صفحة الكاتب : عقيل العبود

استقراء: قصة قصيرة
عقيل العبود
اخيراً ظهرت النتيجة الخاصة بإصابته بسرطان القولون بحسب تقرير الفحص الطبي الذي اجري اليه مؤخراً في احدى المستشفيات، ما ال الى تحديد موعد مبكر من قبل الطبيب المختص لإزالة الورم الذي فجأة تم تشخيصه بواسطة الناظور. 
 
 
لم يبق امامه الا ان يؤكد ما أوصى به في ورقة بموجبها تم الاتفاق على ان تكون ابنته وكيلة عامة  لجميع اموره بما فيها الحقوق.
 فكر ان يحسم أمور عمله باعتباره لم يعد كما كان متمكنا من القيام فترة طويلة.
 
 قرر ان يفعل ذلك، تجنبا لما يمر به، بالمقابل الكتاب الذي خصص اكثر من عشر سنوات من عمره، صار عليه إنجازه.
 
 
هو يحتاج الى تتمة وإضافات تساعد القارىء على فهم بعض الفصول،  قبل الاتفاق مع احدى دور النشر لطباعته.
 
الصور التي في رأسه ابتدأت تبتعد تماما، تغادر عينيه.  
 
الماضي شريط صوره، صفحاتها تكاد تلتصق، تحثه لان يجمع أرشيفها. 
 
الحاسبة آلتي امامه، أرقامها أشهر، وأيام، وسنوات متصلة بثوان يصعب السيطرة على جريانها؛ هي تسري تلك الأجزاء التي تعد صغيرة قياسا الى حركة الزمن، لكنها سرعان ما تتحول الى ساعات، وأيام ،وأسابيع، وأشهر، وسنين، "وإلا ما سر تلك السنوات التي انقضت معي في غربة الوطن"، تحدث مع نفسه على هذه الشاكلة. 
 
نظر عبر نافذة غرفته مرة اخرى، تطلع الى الجبال المحيطة، ثم الى السماء، فالاشجار، كل شىء كما يبدو كان مستقرا الا هو، هذا الكائن الذي تراه يذهب ويأتي، يفكر، يأكل، وينام، ثم سرعان ما يتم استهلاكه دون ان يدري؛
 
الافكار مع بعضها راحت تاخذ مسارا في رأسه  لعلها تجد مكاناً، تشغله. 
 
تطلع نحو نعله،  مشى قليلا خارج حدود منزله، فكرة او موضوعة كانت تلح عليه.
 
الإنترنيت ،العولمة كل شىء هذه الايام حتى الدراسة صار في متناول اليد؛ عملية البحث عن عمل، او تصديق معاملة، او الاشتراك في محاضرات دراسية على الonline، كل ذلك لم يعد صعبا، الا موضوعة هذا السريان؛
 
العمر الذي يجري بثوانيه بسرعة مذهلة، خاصة في دول اللجوء، هذا هو سر ذلك السريان. 
 
 فالحياة تحتاج الى عمل غير منقطع النظير، آلية غريبة؛ يجلس في الصباح، يذهب الى العمل، يأتي في الليل، يتناول بعض الطعام، ينام، ثم تتكرر نفس الدوامة في اليوم الثاني، ها هو الان قد أمضى عشرين سنة بعيدا عن اهله وذويه. 
 
لم يكن يعلم انه سينقضي من عمره هذه الحزمة من السنين في الغرب. 
 
نظر الى علبة الدواء التي وضعت على الرف، لم يعد يكترث لإجراءات العملية، وما بعدها، أوما قبلها بقدر اهتمامه بحركة هذه الدقات التي راح ينصت اليها.
 
"ها هي حركة عقارب الساعة منشغلة، لم تكترث بشىء ما " قالها مع نفسه كانه يكتشف لغزا محيرا. 
 
إذن الزمن قاموسه اصعب بكثير من قواميس المصطلحات التي يستعملها الأطباء في الحديث عن هذا النوع اوذاك من الامراض. 
 
أستدرك ذلك، بينما بصره انداح نحو منضدة وضعت عليها بعض المجلات.
 
"إذن هو اختصار لعالم تحتاج زواياه الى استقراء هذا الذي يطوي عمرنا بسرعة مذهلة"، استأنف حديثه مع نفسه، بينما فجأة  بصره راح عند اقصى غصن من أغصان شجرة، اقبل نحوها عصفور كان على وشك ان يودع عمره. 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عقيل العبود
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/12/25



كتابة تعليق لموضوع : استقراء: قصة قصيرة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net