.jpg)
لم يفهموا بعد ولن يفهموا ان التضحية في أرض تكاد تنقطع عن العالم ، سيكون لها صيت بعد مجزرة وابادة، وتعتيم وتشويه وقلب للحقيقة ووصف الضحية بأنه خارجي، لم يفهموا ان سيطرتهم على أسطرة خطابهم ستكون مرهونة بالزمن, الذي ان غاب عن سلطتهم صار حر التأمل والتدوين، لن يفهموا فلسفة الانتصار التي هي قرينة الحق، الذي (يعلو ولا يعلى عليه) ذلك أنهم ملكوا الدنيا في لحظة غياب عن الحقيقة ، بل غشى أعينهم سراب ظمأهم الى التفرد بالحياة، التي ودوا حصرها على أنفسهم، فليس لأحد أن يكون في صدر المجلس سواهم وليس لاحد أن يحتكر الحقيقة غيرهم.
فمقاربة الحقائق مرهونة بتصوراتهم الى الاشياء وفق معرفتهم الضحلة ، التي يكاد يلحم فيها قارب طفل صنعه ليلهو فيه، وكل ماتصور الطفل ان بيت الحكم كارتون صغير يمكن قلبه، صدقوا تأملاته البريئة فقسوا عليه وصادروا حقه في وجوده، لأن تأملاته البريئة أصبحت كابوسا يخدش كبرياءهم الزائفة، آمنوا بقدراتهم في وأد حلم طفل، فكيف اذا أدركوا أنهم في مواجهة حكيم عصي على الخفة، ثابت كالجبل الذي لاتزعزعه العواصف ولا هوج الرياح.
فهم أمام الحكماء أشبه بريشة تبعثرها الرياح ، فيصبحون في حال جنون طائش لايدركون فلسفة الصبر ولا انتصار الصابرين ، ولا فلسفة ان النصر صبر ساعة، لذلك لم يفهموا ولن يفهموا فلسفة التضحية الواهبة، وعشق السرمدية بثمن الدم، فيغيب عنهم انتصار الدم على السيف في كربلاء ولم يفهموا قول عمر المختار يوم قال للطليان انه سيعيش اكثر من شانقه، وغاب عن الذين أعدموا عباس فانه لن يعدم بل سيُعدم من أمر بإعدامه فالحق يعلو ولا يعلى عليه نعم ستخلدون أيها الثلاثة الشهداء سامي مشيمع وعباس السميع وعلي السنكيس، أما قاتلكم فهو كسراب بقيعة.
ان امام قاتلكم استحقاقات لن يتجاوزها، فحكماؤكم جمعوا له من سلامة موقفكم، مالايستطيع دحره وان سحقت مرتزقته الاجساد، وهشمت الرؤوس، وان حاول سلب الاوطان وان حاول طمس معالم الدار، وان أجهد نفسه في جلب الغرباء فالحق يعلو ولا يعلى عليه.