صفحة الكاتب : رسل جمال

فقر الابداع
رسل جمال

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
فقر الابداع مرض، يشبه مرض فقر  الدم الذي يصيب الانسان، فتبدو عليه علامات الضعف والوهن، الا أنه اخطر وأكثر ضررآ، اذ يصيب مفاصل حياتنا بصورة مباشرة وغير مباشرة، فقر الابداع يشمل كل اساليب الانتاج النمطية، والتنشئه وفق قوالب جامدة أكل الدهر عليها وشرب، فما نعانيه هو فقر الابداع بمختلف الصور والاشكال.
ولنكن منصفين ونعترف ان أصل المرض وراثي من جهة، وكتسب من جهة اخرى.
فعندما يولد الطفل ويبدأ في ايامه الاولى بطرح الاسئلة على ابويه، قد لا يجد الابوين أجابات لكل مايدور في عقل الصغير، فينهرانه ، ويكبر الطفل وهو مازال يحمل اسئله لايجد من يجيبه عليها.
في حين نجد ان الشخص المبدع والبارع عقليا، غالبا يعيش طفوله مشاغبه، وفي كبره يتحدى القواعد المعتاده والبناء القائم على المنطق، فتكون له تصورات خاصه مؤمن بها، تخالف ما يجتمع حوله الناس، وبسبب ذلك قد يعيش المتاعب، ولكن ببراعته العقلية يتمكن من النجاح في النهاية، 
لكن مانراه في واقعنا بيئه قاتلة للابداع،
ففي المدرسة تعلمنا ان نحفظ لا نفهم، الى آلان اذكر في امتحان الاحياء جاءت في أجابة احدى الطالبات لفظ "سندرس" وقفت الاستاذة حائره فلا يوجد في المنهج كلمه كهذه، وبعد السؤال والجواب ،تبين انها تكمله لجمله، "وسندرس الاميبا..." الطالبة اعتقدت انه كائن حي.
طلابنا لا يعون ما يحفظون ، كأنهم ببغاوات، مستمرين على لغة التلقين والتقليد والحفظ الاعمى، وذلك بسبب المناهج القديمة المصممة وفق قوالب ثابته، ترفض التغير والتجديد.
في حين نجد ان دول العالم تكاد تكون مدارسها، خاليه من المنهج الثابت، لان الاستاذ يطرح المعلومه بين ايدي الطلبة، ويطالبهم بالبحث عنها في امهات الكتب، من هنا يكون مبدأ الخلق والابداع والتنافس في طريقه عمل البحث، ومن هنا تكون المعلومات متنوعه ومختلفة، ولكنها حول موضوع بحث واحد ،اذ ان كل واحد قد تناول الموضوع من زاويه محدده، وفي النهايه الجميع يصب في خدمه تطوير المعرفة واساليب البحث عنها.
اضافه الى ذلك يتعلم الطالب حريه التعبير ، لان الخوف من السخريه هو من يقتل روح الابداع لدى الفرد.
مبدأ "أششش اسكت " مرفوض فكل فرد قد يكون نقطه في سطر الابداع.
تقول المعمارية "زها حديد" ان سر نجاحي ليس تفوقي في حفظ قوانين الهندسه الصارمه، بل ايماني بقدرتي على خلق قوانين جديدة في الهندسه، ولكن برؤية ابداعية جديدة ، فلا يوجد مستحيل في قاموسي، انها مبدعه بحق.
وقد انقسم الباحثين حول ماهية الابداع، وهل يتعلق بالظروف الاجتماعيه المحيطه للفرد، ام انها استعداد وراثي لدى الشخص نفسه، لها اسباب ذاتيه ونفسية يمتاز بها المبدع عن غيره من الناس.
يرى علماء الاجتماع وعلى رأسهم العالم الفرنسي "اميل دور كايم" ان الابداع سواء كان في المجال الفني او العلمي او الفلسفي، فهو يرجع الى الظروف الاجتماعيه التي يعيشها المبدع وان الفاعلية الابداعية بذلك لا تتبدى الافي إطار اجتماعي، لان الفرد في نظر هذه المدرسة، عجينه في يد المجتمع الذي يوفر له قاعده الانطلاق في عمله الابداعي، هذا مايؤكد ان الابداع "حاله نفسي" ملحة تدعو المبدع الى مواصلة عمله، اذ تخيل المبدع للفكرة الابداعية اشبه ما تكون الشراره الاولى كما يشبهها علماء الاجتماع، يصاحبها عوامل نفسية ووجدانيه تصاحب الانسان المبدع في كل اعمالة فتترجم، على شكل فرح وحماس احيانآ، او قلق وحزن احيانآ اخرى.
والامثله كثيرة فالشاعر مثلا الذي يبدع في مجال نظم قصائد رائعة تكون غالبأ انعكاسآ لحالته النفسية التي يعيشها او عاشها سابقآ.
وهكذا نستنتج بان العوامل الاجتماعيه ليست الشرط الوحيد في عملية الابداع، وانما الابداع يرجع أيضا الى العوامل الذاتيه والنفسية الكامنه داخل الافراد، ويكون دور العوامل الاجتماعية إخراجها للسطح، اذن هو تفاعل العامل النفسي مع العامل الاجتماعي.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رسل جمال
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/12/01



كتابة تعليق لموضوع : فقر الابداع
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net