صفحة الكاتب : وليد كريم الناصري

الزهراء.. أولى بالشهداء من أمهاتهم...!
وليد كريم الناصري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 أسكب رحيق رضابك في فمي -- لعلي من بلوى فراقك أرتمي
يأسرني هواك والليل قاتل ٍ -- يا حبيب أمك.. أين أحتمي ..؟
منتظرٌ ولازلت لأجلك أنتظر-- أنت مني وأنا إليك أنتمي..!
 شرقت الشمس وإن غربت – سأرثيك ما بث النبض دمي
سكب الليل ظلامه في مدينة "شط العرب"، فأحاطت ديارهم عتمة قاتلة، وامتلأت أقداح البيوت ظلام، وأُركن كل شيء حيث هو، حتى الأرواح المطمئنة سكنت، وريقات الحدائق وأزهارها، سعفات النخيل وأعوادها، أستقرت بنوم عميق، ولم يك صوت حينها، سوى تسبيح المذنبين، وقلب والدة "منتظر" ذو الواحد والعشرين ربيعاً، يعاكسها الأرق تلك الليلة، بعد أن هرب النوم من أمام عينيها، فحل الأثير رسولاً في دارها، ولكنه إستحيى أن يبث ما يحمل، وركن نفسه في أحد زوايا البيت.
بات أثير الريح، وفي جوفه خبر فاجعة، لم تسعفه بطنه أن يحمله، وهو بين تيه أن يخبر "أم منتظر" وأن ينتظر حتى الصباح، كلما أراد أن يدلو بقوله، تفزع تلك الأم، ويكاد قلبها يتوقف، حتى هَمَ وفزعت ثلاث مرات تلك الليلة من فراشها، ما أسرع الليل حتى جمع أمتعته وسافر، وتركها تكابد الفاجعة في النهار، رن الهاتف أو لم يرن، باح الأثير ام لم يَبُح، النتيجة علمت "أم منتظر" بأن في الساعة المتأخرة من الليل، وهي تفزع من فراشها ثلاثة مرات، كانت ثلاثة رصاصات، إستقرت في قلب ولدها "منتظر" وأستشهد رضوان الله عليه.
كان والد الشهيد، الى جنبه ليلتها، وهو يعالج بأنفاسه الأخيرة، إحتضن ولده بقوة، وقلبه يتقطع ويقطر وجعاً، وهو يقول لولده: بُني يعز على أبيك أن يحتضنك فلا ينفعك، إذهب أمامي الى الجنة، وأخبرهم بأن أبيك بالأثر، ثم نظر للسماء، وقال: "اللهم خذه قربان منا لوجهك، وأحشرني معه في الجنة، واكتب لنا قدم صدق عند الحُسين" هكذا كان "أبا منتظر" وولده، يعيدون الى الواقع ما جرى في كربلاء مع الحسين، ويصورون كيف زهد مجاهدي لواء علي الأكبر بحياتهم؟ كما زهد "علي الأكبر" بحياته وافتدى الحسين بجسده وروحه.
أين تتجه ام الشهيد ليلتها..؟ وكيف كان وقع الخبر عليها؟ إذا ما كان زوجها هو الأخر في الجهاد، وجاءها يحمل جنازة ولده بين ذراعيه، ودموعه تخضب لحيته، ودماءه لازالت تملأ بزته العسكرية، وقد إحدودب ظهره وكاد يلامس الأرض بأطراف يديه، منظر هاجت به عواصف جميع من حوله، وتناثرت دموع المجتمعين بالصراخ، إذ رجعت مخيلة الجميع الى واقعة عاشوراء عام 61 هجرية، إلا إن "أبو منتظر" جاء يحمل ولده، ولكن "الحسين" لم يستطع حمل "علي الأكبر" الى والدته وأمر بني هاشم بذلك..!
ابو منتظر، المجاهد الصابر ( علي ثامر البصري) ذلك الجبل الأشم، الذي قارع نظام البعث، والتحق بركب المجاهدين في الثورة الشعبانية عام 1991م، هو نفسه بذاته اليوم، يلتحق مع ولده للجهاد، في لواء "علي الأكبر" تاركين عائلتهم، بلاحمي وولي سوى الله، والصابرة المؤمنة "أم منتظر" التي طالما كان يترك زوجها ولده منتظر معها، وهو يلتحق للجهاد، فتقوم هيه بتعبئة ولدها للجهاد، وتقول له، سميتك "منتظر" تيمناً بالإمام "الحجة المنتظر الموعود " فأذهب فداء له وللوطن، عسى الله أن يبعثك أحد جنده حين خروجه.
وراح منتظر ووالده، يحزما أمتعتهما للذهاب للجهاد، وكانت "أم منتظر" تجمع حاجيات ولدها ومتاعه، وعيناها تجري الدموع بلا سبب، لا تعلم انها تُعبئ له رسل الموت ليحملها معه، حيث تصله رصاصات الشهادة، فيتفجر صدره بالشظايا، ويفيض دمه يروي تراب الوطن، وترتحل روحه الطاهرة في جبال مكحول، يوم ( 15/11/2015) بين ذراعي والده، ثم يأتى به لتودعه أمه، بعد إن رأت نعشه قد وضع أمامها، قالت " الله وياك يا ولدي.. أنت فداء للزهراء".

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


وليد كريم الناصري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/12/24



كتابة تعليق لموضوع : الزهراء.. أولى بالشهداء من أمهاتهم...!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net