سيلت في بغداد وجرح عدد ليس بالقليل الزيت الذي يشعل به فتيل الربيع العراقي الجديد، أو أن تكون تلك الدماء تسقي ربيعاً يزهر دماراً، وحرماناً، ووطناً، ممزقاً، واشلاءً من مفاهيم مبعثرة هنا وهناك. 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . طلال فائق الكمالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/02/13



كتابة تعليق لموضوع : هل بدأ الربيع العربي في العراق؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net