صفحة الكاتب : ضياء المحسن

عفا الله عما سلف!
ضياء المحسن

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

هذا جزء من الآية 95 في سورة المائدة، وظاهر النص يتحدث عن العفو عمن إرتكب جرما بحق الناس، ثم عفا عنه الرسول الأكرم بأمر من الجليل الرحيم، لكن الآية لم تقف عند هذا الحد، فالباري عز وجل حاشاه أن يكون فعله وقوله مجزوء كما يفعل بني آدم، إذ يكمل النص بقوله سبحانه وتعالى: ((ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو إنتقام)). وهنا إكتملت الصورة من خلال التهديد بعدم العودة مرة ثانية في إرتكاب نفس الجرم الذي تم إرتكابه في المرة السابقة.

نحن وخلال ثلاثة عشر عاما، يرتكب الشركاء في الوطن بحقنا الجريمة تلو الأخرى (خاصة السياسيون منهم)، وفي كل مرة نعفو عنهم (حلما وليس ضعفا)، ولكنهم يعودون لما إرتكبوه في المرة السابقة؛ بل أشد وأنكى في بعض الحالات، فمن عدنان الدليمي الى خلف العليان الى ظافر العاني وصالح المطلك وغيرهم كثر تم العفو عنهم، على أمل أن يقبلوا بواقع الحال، وأن عجلة الزمن لن تعود الى الوراء، أيضا من باب (عفا الله عما سلف) لكن هل إقتنع هؤلاء بواقع الحال؟ الجواب بالتأكيد لا، ولا كبيرة وواضحة كما يريدونها هم، فماذا فعلنا نحن أزاء ذلك؟

قد يتصور بعض المتابعين بأن (الشيعة) لا يستطيعون أن يديروا دولة، فهم ضعفاء وفاسدون، ولا يهم الأكثرية منهم إلا اللطم والبكاء على مصيبة الإمام الحسين (عليه السلام)، واقعا نعم نحن نبكي على مصيبة إمامنا لأننا نندب حظنا كوننا لم نكن معه نشاركه وأهله مصيبتهم التي جرت عليهم في العاشر من محرم، أما من يقول بأننا لا نستطيع إدارة دولة فهو واهم، ذلك لأن بين ظهرانينا فيلسوف هذا العصر، والذي تدرس كتبه في جامعات العالم، ألا وهو الشهيد محمد باقر الصدر، والذي له دراسات في الفلسفة والإقتصاد وإدارة الدولة، لكن المشكلة في بعض القيادات التي لم تتمكن من الأن إستيعاب فكرة عدم الفصل بين السياسة والدين، فهو رجل دين، لكن كيف يدير دولة؟ هل يديرها بعقل رجل الدين أم رجل السياسة؟ الفكرة لم تخترم في ذهنه في كيفية إدارة الدولة، حتى مع وجود بعض من يحاول ذلك، ترى من حوله يحاول الدفع به بإتجاهات قد تؤدي به الى أن ينتهي به المطاف الى عدم معرفة ما يريد أن يقوم به من أجل الشعب والنهوض بالدولة، الأمر الذي ينتج عنه تخبط بالقرارات التي يتخذها.

القشة التي قصمت ظهر البعير، كانت بالتصويت على قانون (هيئة الحشد الشعبي) والتي جاءت متازمنة مع مشروع (التسوية السياسية) التي طرحها التحالف الشيعي، فما كاد مجلس النواب يُقِر القانون، حتى خرج إتحاد القوى السُنية، بالتصريح جهارا نهارا، بأنه لن يمضي قدما بهذه التسوية، وكأن الحشد الشعبي لم يقم بتحرير أراضيهم، في وقت ينعمون هم بالعيش الرغيد في فنادق الدرجة الأوى في عمان ودبي وأربيل، وتركوا أهلهم وناخبيهم في العراء، يمزقهم البرد القارس والحر اللاهب، بالإضافة الى وقوعهم تحت رحمة عصابات إجرامية جاءت من وراء الحدود، وهي تأمل أن تقوم بتغيير ما ضحى من أجله العراقيين.

من هنا لا أظن أن يمكن أن نقول ((عفا الله عما سلف))، ذلك لأننا سوف نستخدم الجزء الأخر من الآية، وهي الإنتقام من كل من سولت له نفسه أن يتلاعب بمصير أبناء البلد من سُنة وشيعة، من أجل تحقيق مآربه الخاصة، ولتحقيق أجندات خارجية (قد تكون أمريكية أو سعودية أو قطرية، أو أي مسمى أخر) فالحشد الشعبي الذي إنطلقت شرارته الأولى بأمر السيد العظيم لن يتوانى في محاسبة من تسول له نفسه في التلاعب بمصير هذا الشعب.

وإن غدا لناظره لقريب.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ضياء المحسن
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/11/29



كتابة تعليق لموضوع : عفا الله عما سلف!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net