صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

نهاية جيل سياسي كامل
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تتداعى الأحداث في العراق الى الحد الذي يجعل من الصعب التكهن بماسيحدث لاحقا والى أين تتجه الأمور مع الإصرار الغريب للقوى الفاعلة على المحافظة على مكاسبها السياسية والإقتصادية وحضورها، فهي تستخدم شعار المشاركة والشراكة والتوافق لكن ذلك كله لم يكن كافيا، فالشراكة عندها هو الحصول على المكاسب وبخلافه فليس من قيمة لها، وهذا يعني أن الشراكة هي الحصول على المنافع الإقتصادية بطرق فساد مريبة، بينما ترفض الشراكة المتصلة بالتضحية من أجل العامة من الناس، وحين يكون الهدف خدمة المواطن فلن تجد الكثير من السياسيين، ولا القوى الفاعلة مادام العمل سينصب في مجرى الخدمة العامة التي لاتحقق للقوى تلك ماتبتغيه من مصالح.

قد يعود ذلك الى إنفصال معظم السياسيين عن الناس وعن الجغرافيا التي كانوا جزءا منها لسنوات، ثم غادروا لأسباب مختلفة، وحين عادوا بعد سقوط نظام صدام حسين لم يتمكن هولاء من الإندماج مع المجتمع الذي تغير كثيرا وأصبح أكثر ديناميكية وقدرة على التفاعل وزادت مطالبه عن الفترة التي قضاها تحت سطوة الدكتاتورية وهي الفترة التي غادر فيها هولاء العراق، ومع زوال الدكتاتورية وعودتهم كان المجتمع قد تحول بالفعل ولم يتمكنوا من مجاراته في مطالبه وثقافته ورؤيته للأحداث وبدا أكثر تفاعلا مع السياسيين والناشطين المحليين الذين عاشوا الفترة الصعبة في ظل النظام السابق.

هناك الملايين من الشبان الذين ولدوا في التسعينيات وكانت أعمارهم صغيرة عندما سقط نظام صدام حسين ولم يعيشوا فترة الثمانينيات ولا التسعينيات ولم يتحملوا أعباء الحرب وسنوات الحصار القاسية، ولم يدرسوا اللعبة جيدا ولم يعوا نوع القمع السائد في حينه وماعانه المعارضون الذين أعدم معظهم وهرب الى الخارج قسم كبير منهم. هولاء الشبان جاءوا ليعبروا عن رؤية مختلفة للمطالب، بينما عاد السياسيون المعارضون وهم يحملون هموم الماضي ومتاعبه ولديهم رؤية لاتلتقي مع الرؤية التي نضجت بعد سقوط نظام حكم صدام حسين وهم اليوم يتقاطعون تماما مع الجيل السياسي القديم وتجدهم يتفاعلون بالفعل مع جيل السياسيين الشبان وحتى الزعماء الدينيين الذين أنتجتهم محنة الداخل العراقي.

المواجهة اليوم بين جيلين لايفهمان بعضهما البعض ويتقاطعان تماما، حتى أن هناك من الأجيال الصاعدة لايرى غضاضة في توصيف شخص كان ضحية لصدام حسين بأوصاف قاسية ومقارنته بحزب البعث مع إن هذا غير صحيح ولكن مايجري من حوادث يثير المزيد من العواطف والمشاعر المضطربة التي يمكن أن تنتج صداما أكثر حدة ولابد من تغيير من نوع ما لإنهاء الأزمة وتحويل مجرى الأحداث الى مساحة أخرى يمكن أن تلتقي فيها الأفكار شرط حصول تنازلات يرضى بها الجيل القديم من السياسيين، وتقنع الأجيال الشابة الصاعدة مع صعوبة ذلك، وليس إستحالته علنا نصل الى مرحلة التوافق الوطني الشامل حتى لو كان مرحليا فنحن بحاجة إليه لنعبر الأزمة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/02/07



كتابة تعليق لموضوع : نهاية جيل سياسي كامل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net