دكتاتورية القضاء وديمقراطية الهاشمي والنجيفي
عباس العزاوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عباس العزاوي

كلما اوشكنا على ممارسة الامل في اغلاق ملف شائك ومعقد يعيق العملية الديمقراطية في العراق لكي نمضي ولو خطوة واحدة الى الامام , شرّعت بعض الاحزاب المعادية لنهضة البلاد برشقنا بوابل من المشاكل الجديدة والمستعصية, وكلما خفّت وتيرة الارهاب ومجازره الوحشية برزت الى السطح معضلة ذات وجه عابس ليحترق الشارع بالمفخخات والاغتيالات المنظمة, كأنَّ الارهابيين يعملون بالتنسيق مع هذه الاحزاب , فهل هي مصادفة ؟ ام تخطيط مسبق ضمن مجموعة من المؤامرات الدنيئة التي يقودها بعض الساسة وانصارهم.
يلاحظ ان اغلب السياسيين في القائمة العراقية ـ معضلة العراق وسرطانه الجديد ـ يهددون دائما بالويل والثبور وبالدماء التي ستغطي ارض البلاد في كل مناسبة, سوى كان الحديث عن توزيع الحقائب الوزارية اوعن اعدام بعض المجرمين من الذين ادانهم القضاء العراقي. ولانستطيع معرفة المبررات السياسية اوالمسوغات القانونية لتلك التهديدات والتدخلات السافرة بسلطة القضاء المستقلة!! , فهل هي وقاحة واستهتار علني بارواح الضحايا وبالعراق وشعبه ؟ ام هو جهل مطبق بالمبادئ السياسية والقوانين والاحكام الجنائية؟
يقول السيد اسامة النجيفي بان حكم المحكمة القاضي باعدام ضباط الجيش السابق والمتورطين بجرائم الابادة الجماعية قبل سقوط النظام والتي راح ضحيتها 180 الف مواطن عراقي كردي وتدمير آلاف القرى, دعوة للانتقام والثأر, وأعتبر تجمعه ايضا بان الحكم القضائي " تأسيس لدكتاتورية جديدة"!! فمن هي الجهة التي تريد الانتقام ؟ وما هي الدكتاتورية الجديدة؟
واضاف طارق الهاشمي في نفس السياق, بان تنفيذ احكام الاعدام بالامر الخطيرعلى المؤسسة العسكرية, مبيناً نيته بعدم المصادقة على المرسوم الجمهوري الخاص بقرار الاعدام, وناصحاً في الوقت نفسه العراقيين بقراءة كتاب السيد الخميني " التاج والعمامة" الذي يذكر فيه فداحة اعدام الجنرالات الذين كانوا ايام حكم الشاه, هذا الرجل المراوغ يريد ان يقول بان علماء الشيعة ينصحون بالعفو عن ـ الضباط ـ المجرمين لغرض الاستفادة من خبراتهم في قيادة البلاد, ولم يغفل ذكر مفردة "الامام" قبل اسم السيد ليدغدغ بها مشاعر الشيعة في الوقت الذي كان حكم الفريق سلطان هاشم وحسين رشيد بالاعدام على احداث عمليات الانفال الخاصة بأبادة الاكراد وليس الشيعة..!
وهكذا استطاع شخص واحد في عراقنا الجديد وفي منصب جاء ضمن توافقات سياسية ليعطل القضاء العراقي باكمله ويضرب الدستورعرض الجدار دون ان يخضع للمسائلة والاستجواب, ولااعرف هل سيخضع قرار المحكمة باعدام "الرمزين البعثيين" الى تصويت البرلمان كما حدث مع المفوضية الفاسدة وظهرت انها مازالت طازجة ولم تفسد بعد! كما يدّعي "المفترون"!!... ولم لا فنحن بلد ديمقراطي ولاشئ يمر دون تصويت, كل شئ يخضع للتصويت, حتى حيوان "الغرير العسلي " المتوحش الذي افترس بعض من اطفال واهالي الرميثة قبل ايام فلايحق لنا قتله او اصطياده قبل التصويت في البرلمان ربما هناك جهات سياسية لها علاقة بهذا الوحش!! وقد جلبته لغرض التوازن البيئي كما يقول اصحاب المعرفة والاختصاص! وبدل ان يخلصنا من الافاعي السامّة مزّق اطفالنا !!.
ليس هناك انسان وطني شريف او طاهر اليد وغير متورط باعمال أجرامية مشبوهه يتصدى وبدون حياء او مراعاة لمشاعر ذوي الضحايا للدفاع عن المجرمين والارهابيين , بل ويسعى في محاولة دنيئة وفاشلة لتبيض صفحاتهم السوداء وتاريخهم الدموي ضد ابناء جلدتهم ومواطنيهم , بحجة انهم عسكر وينفذون الاوامر ولايجب ادانتهم , كأنهم آلات صماء لاتعي فداحة مااقترفت ايديها ولا تقدر قيمة الدماء التي أُريقت ... لا لشي الا امتثالا لاوامر قائدهم اللعين! ووفق تلك المعايير الباطلة ليس هناك من يستحق العقاب العادل في عراق اليوم , فالكل ابرياء واياديهم نظيفة من حمامات الدم التي غطت ارض العراق من الجنوب الى الشمال طوال الاربعين سنة السوداء!!
قبل سنة تقريبا أُثيرت في الصحف العراقية والعربية نفس القضية وفي نفس الاتجاه والقوة, كانت تطالب بالعفو عن المُدانيين انفسهم, حتى ان الامين العام لاحد التيارات الديمقراطية ( خارج العملية السياسية ) وله صفحة خاصة به روج لضرورة الغاء حكم الاعدام , حتى وصل الامر بوصف الفريق سلطان هاشم ليس بالقائد العسكري والمهني وحسب بل ومعارض سابق للنظام (1)! لانعرف نحن البسطاء نوع معارضته الراقية جداً والفريدة من نوعها وقد كتبت في حينها رداً عليه (2).
اذن نحن امام مجموعة من المتاجرين بالدم العراقي وحُفنة من المحتالين الاشرار استطاعوا التسلل للعملية السياسية لافشالها اوعرقلتها , فاذا كان القضاء العراقي مسييس وقراراته انتقامية وثأرية حسبما يدّعون ! فماذا نسمي المذابح الارهابية التي حصدت ملايين الارواح العراقية خلال السنين الماضية؟ ألم تكن عمليات انتقامية ضد ابناء الشعب .... وكيف سيتحقق العدل والامان في البلاد ياسادة ؟ اذا كنتم تعترضون على كل حكم قضائي لايروق لكم اولانصاركم وتحاولون تسييسه!!! وماذا سنقول لاولياء الدم ؟ خذوا حقكم من الجناة بايديكم وبذلك لانؤسس لمبدأ الثأر والانتقام وفق نظرية النجيفي. لااعرف كيف قلبت الامر يارئيس البرلمان!.
ليتك ياأُسامة النجيفي كنت حاضر الذبح البعثي لشبابنا ورجالنا دون اي محاكمة عادلة!!.. ليتك اعتبرت محكمة عواد البندر التعسفية ضد سكان الدجيل تأسيس للدكتاتورية ودعوة للثأر والانتقام !وليت كانت انسانيتك شملت ارواح احبتنا ورجالنا واطفالنا ممن قضوا على يد من تدافع عنهم الان ... أتتذكر انسانية وعدالة سلطانك هذا!! وهو يفتخر بسحق وقتل العراقيين ( العملاء) في قرى كردستان العراق في رسالته الى سيده ,وهل تتذكر طريقة محاكمة السياسيين الوطنيين ابان حكم البعث الفاشي واساليب تعذيبهم!! ,ام انك ياسيد أسامة تعتبر الحكم القضائي العادل انتقاماً من رموز النظام المقبورعما فعلوه سابقا ؟.
انا كمواطن عراقي نال نصيبه من "عدالة" البعث وعصابته ,مع دكتاتورية القضاء العراقي وانتقاميته ولااقبل باقل من القصاص العادل اذا كانوا المُدانيين هم ادوات البطش الصدامي ضد ابناء شعبي الحبيب. انا مع الثأر القضائي اذا كان ضد كل الارهابيين والمجرمين مستبحي حرمة الدم العراقي. ولااعتقد ان هناك انسان منصف يرضى بالعفو عن المذنبين مهما كانت مكانتهم الاجتماعية اومناصبهم! فلا تشرعنوا العفوعن المجرمين ياساسة العراق ,لانكم بذلك تعرضون ضمائركم ودماء ابناءكم ومواطنيكم للبيع وللمساومات السياسية الرخيصة وتفتحون باب لايغلق من طلبات العفو والمسامحة بذريعة " المصالحة الوطنية". فتصبحوا على ماعملتم نادمين.
3.8.2011
(1) http://www.albadeeliraq.com/article6665.html
(2) http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=405
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat