صفحة الكاتب : مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)

مصابيح عاشورية المصباح الأول (1)
مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مصابيح عاشورية 1

بسم الله الرحمن الرحيم 

صفات الإمام جمعية جامعة

 قد أعتيد في الأذهان قراءة صفات الإمام بأبعاد فردية وبطابع فردي ، بينما حقيقة صفاته لاتقتصر على ذلك بل هي:

1- ذات أبعاد مجتمعية وحضارية شاملة لأجيال بشرية ، فمثلا ما ورد في في غالب زيارات الائمة ع من الشهادة والإقرار من الزائر لهم بأنه أقام الصلاة و آتى الزكاة وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر وتلا كتاب الله حق تلاوته، ليس المراد به الصلاة الفردية كشخص فقط ، بل إقامة صرحها في المجتمع و سلسلة الأجيال ، أي بناء مقومات الطباع في أعراف المجتمع بتوسط جذور دعائمها في العقلية والهوية الإجتماعية  بنحو تكون أمواجها تتداعى بقاءا الى الأجيال الى قيام الساعة.

وكذلك الحال في إيتاء الزكاة فهو شيد نظام الضريبة المالية في المجتمع البشري ونظام التكافل الإجتماعي بين الطبقات الثرية والمحرومة، وبين الفائض المالي لدى الفرد والمجموع وبين المعدم ذوي العوز. فرعاية أمير المؤمنين ع ليست بلحاظ كفالته لأيتام في بعض بيوت أهل الكوفة ، بل هو تأسيس العرف والعادة البشرية على رعاية الأيتام وكفالتهم . 

2- فهذا الأداء للزكاة هو حراك جمعي بشري وأجيالي وكذلك الحال في إقامة الصلاة ، وكذلك الحال في أمره بالمعروف لا يقتصر على المعروف الفردي لدى فرد في محضره عليه السلام ، بل المعروف الأكبر هو في البعد العقدي العقائدي لإنتماء الهوية البشرية،  فالهوية التي تنشأها العقيدة الحقة كإنتماء في البشرية أعظم أركان المعروف ، لأن هذا المعروف ينبع منه سائر أنهار المعروف الأخرى ، ثم تأتي رتبة المعروف السياسي و الأقتصادي و الأمني والأخلاقي على صعيد الخلق الإجتماعي . 

روى مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيِّ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الصَّادِقُ ع الْعِرَاقَ نَزَلَ الْحِيرَةَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَ سَأَلَهُ مَسَائِلَ وَ كَانَ مِمَّا سَأَلَهُ أَنْ قَالَ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ فَقَالَ‏ ع الْمَعْرُوفُ يَا أَبَا حَنِيفَةَ الْمَعْرُوفُ‏ فِي‏ أَهْلِ‏ السَّمَاءِ الْمَعْرُوفُ‏ فِي‏ أَهْلِ‏ الْأَرْضِ وَ ذَاكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع قَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَمَا الْمُنْكَرُ قَالَ اللَّذَانِ ظَلَمَاهُ حَقَّهُ وَ ابْتَزَّاهُ أَمْرَهُ وَ حَمَلَا النَّاسَ عَلَى كَتِفِهِ قَالَ أَلَا مَا هُوَ أَنْ تَرَى الرَّجُلَ عَلَى مَعَاصِي اللَّهِ فَتَنْهَاهُ عَنْهَا فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع لَيْسَ ذَاكَ بِأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ وَ لَا نَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ إِنَّمَا ذَاكَ خَيْرٌ قَدَّمَهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَخْبِرْنِي جُعِلْتُ فِدَاكَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ‏ ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ‏ قَالَ فَمَا هُوَ عِنْدَكَ يَا أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ الْأَمْنُ فِي السَّرْبِ‏  وَ صِحَّةُ الْبَدَنِ وَ الْقُوتُ الْحَاضِرُ فَقَالَ يَا أَبَا حَنِيفَةَ لَئِنْ وَقَّفَكَ اللَّهُ وَ أَوْقَفَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَسْأَلَكَ عَنْ كُلِّ أَكْلَةٍ أَكَلْتَهَا وَ شَرْبَةٍ شَرِبْتَهَا لَيَطُولَنَّ وُقُوفُكَ قَالَ فَمَا النَّعِيمُ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ النَّعِيمُ نَحْنُ الَّذِينَ أَنْقَذَ اللَّهُ النَّاسَ بِنَا مِنَ الضَّلَالَةِ وَ بَصَّرَهُمْ بِنَا مِنَ الْعَمَى وَ عَلَّمَهُمْ بِنَا مِنَ الْجَهْلِ قَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَكَيْفَ كَانَ الْقُرْآنُ جَدِيداً أَبَداً قَالَ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لِزَمَانٍ دُونَ زَمَانٍ فَتُخْلِقَهُ الْأَيَّامُ وَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَفَنِىَ الْقُرْآنُ قَبْلَ  فَنَاءِ الْعَالَمِ   .   

تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة، ص: 816 ، فليلاحظ كيف تقام المعاني في أعظم حقايقها العينية لا في فرعها المنشعب الصغير .

3- وهذا بعد عظيم في صفات و أفعال الإمام ع أنهما تلوّن هوية المجتمع والبشرية فكرا وروحا وإنتماءا  فمن ثم هو الصراط المستقيم للبشر لبلوغ جنان السعادة الإلهية .

وكذلك الحال في المنكر ، فإن المنكر في المدرسة الفكرية العقدية للبشر المجندة للأمم بإتجاه مسار خطير أعظم تأثيرا في الأبعاد المختلفة السياسية والإقتصادية .

4-ومن ثم كانت الأولوية المركزية لدي أداء الإمام ع هو البعد المجتمعي والأجيالي الحضاري ، لا البعد الفردي من حيث هو فردي . 

5-وعلى هذا فكل صفات الإمام ع هي صفات قيادية جمعية ، فشجاعة الإمام ع وبطولته لا تقتصر علي الجانب العضلاتي في البدن من حيث هو ، بل قوة حزمه في الأزمات وتفوق سيطرته لإدارة الأزمات ، فإن الإرهاب البوليسي الأموي مثلا لم يخنع الحسين ع للضراعة والسكوت ، والإرعاب لسلطة بني أمية لم يحجمه ع عن المقاومة لتحريف الدين وإستعباد العباد . وكذلك كونه ع مأمونا كونه الحافظ لأمن البشرية والأجيال في المجالات المختلفة تدبيرا .

ومن ثم تحصيل الإمام لتلك الصفات ليس علي صعيد فردي لشخصه الشخيص الكريم ، بل شخصه المعصوم في مكابدة تحصيل إقامتها في الأمم والأجيال ، كما فسر ذنب النبي ص بذنب الأمة . وكذلك تلاوة الكتاب حق تلاوته هو فإنه بمعني تحقيق تنزيل الآيات وحيانيا  بإقامته في مواطنه العظمي .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/10/12



كتابة تعليق لموضوع : مصابيح عاشورية المصباح الأول (1)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net