يأجوج ومأجوج والعلم الحديث
صالح الطائي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
صالح الطائي

تناولت في كتابي الموسوم (عوالم الحكومة المهدوية؛ غزو الفضاء وفتح المجرات في عصر الظهور) الحديث عن أقوام يأجوج ومأجوج، وتكلمت عن جنسهم وأصلهم وأشكالهم وأحجامهم، حيث جاء في وصفهم أن فيهم أناساً طوالاً كشجر الأرز، وآخرين قصاراً لا يتجاوزون شبر الإنسان العادي، وأن البعض منهم يفترش أذناً ويتغطى بأخرى. كما جاء عن الإمام أحمد(رض) قوله: "إنهم عراض الوجوه، صغار العيون، شقر الشعور، وجوهم مدورة كالتروس". وجاء عن حذيفة بن اليمان(رض): "هم ثلاثة أصناف: فصنف منهم أمثال الأرز . قلت: وما الأرز ؟ قال: شجر بالشام طول الشجرة عشرون ومائة ذراع في السماء، هؤلاء الذين لا يقوم لهم خيل ولا حديد، وصنف منهم يفترش بأذنه ويلتحف بالأخرى، لا يمرون بفيل ولا وحش ولا جمل ولا خنزير إلا أكلوه".
وتكلمت عمن قال: إنهم بشر من نسل آدم وحواء، إذا قال المفسرون ومنهم القرطبي: "إنهم من سلالة آدم، بل هم من نسل نوح أيضا من أولاد يافث أبي الترك، والترك شرذمة منهم، تركوا من وراء السد الذي بناه ذو القرنين".
ومن قال: إنهم نصف بشر، كما في رواية كعب الأحبار في صحيح مسلم وفتح الباري: "هم نادرة من ولد آدم، وذلك أن آدم احتلم ذات يوم، وامتزجت نطفته بالتراب، فخلق الله من ذلك الماء والتراب يأجوج ومأجوج، فهم يتصلون بنا من جهة الأب دون الأم"
ومن قال: إنهم أجناس غير آدمية ، من ذلك حديث الإمام علي: "وأجناس بني آدم سبعون جنسا، والناس ولد آدم ما خلا يأجوج ومأجوج".
وتكلمت عن طول أعمارهم التي تتجاوز الألف عام. قال الطبري في تفسيره: "لا يموت رجل منهم إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا، وقال: من بعدهم ثلاث أمم لا يعلم عددهم إلا الله: تأويل، وتاريس، وناسك أو منسك". وفي حديث عن حذيفة: "يأجوج أمة ومأجوج أمة، كل أمة أربعمائة ألف أمة، لا يموت الرجل حتى ينظر إلى ألف ذكر بين يديه من صلبه، كل قد حمل السلاح".
كل ذلك استقيته من أحاديث يقال: إنها نبوية ومن روايات تاريخية وعقائد دينية.
ومن خلال التحليل وتفكيك الروايات بما في ذلك كلمة (ينسلون) الواردة في قول الله تعالى في كتابه العزيز: {حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ}
بعد أن تابعت أقوال وآراء المفسرين في الآية، تبين لي أن هناك شبه اتفاق على أنهم موجودون في هذا العالم ، وفي الكرة الأرضية تحديدا، ولكن في باطن الأرض وليس ظاهرها، وأنهم يقطنون المنطقة الجغرافية الواقعة بين جزيرة العرب وبلاد الشام. أو قرب أذربيجان وأرمينيا والصين وروسيا وتركيا.
وبعد المقارنة والمقاربة والتأمل والتحليل تأكدت يقينا أنهم موجودون فعلا دون أدنى شك ـ في الأقل ـ لأن الروايات التي تتحدث عن وجودهم وغزوهم الأرض موجودة في القرآن الكريم، وفي كتب الحديث والتاريخ وغيرها، فضلا عن ذلك تتفق المدارس الفقهية الإسلامية على صحة وجودهم، كما ذكرتهم الكتب والتقاليد الدينية للديانتين اليهودية والمسيحية. وهذا الاتفاق يدفع أي إشكال. لكني اختلفت معهم في مكان وجودهم؛ الذي قال عنه الطاهر بن عاشور: "وبناء على أن السدين بين أرمينيا وأذربيجان فإن موضع السد هو الشمال الغربي لصحراء قوبي الفاصلة بين الصين وبلاد المغول شمال الصين وجنوب مغوليا، وقد وجد السد هنالك ولم تزل آثاره إلى اليوم يشاهدها الجغرافيون والسائحون.
وجاء في مركز الفتوى السعودي قولهم عن مكان السد: "يذكر بعضهم أنه في جورجيا في جبال القوقاز قرب أذربيجان وأرمينية وقيل إنه في أواخر شمال الأرض وقيل غير ذلك، وقال الألوسي: ولعله قد حال بيننا وبين ذلك الموضع مياه عظيمة، وكلام الألوسي كلام وجيه، فقد يكون مكان السد مغمورا بمياه البحار"
أما أنا فرأيت أنهم أقوام فضائيون وليس أرضيون، وأنهم يقدرون بالمليارات، وسوف يغزون الأرض، ثم يُقضى عليهم نتيجة حدث، فسرته على أنه سيسلبهم دروعهم أو ملابسهم الواقية، فيبقون بدون حماية، فيقتلهم جو الأرض الذي لا يتلاءم مع طبيعتهم. وقد استقيت هذه القناعة من القرآن والسنة، بل من بعض كلمات الآية أعلاه مثل: (الحدب) و(ينسلون)
فالحدب: المرتفع من الأرض، قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: والحدب: النشز من الأرض، وهو ما ارتفع منها.
أما كلمة ينسلون فقد جاء في تفسير الطبري قوله: "وأما قوله (ينسلون) فإنه يعني أنهم يخرجون مشاة مسرعين في مشيهم كنسلان الذئب".
وجاء في تفسير الطاهر بن عاشور قوله: ينسلون: يمشون النسلان، وأصله: مشي الذئب. والمراد: المشي السريع.
وفي معاجم اللغة؛ ينسلون مشتقة من الفعل (ن س ل) وينسل، وانسل: خرج في خفية دون أن يُعلم به، تحرك خلسة انسل اللص من وسط الزحام. وانسل الصوف: انفصل عن غيره، وسقط.
وعند ربط معنى كلمة حدب مع معنى كلمة ينسلون سيبدو واضحا أنهم ينزلون من (حدب) مرتفع غير معروف ولكنه لا يمكن أن يكون جبلا، أو مكانا أرضيا مرتفعا، ثم (ينسلون) أي ينفصلون عنه، بما يبدو وكأن المقصود بالحدب: مركبات فضائية عملاقة، ينفصلون عنها حينما يصلون الأرض.
ولدعم موقفي ورأيي سألت في الكتاب: إذا كان العلم الحديث بكل أجهزته المتطورة ومراصده العلمية ومركباته الفضائية لم ينجح حتى هذه الساعة في تحديد مكان وجود هذه الأمم المليارية هل يعني ذلك أن القصة القرآنية كاذبة مثلا؟ أو أن وعد النبي(ص) كاذب؟ وبقي قولي هذا ورأيي فيهم موضع نقاش وجدل منذ صدور الكتاب في عام 2012 ولغاية هذه الساعة.
الآن اطلعت على معلومة مهمة تخص الموضوع، وتدعم رأيي، حيث ذكر الأثري الدكتور أحمد صالح، في تصريح لـ(بوابة الأهرام) أن التقنية الجديدة التي تقوم بها سارة باركاك عالمة الآثار وأستاذة علم المصريات والأنثروبولوجيا، من خلال تحليل صور الأقمار الصناعية التي تبثها وكالة الفضاء (ناسا) ساعدت على اكتشافات أثرية مطمورة في الصحراء الغربية بمصر.
فمن خلال صور الأقمار الصناعية التي تعرضها وكالة الفضاء ناسا، حدد علماء آثار وجود 17 جسمًا تشبه الأهرامات مدفونة على عمق (كبير) تحت مدينة مصرية قديمة تسمي (تانيس) بناها المصريون القدماء وأظهرت صور الأقمار الصناعية أيضًا، هياكل مفقودة وأكثر من 3000 مبنى و1000 قبر.
وأكد الدكتور أحمد صالح أن هذه التقنية ستساعد في كشف ما في باطن الأرض المصرية من كنوز أثرية، وبخاصة في المناطق التي كانت عاصمة قديمة في مصر الفرعونية.
ومن هنا أرى أن هذه الأجهزة المتطورة ما كانت لتسكت لو اكتشفت وجود مثل هذه الأمم التي تتهدد جميع سكان الأرض بالفناء. وهذا يعني أن تأسيس مجمع علمي إسلامي يضم جميع فرق المسلمين يتولى إعادة النظر في كثير من الأخبار التي تحولت إلى بديهيات وقناعات راسخة بالرغم من خطلها وخطأها، قد يسهم في التأسيس لفهم واقعي للدين، نتجاوز بواسطته الكثير من القناعات التي تسببت في تشظي الأمة وفرقتها.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat