صفحة الكاتب : مهند ال كزار

مؤتمر أستانة; بين الرفض والقبول
مهند ال كزار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
أربعة أعوام متتالية، مرت على اندلاع الأزمة السورية، قتل فيها الآلاف من السوريين، ونزح بسببها الملايين، فيما شهدت البنية التحتية والاقتصادية للبلد انهيارا تاما في ظل وضع كارثي، فقد كانت هذه الفترة، مليئة بالمآسي، بدأت شرارتها على شكل مظاهرات خرجت في درعا، حتى وصلت إلى ظهور ما يعرف اليوم بتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وجماعات متطرفة أخرى غيرت وجه الأرض السورية. 
هذه الكوارث; التي قامت بها هذه الجماعات، جعلت من المبادرات، والتدخلات الدولية، والاقليمية، غير قادرة على أنهاء النزاع المستمر، فصراع المحاور الدولية كان ولا زال في أشده، كل من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في دول الخليج، في الضد من بقاء النظام السوري المدعوم بشكل مباشر من خليفة الاتحاد السوفيتي السابق.
المتغيرات الاخيرة; جعلت من الحل السياسي هو الخيار الاقوى لحل هذه الازمة، فدخول روسيا على خط المواجهة المباشرة، جعل من قوات النظام السوري هي المسيطرة على مجرى الأحداث، وحسمت موضوع الخيار العسكري منذ سيطرتها على حلب، حتى باتت قوات المعارضة في موقف لا تحسد عليه، ولم يسعفها الا مؤتمر ستانة الذي طرح في الاونة الأخيرة.
على خلاف ما يعلن; فأن فصائل المعارضة، تنتظر بفارغ الصبر، مناقشة ما ستسفر عنه مفاوضات السلام، المزمع عقدها الأسبوع المقبل، في مدينة أستانة عاصمة كازاخستان، بسبب خسارتها لاغلب مناطق القوه التي كانت تتمتع بها في السابق، وقد طرحت ورقة شروطها مسبقآ، والتي دعت إلى ضرورة وقف إطلاق النار في وادي بردى، والغوطة الشرقية والقلمون الشرقي والوعر في حمص وغيرها من المناطق، ونشر مراقبين في مناطق التماس قبل عشرة أيام من انطلاق مفاوضات استانة، لتقوم عندها بتسمية ممثليها الى المفاوضات. 
أما مواقف أطراف النزاع الدولية، تراوحت بين متفائل، ومعارض لهذا المؤتمر، فقد قالت صحيفة الوطن القطرية في افتتاحيتها تحت عنوان "آستانة تمهد الطريق لمباحثات جنيف" إن هدفي المؤتمر الأساسيين هما "تثبيت وقف إطلاق النار" والتمهيد "للدخول في مباحثات سياسية"، أما جريدة الرياض السعودية فقد ذكرت في افتتاحيتها: "يجب علينا عدم الإفراط في التفاؤل بنتائج المؤتمر، خاصة وأنه ليس الأول من نوعه بل الرابع، فقد سبقه ثلاث جولات في جنيف لم تفضي إلى أي نتائج، من الممكن التعويل عليها لبناء مسار سلمي، يؤسس لمرحلة مقبلة من الحل السلمي الشامل للأزمة؛ فلما سيكون هذا المؤتمر هو من سيؤسس للمرحلة المقبلة، والحال على ما هو عليه من تعقيدات سياسية وعسكرية؟". 
في سوريا تسألت صحيفة البعث عن اذا ما كانت مفاوضات أستانة "مسار نهائي أم محطة عابرة"، حيث ذكرت; 
هي مرحلة صعبة بالتأكيد، لكنها جديدة أيضاً، وسواء كانت الآستانة مجرد محطة عابرة، على طريق العسكرة لترسيخ الهدنة فقط، لأن بحث المسار السياسي هو مسؤولية دولية، يجب أن تتمّ تحت مظلة الأمم المتحدة وبإشرافها الكامل، كما يريد البعض، أم كانت خطوة هامة في مسار متكامل، له ما بعده على طريق السياسة، ويعبر  عن الحقائق الجديدة سياسياً وعسكرياً، كما يريد البعض الآخر، فإنها دليل على أن وجهة هذه الحرب قد رُسمت بصورتها النهائية تقريباً".
ما واضح للعيان; أن جميع القوى الكبرى متفقة على اجراء هذه المفاوضات، خصوصا وأن الامم المتحدة قد أوضحت من خلال ديمستورا; أنها تلقت تأكيدآ بمشاركتها، وهي سوف تدعمها بقوة، وأن روسيا وتركيا قد وجهتا دعوة شفهية لادارة الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب للمشاركة في هذه المفاوضات، الا أن هناك رفض أيراني لاي دور أميركي بهذه المفاوضات، وربما هذا الموقف سوف يحسم في قادم الايام.
لا يجب المبالغة في توقع حدوث تغيرات كبيرة في الأزمة السورية بعد محادثات "أستانة" المزمع إجراؤها في 23 يناير القادم، وأن أفضل ما يمكن أن ينتج عنها هو قف اطلاق النار، وموافقة الجماعات المسلحة على رسم خطوط نفوذها العسكري، وتحديد مناطق تواجدها، حسب المعطيات السياسية والعسكرية الجديدة، ومن الملائم بالتالي جمع الأطراف المعنية باستثناء المجموعات الأصولية والمتطرفة، التي كانت ولا زالت تعمل على سفك الدماء لاجندات خارجية ومذهبية .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مهند ال كزار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/01/26



كتابة تعليق لموضوع : مؤتمر أستانة; بين الرفض والقبول
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net