صفحة الكاتب : مير ئاكره يي

إستقراء وملاحظات على مقالة ( إسلام من يتبع داعش والقاعدة )الجزء الأول
مير ئاكره يي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لقد إستقرأت مقالة الدكتور محمود عباس الباحث الكردي بعنوان ( إسلام من يتبع داعش والقاعدة ) ، فرأيتها مقالة بحثية هامة ودقيقة من ناحية أخرى في أكثر جوانبها التي تطرق اليها الكاتب حول تنظيم داعش ومنظمة القاعدة ، حيث الأخيرة هي الأم الفاجرة المارقة التي خرجت من رحمها تنظيم داعش الغارق في العدوان والطغيان والفسااد والدموية ..أما ملاحظاتي فهي كالتالي :
1-/ المراجع والمراكز الاسلامية وجماعات العنف والتطرف الدينية التكفيرية : ذكر الدكتور محمود عباس في بداية مقالته بأن المراجع والمراكز الاسلامية لم تهتم كثيرا ، أو إنها تقاعست في الوقوف بوجه تيارات العنف الدينية ذات الطابع التكفيري ، ولو إنها فعلت ذلك لكانت الخسائر أقل ، كذلك كان المغرر بهم من الشباب المنضم لتلكم التيارات العنفية التكفيرية أقل نسبة أيضا . هذه نقطة هامة تطرق اليها الأخ الكاتب في مقالته ، وهي صحيحة في جوانب متعددة منها ، مع أني تابعت جهودا متعددة وكبيرة للمراجع والمراكز الاسلامية في الرد على تيارات العنف والتطرف الدينية ودحض وإبطال محاججهم الدينية التي يستندون اليها في خروجهم على المجتمعات والبلدان ، حتى إن بعضا من العلماء المسلمين وقعوا ضحية التكفير والقتل والاعتيال ، منهم العالم الأزهري المعروف الدكتور محمد حسين الذهبي صاحب الكتاب القيم والهام ( التفسير والمفسرون ) ، حيث آغتالته ( الجماعة الاسلامية المصرية ) ، لأنه - بزعمهم - إرتد هعن الاسلام وأصبح وزيرا في ( حكومة كافرة ) ! ، كان المرحوم الشهيد الدكتور الذهبي وزيرا للأوقاف المصرية في حكومة الرئيس الراحل أنور السادات .
بالحقيقة إن عتب الدكتور محمود عباس للمراجع والمراكز الاسلامية في عدم تصديها اللازم إسلاميا للتيارات العنفية الخوارجية بتعبير الفقه الاسلامي أيضا له ما يبرره ، حيث إنه يرى إنهم قد تقاعسوا في عدم تكفيرهم لتلكم الجماعات العنفية الدينية ، ولو فعلوا ذلك لقطعوا الطريق أمام توظيف الجماعات العنفية الدينية من سوء توظيف الاسلام وآستخدامه في العدوان على الناس وأمنهم وآستقرارهم ورخائهم وكرامتهم وحريتهم ..
أعتقد إن الأمر الذي أحرج المراجع والمراكز الاسلامية في الفتوى الصريحة والصدع علانية بكفر وكفرية الجماعات العنفية - الارهابية الدينية في العالم العربي يكمن في حساسية مصطلح < التكفير > ، فالتكفير في الاسلام له حساسية خاصة ، وقد نهى رسول الله محمد - عليه الصلاة والسلام - عن التكفير ، كذلك دعا وناشد أصحابه والمسلمين عامة بتجنب التكفير . فمن شهد ب{ لا إله إلاّ الله ، محمد رسول الله } وآمن بسائر الأركان الدينية الأربعة الأخرى ، وهي : الصلاة ، الزكاة ، الصوم والحج ، ثم آمن بالأركان الايمانية ، وهي الايمان بالبعث ( اليوم الآخر ) والملائكة والكتب السماوية والأنبياء المرسلين ، فهو مسلم لا يحل ولا يجوز تكفيره ، في السنة النبوية جاء الايمان بالقضاء والقدر كركن آخر من أركان الايمان بحسب مذهب أهل السنة ، ومن لم ينكر ويرفض ويجحد بركن واحد من أركان الاسلام والايمان المذكورة فهو مسلم لا يحل الحكم عليه بالكفر ، أما من أنكر واحدة من تلكم الأركان حينئذ يُكفر .
برأيي هناك مسألة أخرى توقف المراجع والمراكز الاسلامية في عدم تكفيرهم الصريح والعلني للجماعات العنفية الدينية ، وهي : في الاسلام لا يُقتل الكافر لمجرد كفره ، أو لأنه كافر ، لأن الايمان واللاإيمان هو أمر إختياري للانسان كما قرره الكثير من الآيات القرآنية ، بل الكافر يُقتل اذا ما آستحق للقتل ، وفي هذا يشترك فيه المسلم وغير المسلم أيضا . فلو إن المراجع والمراكز الاسلامية أصدرت فتوى بتكفير وكفر وكفرية الجماعات العنفية الدينية ربما ظن الكثير من الناس بأن الكافر ينبغي أن يُقتل لكفره ولعدم إسلاميته وإيمانه بالاسلام ، وهذا لا يوجد في الاسلام قطعا ، لأن القاعدة الذهبية الانسانية للاسلام مذ بداياته الأولى ، والى اليوم ، والى آخر الدهور والأزمان ، هي { لا إكراه في الدين } البقرة / 256 . هذه القاعدة الذهبية الانسانية للاسلام ، هي غير قابلة للتغيير ، أو التطور ، أو التبديل ، أو الاجتهاد ، أو إعادة النظر على الاطلاق ، وبجميع الأحوال والظروف للاسلام والمسلمين : سواء ً كانوا في ذروة القوة والاقتدار والتفوق ، أو كانوا عكسه تماما . وذلك لعوامل متعددة ، منها - ربما أهمها - إن السياسة ليست اصلا ولا ركنا من أصول الاسلام ، أو أركانه ، بل العدالة والاعتدال والانصاف واللاإكراهية اليدينة والدعوة للاسلام بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال والحوار الأحسن والألطف والمستدل وغير ذلك من أصول الإسلام الذي دعا المسلمين اليها وأوصاهم التمسك بها وتطبيقها ، مع الوصية والأمر بتجنب التكفير والعنف الديني سواء ً بالنسبة لهم ، أو لغيرهم من الناس الذين ينتمون الى أديان أخرى .
لكننا حينما نراجع القرآن الكريم وصحيح السنة النبوية نجد بأنهما لم يعطوا الحصانة للمسلم في أن يفعل ما يشاء ، أو إنه لم يجعل الايمان مجرد إيمان فقط ، بل جعلوا الايمان مقترنا بالأعمالا الصالحة والأفعال الايجابية والطيبة ، فكثيرا ما نقرأ في القرآن { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات } . ثم إن الكتاب والسنة جعلوا معايير صارمة فيمن يقترف جرائم كبرى ، مثل سفك الدماء ، أو إرهاب وإرعاب الناس ونشر الهلع والذعر في المجتمعات ، أو قطع الطريق ، أو تهديد السلام والأمن والاستقرار المجتعي للمجتمعات ، أو السطو على أموال الناس وثرواتهم بآسم الدين ، أو غيرها المشابهة من الجرائم ، حيث أصدر الاسلام بشأنها أحكاما صارمة ورادعة وجدية ، وهي :
- محاربة الله ورسوله .
- الفساد في الأرض
- المروق من الدين
- القتل بأشكال مختلفة وفق ما يجتهد فيه الحاكم والحكومة
- النفي من البلد المتواجد فيه المارق المحارب الارهابي ، الى بلدة بعيدة أخرى
ألف / القرآن الكريم :
___________
{ إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويَسْعَوْن في الأرض فسادا ؛ أن يُقَتَّلوا ، أو يُصلَّبوا ، أو تُقْطَع َ أيديهم وأرجُاُهُم من خِلاف ٍ ، أو يُنْفَوا من الأرض * ذلك لهم خزي ٌ في الدنيا ، ولهم في الآخرة عذاب عظيم } المائدة / 33
التفسير :
_____
إن جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ، أي لا يطيعون تعاليمههما وأحكامهما ، ثم بعدها يقومون بالفساد في الأرض ، وهو سفك الدماء البريئة للناس ، أو العدوان على أعراضهم ، أو القيام بالسلب والنهب لأموالهم ، ، أو يقومون بإشاعة الفوضى والهلع والذعر بين الناس ، فإن جزاءهم : القتل ، أو الصلب ، أو قطع الأيدي والأرجل مخلاف ، أي بالعكس ، أو النفي من البلد ، فتلكم العقوبات هي خزي وعار لهم في الدنيا ، أما في دار الآخرة فلم عذاب عظيم آخر عند الله تعالى .
إن القرآن في هذه الآية أعطت إشارة واضحة للحاكم والحكومة في الاجتهاد للإختيار في نوع العقوبة التي يستحقها ذلك الشخص ، أو ذلكم الأشخاص الذين يقومون بالجرائم المذكورة ، أي : إن الحاكم بوسعه تقرير العقوبة ونوعها وآليتها ، وذلك لأجل الصالح العام ، أي بإمكان الحاكم الاجتهاد في إلغاء قطع اليد والرجل بعقوبة أخرى ، وهكذا إلغاء الصلب بعقوبة أخرى ، لأن الآية خيَّرت الحاكم في تقرير نوع العقوبة ، وذلك وفق قوله تعالى { أن يقتلوا ، أو يصلبوا ، أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، أو ينفوا من الأرض } ، فهذه كلها إختيارات أعطاها الله سبحانه للحاكم في إختيار نوع العقوبة ، مع الاجتهاد فيها بحسب الظروف والمصالح المجتمعية والأمنية للناس . أي : لييس شرطا أن تقطع اليد والرجل ، أو الجلد ، أو الصلب ، أو القتل بالسيف ، فهذه آليات يمكن للحاكم تبديلها بآليات أخرى كما أعطى القرآن الكريم الصلاحية الاجتهادية في ذلك مثلما أرشدتنا الآية الثالثة والثلاثين الحكيمة المتلوة من سورة المائدة .
ب / السنة النبوية :
__________
( صحيح مسلم / باب : الخوارج شَر ُّ الخلق والخليقة ) :
قال رسول الله محمد - عليه الصلاة والسلام - : { إن بعدي من أمتي قوم يقرأون القرآن ، لا يجاوز حلاقيمهم ، يخرجون من الدين ، كما يخرج السهم من الرَمِيَّة . ثم لا يعودون فيه . هم شَرُّ الخلق والخليقة } . وقال رسول الله في حديث آخر : { سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان ، سفهاء الأحلام ، يقولون من قول خير البرية . يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم . يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية . فإذا لقيتموهم فآقتلوهم ، فإن في قتلهم أجرا ، لمن قتلهم ، عند الله يوم القيامة } ينظر كتاب ( صحيح مسلم ) ص 535 ، و 537
شرح الحديثين :
__________
ذانك الحديثان النبويان هما حديثين تنبؤين لرسول الله محمد - عليه الصلاة والسلام - إذ قال بأنه سينشق من الأمة المسلمة جماعة يقرأون القرآن ، لكنه لا يبلغ حلاقيمهم ، أي إنهم يقرأون القرآن بدون فهم ولا تفقه فيه ولا تأمل ، ثم يخرجون من الدين سريعا ، وذلك كسرعة خروج السهم من الرمية ، هم في خروجهم السريع من الدين لا يرجعون اليه ولا يعودون ، فهؤلاء ، أو إن تلك الجماعة هي شر الناس كلهم ، هم شر الخلق والخليقة كلها .
في الحديث الثاني قال رسول الله بأنه سيخرج في زمن بعيد آخر جماعة مراهقون على صعيد العلم والفقه والمعرفة والعقل والفهم وخياليون وسطحيون وسفهاء في أحلامهم ، هم يقرأون القرآن ، لكنه لا يتجاوز حناجرهم ، أي لا يفهمونه ، ثم يمرقون ، أي يخرجون من الدين سريعا ، وذلك كسرعة السهم المنطلق بسرعة من الرمية . اذا تقابلتم ولقيتم هكذا جماعة ، قوموا بقتلهم وقلعهم وقمعهم ، لأن في قتلهم ومكافحتهم من الجذور أجر وثواب عند الله سبحانه يوم القيامة .
إذن ، بالاستناد على القرآن الكريم والسنة النبوية إن الجماعات الدينية العنفية ، مثل القاعدة ومتفرعاتها الوهابية التكفيرية قد خرجت من الدين وآرتدت عنه ومرقت منه سريعا وكفرت بالاسلام وبتعاليمه وأحكامه ، أي رفضت وضربت عرض الحائط التعاليم والأحكام الاسلامية المنصوصة عليها في الكتاب والسنة في عدم سفك الدماء البريئة ، في عدم العدوان على الناس في أعراضهم وأموالهم وكرامتهم ، في عدم نشر الخوف والهلع والذعر بين الناس ، في عدم السلب والنهب وقطع الطريق .. فكل ذلك قامت به الجماعات الدينية العنفية ، بل أكثر من ذلك بكثير جدا ، إنهم شنوا حرب الإبادة على الشعوب والناس الأبرياء من غير المسلمين ، مثل الكرد الايزيديين الأبرياء والمسيحيين الأبرياء والكرد الكاكائية الأبرياء والكرد الشبك الأبرياء ، أو المسلمين الشيعة الأبرياء ، حيث قتلوا منهم وجرحوا عشرات الآلاف ، مع العدوان على أعراض النساء بالآلاف ، مع تفجير أضرحة الأنبياء والصحابة والمساجد والكنائس ، بالاضافة الى تدمير الآثار التاريخية والحضارية ، فأيُّ كفر أكبر من ذلك ...؟

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مير ئاكره يي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/08/21



كتابة تعليق لموضوع : إستقراء وملاحظات على مقالة ( إسلام من يتبع داعش والقاعدة )الجزء الأول
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net