ولادة سيد الأكوان (ص)
السيد اسعد القاضي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قبل أن يخلق الله الخلق بآلاف الأعوام.. قبل أن يبرأهم.. خلق أنواراً ملكوتيّة.. قدسيّة.. قدّر لها أن تكون في ما بعد بهيئة البشر.. لتكون أنوار هداية.. أنوار رحمة.. سفن نجاة.. فهم الآن محدقون بالعرش.. في ظلة خضراء..شغلهم تمجيد ربهم.. تسبيحه وتقديسه.. ليس هذا فقط.. بل يعلّمون الملائكة كيف يسبّحون.. فتسبّح الملائكة بتسبيحهم.. إنها أنوار الخمسة الذين هم أشرف الخلق.. أكرم من برأهم الله تعالى.. محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (صلوات الله عليهم أجمعين)..
تتوالى الأزمان.. تمضي الدهور تلو الدهور.. يشاء الجليل سبحانه أن تكون تلك الأنوار بهيئة البشر.. لتتحقق بهم الهداية.. ليكونوا محلاً لاختبار خلقه.. دليلاً على مرضاته.. يخلق آدم.. يودع ذلك النور في صلبه.. ينتقل النور من أب موحِّد طاهر إلى ابن قدّيس مطهَّر.. يتقلّب النور الأقدس في الساجدين.. الذين لم يسجدوا للأصنام.. لم يعبدوا غير الواحد الأحد.. تبدو ملامح ذلك النور على جباه أولئك الآباء.. تصل النوبة إلى عبد المطلب الذي يحشر يوم القيامة أمة واحدة.. عليه سيماء الأنبياء وهيبة الملوك.. ينتقل النور إلى صلبه.. ينشقّ ذلك النور نصفين.. نور النبوة ونور الإمامة.. ينتقل نور النبوة إلى عبد الله .. ونور الإمامة إلى أبي طالب.. عبد الله وأبو طالب أخوان لأب وأم..
لم يزل النور بارزاً في جبهة عبد الله كما كان عند آبائه.. لذا لا زال محطّ اهتمام أبيه.. محلاً لرعايته.. يبلغ عبد الله مبالغ الرجال.. يدخل في العقد الثالث من عمره.. يعزم عبد المطلب على تزويج قرّة عينه.. فقد حان وقت ولادة النبي الخاتم الذي يتشرف كلُّ شيء بوجوده.. يأتي عبد المطلب بولده إلى دار وهب سيد بني زهرة.. يطلب منه ابنته آمنة كي تكون وعاء للنبوة الخاتمة.. هاشميّ من سادة قريش ومعدن الشرف يخطب امرأة لابنه الذي يمتاز عن أبناء الناس بعدة مزايا.. أهمها النور الذي في وجهه.. يراه كل أحد فيتوسّم في صاحبه الخير.. لم يكن بمقدور وهب أن يردّ هكذا خاطب.. خاطب ينتمي إلى أشرف بيوتات مكة..
تزوج عبد الله بآمنة بنت وهب.. سرعان ما حملت بسيّد الكونين.. إنه دعوة إبراهيم وبشارة عيسى.. لم تشعر آمنة بثقل الحمل.. بل تمضي الأيام خفافاً لم يُسبق لها مثيل.. شاهدت آمنةُ عجائبَ في فترة حملها المبارك.. أشرق نور رأت من خلاله قصور بصرى في أرض الشام.. كما رأت في منامها من يقول لها قد حملت بخير الأنام.. ورؤيا أخرى: إن ما في بطنك سيّد، فإذا ولدتيه فسميه محمداً.. لقد صدق القائل أن اسمه (ص) مشتقّ من اسم الجليل جل شأنه.. فذو العرش محمود وهذا محمد..
مرت على الزواج الميمون عشرة أشهر.. مخضت آمنة.. حضرتها فاطمة بنت أسد زوجة أبي طالب.. لم تزل معها حتى وضعت سيد الخلق.. واضعاًَ يده على الأرض رافعاً رأسه إلى السماء.. رأت آمنة نوراً ساطعاً ما بين المشرق والمغرب.. فتح الله على بصرها.. رأت بياض فارس وقصور الشام..
دخل عليهما أبو طالب.. أخبرته فاطمة زوجته بما رأت من عجائب المولود المبارك وهي ضاحكة مستبشرة.. بشّرها أبو طالب بأنها ستلد غلاماً يكون وصي هذا المولود..
لم تكن الغرائب في بيت آمنة فحسب.. رميت الشياطين بالنجوم.. مُنعت من الصعود في السماء.. إبليس عُمُره عُمر الدنيا.. فكأنه والدينا قد ولدا معا.. لم يمرّ عليه حادث كهذا الحادث الغريب.. حادث حصل فيه كل هذا التغيّر الكونيّ.. جال إبليس في ما بين المشرق والمغرب ليتعرّف على الحادث الذي حدث في هذه الليلة.. وصل إلى الحرم فإذا به محفوف بالملائكة.. ملائكة نزلت من السماء لأمر مّا.. همّ أن يدخل الحرم فمنعه جبرئيل.. استفسر إبليس عما جرى..
ـ ما اجتماعكم في الدنيا؟.
ـ هذا نبي هذه الأمة قد وُلد، وهو آخر الأنبياء وأفضلهم.
ـ هل لي فيه نصيب؟.
ـ لا.
ـ ففي أمّته؟.
ـ بلى.
ـ قد رضيت.
ينقلب إبليس حزيناً مسروراً.. حزين لأنه سوف لا يتمكن من إضلال المولود الجديد المبارك.. مسرور لأنه سوف يناله نصيب من إضلال أمته.. فقد اكتفى إبليس بهذا المقدار الذي سيتمكّن منه من الإغواء..
لم تنتهِ العجائب بعد.. قريش بدورها نظرت إلى الشُهُب فإذا هي تتحرك.. أصابهم الهلع.. ظنوا أن القيامة قد قامت.. نظر يهوديّ إلى تحرّك النجوم أيقن أن مولوداً قد وُلد في قريش هذه الليلة.. لكن قريش نفسها لا تدري.. رجع كلّ فرد من قريش إلى منزله يسأل أهله.. علموا أن الوليد الجديد هو لعبد الله بن عبد المطلب..
إن الذي تشرّف الكون بقدومه لم يكن سيد البشر فحسب.. إنه سيد الكون كله.. الكلّ يفتخر بخدمته.. يتباهى بالانتماء إليه.. بشتى أنواع الانتماء..
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
السيد اسعد القاضي

قبل أن يخلق الله الخلق بآلاف الأعوام.. قبل أن يبرأهم.. خلق أنواراً ملكوتيّة.. قدسيّة.. قدّر لها أن تكون في ما بعد بهيئة البشر.. لتكون أنوار هداية.. أنوار رحمة.. سفن نجاة.. فهم الآن محدقون بالعرش.. في ظلة خضراء..شغلهم تمجيد ربهم.. تسبيحه وتقديسه.. ليس هذا فقط.. بل يعلّمون الملائكة كيف يسبّحون.. فتسبّح الملائكة بتسبيحهم.. إنها أنوار الخمسة الذين هم أشرف الخلق.. أكرم من برأهم الله تعالى.. محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (صلوات الله عليهم أجمعين)..
تتوالى الأزمان.. تمضي الدهور تلو الدهور.. يشاء الجليل سبحانه أن تكون تلك الأنوار بهيئة البشر.. لتتحقق بهم الهداية.. ليكونوا محلاً لاختبار خلقه.. دليلاً على مرضاته.. يخلق آدم.. يودع ذلك النور في صلبه.. ينتقل النور من أب موحِّد طاهر إلى ابن قدّيس مطهَّر.. يتقلّب النور الأقدس في الساجدين.. الذين لم يسجدوا للأصنام.. لم يعبدوا غير الواحد الأحد.. تبدو ملامح ذلك النور على جباه أولئك الآباء.. تصل النوبة إلى عبد المطلب الذي يحشر يوم القيامة أمة واحدة.. عليه سيماء الأنبياء وهيبة الملوك.. ينتقل النور إلى صلبه.. ينشقّ ذلك النور نصفين.. نور النبوة ونور الإمامة.. ينتقل نور النبوة إلى عبد الله .. ونور الإمامة إلى أبي طالب.. عبد الله وأبو طالب أخوان لأب وأم..
لم يزل النور بارزاً في جبهة عبد الله كما كان عند آبائه.. لذا لا زال محطّ اهتمام أبيه.. محلاً لرعايته.. يبلغ عبد الله مبالغ الرجال.. يدخل في العقد الثالث من عمره.. يعزم عبد المطلب على تزويج قرّة عينه.. فقد حان وقت ولادة النبي الخاتم الذي يتشرف كلُّ شيء بوجوده.. يأتي عبد المطلب بولده إلى دار وهب سيد بني زهرة.. يطلب منه ابنته آمنة كي تكون وعاء للنبوة الخاتمة.. هاشميّ من سادة قريش ومعدن الشرف يخطب امرأة لابنه الذي يمتاز عن أبناء الناس بعدة مزايا.. أهمها النور الذي في وجهه.. يراه كل أحد فيتوسّم في صاحبه الخير.. لم يكن بمقدور وهب أن يردّ هكذا خاطب.. خاطب ينتمي إلى أشرف بيوتات مكة..
تزوج عبد الله بآمنة بنت وهب.. سرعان ما حملت بسيّد الكونين.. إنه دعوة إبراهيم وبشارة عيسى.. لم تشعر آمنة بثقل الحمل.. بل تمضي الأيام خفافاً لم يُسبق لها مثيل.. شاهدت آمنةُ عجائبَ في فترة حملها المبارك.. أشرق نور رأت من خلاله قصور بصرى في أرض الشام.. كما رأت في منامها من يقول لها قد حملت بخير الأنام.. ورؤيا أخرى: إن ما في بطنك سيّد، فإذا ولدتيه فسميه محمداً.. لقد صدق القائل أن اسمه (ص) مشتقّ من اسم الجليل جل شأنه.. فذو العرش محمود وهذا محمد..
مرت على الزواج الميمون عشرة أشهر.. مخضت آمنة.. حضرتها فاطمة بنت أسد زوجة أبي طالب.. لم تزل معها حتى وضعت سيد الخلق.. واضعاًَ يده على الأرض رافعاً رأسه إلى السماء.. رأت آمنة نوراً ساطعاً ما بين المشرق والمغرب.. فتح الله على بصرها.. رأت بياض فارس وقصور الشام..
دخل عليهما أبو طالب.. أخبرته فاطمة زوجته بما رأت من عجائب المولود المبارك وهي ضاحكة مستبشرة.. بشّرها أبو طالب بأنها ستلد غلاماً يكون وصي هذا المولود..
لم تكن الغرائب في بيت آمنة فحسب.. رميت الشياطين بالنجوم.. مُنعت من الصعود في السماء.. إبليس عُمُره عُمر الدنيا.. فكأنه والدينا قد ولدا معا.. لم يمرّ عليه حادث كهذا الحادث الغريب.. حادث حصل فيه كل هذا التغيّر الكونيّ.. جال إبليس في ما بين المشرق والمغرب ليتعرّف على الحادث الذي حدث في هذه الليلة.. وصل إلى الحرم فإذا به محفوف بالملائكة.. ملائكة نزلت من السماء لأمر مّا.. همّ أن يدخل الحرم فمنعه جبرئيل.. استفسر إبليس عما جرى..
ـ ما اجتماعكم في الدنيا؟.
ـ هذا نبي هذه الأمة قد وُلد، وهو آخر الأنبياء وأفضلهم.
ـ هل لي فيه نصيب؟.
ـ لا.
ـ ففي أمّته؟.
ـ بلى.
ـ قد رضيت.
ينقلب إبليس حزيناً مسروراً.. حزين لأنه سوف لا يتمكن من إضلال المولود الجديد المبارك.. مسرور لأنه سوف يناله نصيب من إضلال أمته.. فقد اكتفى إبليس بهذا المقدار الذي سيتمكّن منه من الإغواء..
لم تنتهِ العجائب بعد.. قريش بدورها نظرت إلى الشُهُب فإذا هي تتحرك.. أصابهم الهلع.. ظنوا أن القيامة قد قامت.. نظر يهوديّ إلى تحرّك النجوم أيقن أن مولوداً قد وُلد في قريش هذه الليلة.. لكن قريش نفسها لا تدري.. رجع كلّ فرد من قريش إلى منزله يسأل أهله.. علموا أن الوليد الجديد هو لعبد الله بن عبد المطلب..
إن الذي تشرّف الكون بقدومه لم يكن سيد البشر فحسب.. إنه سيد الكون كله.. الكلّ يفتخر بخدمته.. يتباهى بالانتماء إليه.. بشتى أنواع الانتماء..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat