وليد الحلي : ما أحوجنا اليوم إلى معايير الإصلاح التي دعا إليها الإمام الحسين
 قال الدكتور وليد الحلي إن معايير الإصلاح التي دعا إليها الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) في نهضته بكربلاء هي ما نحتاجه اليوم للعملية الإصلاحية في العراق .
 وأضاف الحلي في بحثه الذي ألقاه على مجموعة من الأساتذة والطلبة الذين يمثلون مختلف الجامعات ببغداد أمس إن التضحيات الجسيمة التي قدمها ابن بنت رسول الله و أهل بيته الكرام في معركة ألطف بكربلاء تعد مؤشرا واضحا لأهمية الإصلاحات الذي تحتاجها الأمة لتستقيم في مسيرتها.
 
 وأكد على إن نهضته الإصلاحية ليس من اجل الحصول على مكاسب دنيوية، ولا لرد خصومة شخصية أو عائلية، أو مصلحة فئوية أو طائفية أو عنصرية أو مذهبية أو قومية، وإنما سعي لتحقيق العدل والعودة إلى الصراط المستقيم .
 
موضحا إن  الإمام  أراد في نهضته الإصلاحية أن يحدث تغييرا شاملا للإنسان يشمل الجوانب الإيمانية والسياسية والالتزامات والواجبات، وأراد ان يرتقي بإنسانيته حتى يكون مؤهلا بتحمل مسؤوليته  أمام ما تقتضيه واجباته الملزم بأدائها،  وذلك  من خلال إصلاح سلوكه وطريقة تعامله مع أخيه الإنسان والمجتمع و السلطة، والاستدلال على انتهاج الطرق الشرعية والقانونية في حل المسائل التي تحتاج إلى موقف وقرار .
 
مستدركا إن  الإمام وهو  يسلك طريق إحقاق الحق والتصدي للظلم والجور لم يكن مهادنا او ضعيفا إمام إي نوع من الإغراءات الدنيوية، بل كان جادا وواضحا عندما أطلق صرخته (مثلي لا يبايع مثلك) فهو السائر على خطى النبوة ولا يقبل بالفاسق الفاجر والطاغية .
 
متقينا إن إيقاف الظلم لابد إن يقابله تضحيات، وكان مستعدا لهذه المهمة الصعبة رغم جسامة التضحيات، لأنه رجل المرحلة الذي لا يساوم على مبادئه وقيمه التي تربى عليها .
 
 
 
 ولهذا ابتدأ منهجه الإصلاحي بسلوك الطرق التي تؤدي إلى توعية ونهوض الأمة لمجابهة خطر الاستيلاء على زمام الحكم بطرق غير شرعية، قائلا :
( أَنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشِراً وَ لَا بَطِراً وَ لَا مُفْسِداً وَ لَا ظَالِماً، وَإِنَّمَا خَرَجْتُ لِطَلَبِ الْإِصْلَاحِ فِي أُمَّةِ جَدِّي (صلى الله وعليه وآله) أُرِيدُ أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ أَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أَسِيرَ بِسِيرَةِ جَدِّي وَ أَبِي‏ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) فَمَنْ قَبِلَنِي بِقَبُولِ الْحَقِّ فَاللَّهُ أَوْلَى بِالْحَقِّ وَ مَنْ رَدَّ عَلَيَّ هَذَا أَصْبِرُ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ بَيْنِي وَ بَيْنَ الْقَوْمِ بِالْحَقِّ وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِين)
 
وقدم الحلي حزمة من المعايير التي استلهمها من المنهج الإصلاحي الذي اختطه الإمام الحسين (ع)، وخلاصتها  كما يلي :
 
أولا: الالتزام بالمنهج الأخلاقي في العملية الإصلاحية ويشمل ذلك الصدق والنبل والإيفاء بالعهود والوعود والمواثيق .
ثانيا: التأكيد على ان عملية الإصلاح تبنى على مبادئ وقيم الإسلام وما انزل على رسول الإنسانية محمد (ص) ومارسها أهل البيت (ع) .
ثالثا: الأمر بممارسة قيم حقوق الإنسان كالعدل والأمر بالمعروف والتمتع بالحريات والحقوق التي ترتقي بالأمة لتمارس دورها الرقابي على الحكم .
رابعا: النهي عن المنكر، وشجب الطرق غير المشروعة في الاستيلاء على السلطة ، وعدم شرعية الحكم الطاغي والظالم .
خامسا: الإصلاح يمر عبر عدد من الخطوات الايجابية  وأهمها دعوة الناس إلى الإصلاحات فان قبلوها فهو منهج الحق ألرباني وان رفضوها، فعلينا الصبر والاستمرار في الدعوة بالمكان الذي نستطيع فيه ان نمارس دورنا الدعوي وبمعونة من الله لعباده .
حيث قدم الإمام إلى كربلاء حاملا رسالة ألإصلاح داعيا من  يؤمن بها للمضي معه من اجل التصدي لانتهاكات حقوق ألإنسان  والرجوع إلى الأمة لبيان رأيها بالحاكم، وتطبيق القوانين الإسلامية التي ألزم نفسه بها، أما من يرفض هذه الدعوة فان الإمام يصبر لعل الله يهديهم إلى الحق وهو خير الحاكمين .
سادسا: دعم الأمة للمصلح: ان عملية الإصلاح تستوجب مساعدة الأمة للمصلح، وما لم يتوفر دعم الناس للمصلح فانه لا يستطيع إن يؤدي دورة ويكون عرضة لهجوم الأعداء الذين يريدون الفتك به والقضاء عليه .
 
سابعا: شمول الجميع بعملية الإصلاح ، فهي لا تختص بفئة او جماعة او كيان او حزب معين، وإنما هي شاملة للكل .
 
ثامنا: توعية الأمة بالإصلاحات المطلوبة والتنبيه لما يمكن إن يجري فيها من تحريف خلال مسيرتها، و هي تشمل جوانب الإصلاح الديني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والعلاقاتي وغيرها من الجوانب الأخرى.
 
 
 
 
 
تاسعا: الاتجاه نحو التعبئة الإعلامية للأمة بخطاب معرفي إنساني قادر على توعية الإنسان بواجباته في التصدي للتحديات، وامتلاك إلا رادة القوية التي يتجانس فيها القلب مع العقل  لتحديد معالم الموقف المطلوب .
 
 
 
 
 
عاشرا: إعداد قيادات  من المؤمنين الأشداء الذين لا يترددون في القيام بالتصدي المطلوب عند مواقع التحدي مهمتها الإصلاح والمساهمة بفاعلية في إنجاح المهمة ، اذ إن إي انكسار في الفئة المتصدية يجهض مشروع الإصلاح برمته، وهذا هو سر دعوة الإمام لمن معه للرحيل إذا رغبوا، لكي يبقي معه  المجاهدين فقط من الذين لا يتزعزع إيمانهم  في المواقف الخطيرة وفي المجابهات الصعبة .
 
 
 
 
 
احد عشر: الشعور في الإصلاح يولد السعادة والحياة الكريمة فليس هناك سعادة في العيش تحت نير الظالمين. وهو معيار يحرك الهمة للمضي قدما وعدم اليأس والقنوط من جور الجائرين.
 
 
 
 
 
قال الإمام الحسين (ع) :( إلا ترون إلى الحق لا يعمل به؟ والى الباطل لا يتناهى عنه؟ ليرغب المؤمن في لقاء ربه محقا ً فاني لا أرى الموت إلا سعادة ً والحياة مع الظالمين إلا برما ً).
 
 
 
 
 
 
 
ثاني عشر: التصدي الى العملية الإصلاحية مسؤولية يتحملها الجميع، ولا مفر من التعاون في التصدي لها حيث يقول الإمام عليه السلام : ( من رأى منكم سلطانا ً جائرا ً مستحلا ً لحرم الله، ناكثا ً لعهد الله، مخالفا ً لسنة رسول الله (ع) يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول، كان حقا ً على الله ان يدخله مدخله).
 
 
 
ثالث عشر:مواصفات الحاكم:
 
 
 
 أكد الإمام في نهضته  على الاهتمام بتوعية الأمة بمواصفات الحاكم العادل، وعدم المساومة على الحق. والالتزام بالاتفاقيات والعهود، ودعم سيادة القانون، وجعلها مقياسا لقيمة الحاكم ومشروعية حكمه وهذا ما أراده عليه السلام بقوله : (ولعمري ما الإمام إلا الحاكم بالكتاب، القائم بالقسط، الداين بدين الحق، الحابس نفسه على ذات الله).
 
 
 
 
 
وقد وضع الإمام شروط الكفاءة والاستقامة في تولي شؤون الأمة وتسيير مهام الحكم والسياسية فيها ، بالإضافة إلى ممارسة حق النقد والبيعة والنصح والتوجيه ومناقشة سياسة الحاكم. وهذا ما أكد عليه الحسين (ع) عندما قال: (انا أهل بيت النبوة، ومعدن العلم، ومختلف الملائكة، وبنا فتح الله، وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق، شارب الخمر، قاتل النفس المحرمة، معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله).
 
 
 
 
 
رابع عشر: التركيز على الجهاد الأكبر في تربية الإنسان حتى لا يتعامل مع الإصلاح بقدر مصلحته الشخصية والفئوية او غيرها فيسقط عند المحن والصراع الحقيقي، وهذا ما أكد عليه الإمام (ع) حين قال: (إن الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت معايشهم، فإذا ما مُحصوا بالبلاء قل الديانون )
 
 
 
 
 
خامس عشر: نشر المعتقدات الصحيحة وبيان غير الصحيح من المعتقدات عند البعض   الى ألأمة، والتأكيد على وحدة الأمة ومنع إثارة التفرقة العنصرية والطائفية والقبلية والقومية واعتمادها للتمييز بين الناس .
 
 
 
سادس عشر: الاستجابة لاختيار الأمة للقائد:
 
 
 
استجاب الإمام لدعوة  ألاف الجماهير  من أهالي الكوفة والبصرة واليمن  لنصرتهم والدفاع عن مظلوميتهم من الحكم الجائر ليزيد ، حيث أجاز (عليه السلام)  مشروعية الأسلوب الذي تستخدمه جماهير الأمة لرفض السلطة الجائرة .
 
 
 
سابع عشر: عدم القبول بالذل والعبودية لغير الله.
 
 
 
 
 
أكد الإمام إلى إن الأحرار لا ينبغي أن يكونوا أذلاء قائلا : (والله لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقر إقرار العبيد) .
 
 
 
 
 
مشيرا إلى إن يزيد اغتصب الخلافة ويريد فرض حكمه بالجور والذل  كما يريد استسلام أهل الحق لذله ، وهذا لا يتلائم مع أصحاب المبادئ والقيم الذين خصهم الله بالكرامة والعزة وهو ما أكده (ع) بقوله (ألا وإن الدعي ابن الدعي قد تركني بين السلة والذلة، وهيهات له ذلك مني، هيهات منا الذلة، أبى الله ذلك لنا، ورسوله، والمؤمنون، ومحجور طهرت، وجدود طابت، أن يؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام).
 
 
 
 
 
ثامن عشر: الحياة محل اختبار وينبغي ان لا يسقط المصلح في الاختبار بإغراءات او مصائب الدنيا:
 
 
 
 
 
أكد الإمام على ان لا يكون الدين لإغراض دنيوية او شخصية من دون ضوابط، فالإنسان يحاسب يوم القيامة للحسنة والسيئة التي يقوم بها، فإذا ما امتحن في الدنيا عليه تقع مسؤولية الصبر على الشدائد ويجب  ان لا يسقط في المحنة بسبب شدة حبه للمال والجاه والدنيا، حيث  قال: (الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم، فإن محصوا بالبلاء قل الديانون).
 
 
 
 
 
تاسع عشر: العاطفة لتحريك الالتزام بالدِّين ، وهي ليست هدفا لوحدها من دون أهداف الإصلاح الأخرى،  وبما ان المنهج الإصلاحي الذي اختطه الإمام الحسين (ع) تميز بطرح منهج متكامل للتغيير عبر تحويل المجتمع ليلتزم بالقيم الإسلامية، مستفيدا من الجانب العاطفي في الإنسان  لتحريك العقل والضمير والإحساس، ولهذا فان الهدف هو تحريك الشعور بالمسؤولية والالتزام بما جاء به الإسلام ، وما العاطفة إلا وسيلة لتحقيق هذه الأهداف. وبناء على ذلك فالمتوقع من النشاطات الحسينية إن تلتزم بهذا المنهاج.
 
 
 
 عشرون : عطاء الإصلاحات في منهج الإمام أدى الى استمرار المقاومة للظلم حتى الانتصار:
 
 
 
ولهذا فان الإبطال الذين يجاهدون في ساحات التصدي ضد الخوارج على الدين الإسلامي من القاعدة والدواعش وأشباههم، ويدافعون عن وطنهم بدمائهم يجسدون حقيقة أنهم أنصار الإمام الحسين (ع) ولا زالوا في الساحة يسيرون على نهجه (ع) الذي بقى فاعلا في كل زمان ومكان.
 
 
 
 
 
كذلك فان منهج الإمام كان ولا يزال  يحرك الثوار  في كل الأمكنة والازمنه  ضد الظلم والجور، وهم يتحدون  ألوان الشر والإساءة إلى الإنسان وقيمه.
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/10/10



كتابة تعليق لموضوع : وليد الحلي : ما أحوجنا اليوم إلى معايير الإصلاح التي دعا إليها الإمام الحسين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net