العقيلة بين الصبر والرضا والجزع(١)
مرتضى شرف الدين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تضاربت الآراء وتحيرت العقول في حقيقة اختلاجات الفؤاد الطاهر لعقيلة الوحي عليها السلام خلال طريق الآلام الذي سارته في ملحمة كربلاء الخالدة.
فبين مَن أنسن الصورة فاستغرق في جنبتها العاطفية وصورها المأساوية ليرسم صورة مشجية من صور الألم حركت القلوب وفجرت الأحزان وأعطت كربلاء بعدها العاطفي.
وبين مَن أنسن الصورة من جهة أخرى ، فنعى على الجانب الآخر ما اعتبره تشويهاً لقداسة الصورة وعظمة المشهد، وأسقط واجباته البشرية تجاه مصائبه الشخصية على واقع كربلاء الفريد،فتصور للعقيلة واجب مقابلة المصائب بالرضا وعدم إظهار أي جزع، فكأنه لم يدرك فرادة الصورة في الفاقد والمفقود والفقد.
ومردّ ذلك إلى نقص في التفاعل ناتج عن عدم إدراك مقامات أبطال الملحمة وما يمثله أحدهم للآخر معنوياً فضلاً عن اعتبار النسب الذي يجمعهم.
إضافة إلى عدم تفاعل عنده تجاه وقائعهم ناتج عن نقص في خليط فاضل الطينة وعجين ماء الولاية، ما يحول دون التوغل في الفرح لفرحهم والحزن لحزنهم وتلمس حقيقة ما يجري بينهم.
شأنه في ذلك شأن طفل في الخامسة أسترسل معه أخوه البالغ ليحدّثه بأن الخلوة بالأنثى ألذ من أكل قطعة كبيرة من قالب حلوى، فإن الطفل لا شك سيضحك ناعياً على أخيه البالغ قصور إدراكه واختلال موازينه، إذ أي لذة في الخلوة بفتاة حتى تقاس بالخلوة بقالب حلوى؟!
وبين من أخذه التأمل بالروايات التي وصفت العقيلة بالصبر وتلك التي فضلت الرضا عليه والثالثة التي تكلمت عن جزعها في بعض المواقع.
فوقف متحيراً بين هذه وتلك لا يعرف للتوفيق بينها سبيلاً.
والحق أن التوفيق بينها متوقف على إدراك تعدد وجوه المشهد وملاحظة أن كل واحدة منها كانت بإزاء وجه من وجوه المشهد .
فلا مسوغ لرد أي احتمال من الثلاثة.
فعقيلة الوحي عليها السلام كانت صابرة راضية جازعة.
ولكل واحدة جهتها.
وسنأتي على توضيح الجهات إن شاء الله تعالى.
يتبع
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
مرتضى شرف الدين

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat