صفحة الكاتب : مروه حسن الجبوري

في جوار علي يحلو المنام
مروه حسن الجبوري

 يسدلُ الليلُ ستائرهِ بألوانها السوداءِ المخملية، ويُقبل القمر مع عباءتهُ الفضيةَ، وتأوي الطيورُ إلى أعشاشها تحتضنُ صغارها برفق وحنيةَ ويزحفُ الصمتُ بخطاهِ الواثقةَ، يسودُ الهدوءَ الكرةَ الأرضيةَ، تنامُ أعَينُ البشرِ مطمئنةَ، الا عين واحدة ساهرة على النوم عاصية، تحاكي قدرها، ترتّل آيات حزنها وابيات عزائها، وحده الليل يسمع صرختها ويعلم وجعها، كل من حولها يذكرها بصوته بطيفه.

 
 الارض والسماء تشهد على ما جرى، تقف عند تلك المدينة الخاوية عند منتصف الليل لترى التراب مُبتل يحمل اثر تحركات أطفال، جُدران متشققة بالية، خُطىً غَابت القمر دونَ أن ينير دربها، تعثرت بالركام، لتعاوِدَ المسيرَ حين يودع الليل نجومه.
 
 كَانت هذه الوقفة لامرأة ثكلى، مليء بالصَّخب يومها، حِكاياتٌ تتلوها مدينة عَلى مَسامِع كل انسان  لعله يتصد لكنه صامِتْ بلا ضَجيج  هو الاخر.
 
لتَهبَ النار محملةً فتُصبح ارجاء المدينة مشتعلة، ذابت تحتَ وطأتها الشباب والاطفال، دموع السّماء  اطفأت جمرة قلبها فهي أم مفجوعة لا احد يجبر كسرها غير السماء، عامر قلبها بحنان ولدها لكلماته التي مازالت ترن في مسامعها لم يناديها أمي بل قلبي وحياتي وصديقتي، غادرتها  تلك الكلمات عندما غادرها طارق، كَان لها كل الحياة  وبهجةٍ وكل ايامها،  فأصبحت رثاءً  تنعى ما بقي من عمرها، صوتُ عويل لأمٍ أضناها الشوق واتعبها القدر، بالأمس زوجها العاجز فكأن اخر احلامها ان تحتضن ما بقي من الحياة  بحلوها و مُرها ببكائها بصداها.
 
فقد اكتفيت بزوجها العاجز وتكفلت بأمور الاسرة فكانت الام والاب، امتلأت بصفاء روحها راضية  بقضاء الله وقدره، لخطواتٍ تبَعثرت ذاتَ يوم سنين عجافها اخذت زهرة حياتها طارق لم يكن فقط الولد فكان الاب والاخ والحبيب والابن، عَبرةٌ ساخنة وصرخة تعلو صداها في السماء: اين انت يا ولدي.. لا تحيرني ان كنت حيا فارجع الى حضني  وان كنت ميتا فاعطني علامة تدلني عليك.؟
 
تشم ريح طارق ولا تملك قميصه، من بين الجثث المتفحمة ظهرت لها قدم ولدها وكأنه لبى نداء امه!!
 
ها هي رائحته عالقة في زوايا الأفئدة، عرفته ورب السماء والطارق، آه يا ولدي و يا قرة عيني، حرقوه قلبك حرقوه جسدك، كسرت ظهري، طارق مالي بعدك، هكذا ترحل من دون وداع واحتضان، يا رفيقي الحزين، يا عمري المسلوب قهرا وغصبا، أدمنت صوتك، وأدمنت وجودي معك، ثمّ فتحت عيني على غيابك ورحيلك...آه يا لقسوة القدر.
 
عندما استيقظ وجدت نفسي على زلزال رحيلك من حياتي، أصعب شيء أن أفارق روحاً ولا تفارقني، ويبقى صوتك في أذني، وتغيب وتبقى صورتكِ في عيني، وترحل وتبقى أنفاسكِ في قلبي، وتختفي ويبقى طيفك خلفي، يمزّقني يقطعني.
 
أن أغمض عيني فأراك، وأن أغفو، وأن أنظر على سطوركِ وتدمع عيني، وعندما أعود لواقعي لا ارى سوى برواز اسود خلف صورتك.
 
آه أن يأتي العيد وأنا وحيدة، وأن يطرق الحزن بابي وأنا وحيدة، وأن يمضي بي أغلب العمر وأنا وحيدة، ولا أحد يمسك بيدي، وأن أكتب فلا يصلك صوتي، ولا حتى صداي، وأن أصرخ فلا يصلك صوتي، وأن ألفظ أنفاسي فلا أراك،  يا هلال ما كان  اقصر عمره، انت الان في وادي السلام ترقد بأمان عند من قتلت من اجله ومن حرقوا جسدك من اجل حبه، لا خوف عليكم ولا تحزنون انتم في دار علي امنون.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مروه حسن الجبوري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/11/13


  أحدث مشاركات الكاتب :



كتابة تعليق لموضوع : في جوار علي يحلو المنام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net