( كل شيء من الآخرة عيانه أعظم من سماعه) أمير المؤمنين \"ع\".
هذه الحكمة فيها إشارة لعلم اللاهوت وهو ما يختص بالميتافيزيقيا والغيبيات، الذي لا يتأتى معرفته بالحواس، فمن المعلوم أن لكل حقل معرفي أدواته الخاصة ووسائله الإثباتية المناسبة له، ولا يجوز الخلط بين علم وآخر .
فعالم الحس والشهود له أدواته الخاصة في إثباته والكشف عنه وهي أدوات تعتمد على منهج تجريبي.
كما أن عالم الغيب والميتافيزيقيا له أدواته الخاصة التي تكشف عنه، وهي أدوات ذات منهج يتفق مع طبيعة العلوم غير التجريبية، يناقض الاتجاه الذي ظهر مؤخرا في بعض مدارس الغرب الفلسفية المعروف بالفلسفة الإمبريقية، وهي الفلسفة التجريبية التي تؤمن بأن المعرفة الإنسانية كلّها تأتي بشكل رئيس عن طريق الحواس والخبرة.
وهذه الفلسفية ليست صحيحة، فهي خلط واضح في المناهج وتؤدي لنتائج غير صحيحة بناء على مقدماتها الخطأ، فالنتيجة تتبع أخس المقدمتين، كما هو معلوم.
الإمام \"ع\" في الحكمة الآنفة يشير إلى أن العالم الغيبي الآخر الذي ينتظر الإنسان، ستتبدل أدوات معرفته، ففي هذه المرحلة المعيشة أدوات معرفته هي السماع، لأنه ميتافيزيقيا، والميتافيزيقا من مناهج معرفتها السُماع وتقريب صورها للذهن بواسطة صور تقريبية حسية تناسب طبيعة هذا العالم بعقوله، كقوله تعالى:
( يوم تكون السماء كالمهل) سورة المعارج 8.
أما في ذلك العالم فالمقاييس والمناهج مختلفة، فسيغدو الغيب حضورا والسماع عياناً،
فنرى الإمام علياً \"ع\" يشير إلى بعض مظاهر تلك الميتافيزيقيا حاليا التي ستتحول لفيزيقيا في موضوع النفخ في الصُور الذي بطبيعته يُعدّ غيبا، فنراه يقول:
( يُنفخ في الصور، فتزهق كل مهجة، وتبكم كل لهجة، وتذلّ الشمّ الشوامخ، والصم الرواسخ، فيصير صلدها سرابا رقرقا، ومعهدها قاعا سملقا).
وهذا أحد الشواهد فقط على سبيل المثال لا الحصر، وإلا فالشواهد كثيرة جداً تعجّ بها بطون الكتب الروائية.
فالأدوات المنهجية للتعرف على مظاهر ذلكم العالم، هو من خلال ما أخبرنا به الله ورسوله وأهل بيته \"ع\"، لذلك من أراد معرفة ذلك العالم وتلك الوقائع التي تنتظرنا ما عليه إلا التوجه لآيات القرآن الكريم الخاصة بذلك العالم الرهيب وما سيتجسد فيه عياناً، ولروايات أهل البيت \"ع\".
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat