صفحة الكاتب : فاروق الجنابي

كربلاء بين سندان الخدمات ومطرقة الخطة الامنية
فاروق الجنابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الانسان عندالله كائنا مقدسا وغاية سامية تهون دونه كل التضحيات ،وما استوقنا في هذا البحث ان العراق اصبح  بحراً من الدماء  تنزف من جراحات الاجساد الطاهرة لابنائه بشتى مظاربهم الاثنية والعرقية مسلمين ومسيح وصابئة واعراق اخرى ،عرب وكرد وتركمان ،سنّة وشيعة ،شيوخ وشباب ،نسوة واطفال فالجميع طالته يد الارهاب السياسي والجنائي، ارهاب المخبر السري والدعاوى الكيدية ،ارهاب الفساد المالي والاداري والتوافق السياسي الذي عطّل الدستور ،ارهاب الاسلحة الكاتمة والاحزمة الناسفة ارهاب الديمقراطيون الجدد اصحاب مشاريع فدرلة العراق وتقطيعه الى اوصال متناثرة تعصف بها اعاصيروتسونوميات المد والجزر السياسي الاقليمي الذي تباركه القوى الغربية التي تريد اعادة العراق الى عصر الاستعمار  ولكن بنظرية الاستعمار الفكري والثقافي والعلمي من خلال عولمة المجتمعات بمقاسات استعمارية متحضرة باثارة التمايز الطبقي وبث روح النعرات الطائفية ومحاولة انحلال التماسك المجتمعي  وتعميق فجوة الخلافات لتصل الى حدود القطيعة بين اطيافه لتتمكن هي من تحقيق مشروعها في نهب خيراته  ،والاكيف لنا ان نفسر ماجرى للحشود المليونية في رحاب كربلاء اثناء احيائهم لمناسبة النصف من شعبان من تفجيرات ارهابية طالت الامنين من الناس وازهقت بعض الارواح البريئة وامتدت تلك الاعمال الى محطات الوقود لتجعلها ركام متفحم والى الكثير من العجلات الخاصة التي تصادف وقوفها قرب اماكن التفجيرات واحالتها الى حطام لتنشر الرعب بين الزائرين الذين حضروا الى كربلاء من مختلف الاطياف والمعتقدات فهذا المسلم وذاك المسيحي والصابئي وهذا العربي وذلك  الكردي والتركماني وذلك الشيعي وهذا السني ليسطف الجميع في سراط معبرين عن وحدة الصف متعاضدين بعضهم للبعض الاخر في السراء والضراء ،كانت الجموع البشرية تتوافد الى مدينة كربلاء من داخل وخارج العراق لاحياء مناسبة النصف من شعبان  ولكن الجميع تفاجأ بهزالة الخطة الامنية  التي كانت لاتتناسب مع الظروف الانسانية المنشودة  التي كنا نطمح ان ترتقي الى مستوى المسؤولية  الانسانية والمهنية لتذليل متاعب السفر امام الوافدين وتقديم الجهد الانساني لهم والذي يقترن بتقديم الخدمات وتسهيل التنقلات لهذه الحشود الزاحفة لمدينة كربلاء من خلال السماح لبعض العجلات المخولة بالسير تقوم بنقل الزائرين من اماكن القطع البعيدة الى  مداخل المدينة ،كذلك لنقل الزائرين في الاماكن المحصورة بين امناطق القطع بغية التخفيف عن معاناتهم في السير على الاقدام لمسافات لايقوى الناس على مجاراتها تحت ضلال شمس الظهيرة اللاهب والذي تجاوز( 50) درجة مئوية في اكثر الاحيان ومارافق فشل هذه الخطة التي اساءة الى معايير الضيافة في مدينة اعتادت ان ترتدي حلّة الكرم العلوي والترحاب العروبي للقادمين اليها وتحتفي بهم بقلوب منفتحة للجميع وابواب مشرعة لضيوف الحسين وتسترخص غواليها وتبذل نفائسها طيلة فترات مكوث الزائرين الذين  تغص بهم فضاءاتها دون ملل او كلل وحتى المغادرة ،كانت الصلاحيات متداخلة ومرتبكة لدرجة شابها بعض الفوضى في جزء من مفاصل الاداء والتنفيذ ومن اساب فشل الخطة الامنية غياب الجهد الاستخباري بالكامل واعتماد الخطة على عسكرة المناطق بزيها الرسمي مما يتيح لعناصر الارهاب بالتحرك في مديات اكثرعمقا لتحقيق مآربها وكذلك كان الجهد الميداني للخدمات لايرتقي الى مستوى المسؤولية لامن حيث التخطيط ولامن حيث الاداء فالكهرباء التي استقطعت من حصص المحافظات بحسب الزائرين على اساس اضافتها لحصة كربلاء لم نلمس ذلك على ارض الواقع بل كانت مخيبة للامال لان حصة كربلاء هي بالاساس كانت خارج نظام القطع المبرمج ،كذلك جهد المواصلات لم يكن بذات المستوى من الحرص لان الكثير من الزائرين عادوا سيرا لمناطق تجاوزت حدود المحافظة دون الحصول على وسيلة نقل ،وكانت على الجانب الاخر من الخدمات كان للجهد البلدي دوره المتميز في الاداء الذي رافق المناسبة بكل كوادره منذ حلولها حتى ساعات المغادرة فكان الجميع مثالا للمهنية فالبسوا كربلاء حلّة زاهية اشرقت القا وجمالا ونظافة رغم اختلاط الليل عليهم باشراقة النهار ونتمنى من الدوائر الاخرى وخصوصا قيادة العمليات والكهرباء والماء والنقل ان يتعلموا من دروس الفشل في الاداء لهذه الخطة فليس عيبا ان نخطأ ولكن العيب ان نكرر الاخطاء وخصوصا نحن جميعا نسعى لان تكون كربلاء مشروعا انسانيا ووطنيا نحتمي بظلاله وان ندرك ان علينا مسؤولية مقدارها شرف الانتماء لهذا الوطن مثلما ندرك ان لكل جواد كبوة واذا كانت كبوت الخطة الامنية لهذه المناسبة فشلها الذي نتج عنه هذا الاخفاق والمتاعب التي ارهقت كاهل الزائرين فليسعى اصحاب القرار ان يتعلموا منها عبرة لقادم المناسبات ونتمنى ان تجد كلماتنا آذانا صاغية وان يدرك الاخوة في عمليات كربلاء وقيادة شرطتها ان الجهد الاستخباري هو الكفيل بنجاح الخطط الامنية وليس الكم الهائل للسيطراة والقطوعات العمياء التي لاتبصر من لها ومن عليها وان تجعل الاعلام ظهيرا لها دون ان تتخذه عدوا مبين وان تتعامل معه بروح المسؤولية المجردة من روح الانتقام والتعالي لان الدول لايمكن ان تنهض بالانفاق المظلمة دون ان تشرق في سمائها شمس الاعلام الوطني المستقل الهادف فنجاح الخطة الامنية لابد ان يرافقه جهد اعلامي وطني هادف يستنهض الهمم في صد رياح الارهاب بروح وطنية سامية بعيدة عن ادران المحاصصة السرطانية التي تنخر بجسد العراق يتعاضد معه جهد استخباري مهني ليكون الاثنان ركنيني اساسيين ليس في نجاح خطة امنية فحسب بل في نهضة العراق نحو غد مشرق        



قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فاروق الجنابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/08/07



كتابة تعليق لموضوع : كربلاء بين سندان الخدمات ومطرقة الخطة الامنية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net