لا غلو و لا تقصير بل معرفة بحقهم عليهم السلام .
الملاحظ في القرآن و كذلك الروايات هو تخطئة كلا المنهجين ( أي الغلو و التقصير )
و الأمر بمنهج واحد يعتمد فيه نفي الغلو الذي هو افراط و نفي التقصير الذي هو تفريط ، و أن هذا النهج الوسط من الدقة بمكان يصعب المحافظة على تجنب الوقوع في أحد الطرفين .
فكما أن الغلو ذو درجات كذلك التقصير أيضا شدة و ضعفا و أن محذور التقصير لاسيما في بعض مراتبه ليس هو بأدون من محذور الغلو و أن النجاة في سلوك نهج التعرف و كسب المعرفة بكيفية مقاماتهم و مراتبهم عليهم السلام و التسليم الإجمالي أثناء ذلك السلوك .
و قد وقف أئمة أهل البيت عليهم السلام قبال ظاهرة التقصير في معرفة الأئمة عليهم السلام نظير وقوفهم أمام ظاهرة الغلاة حتى فشى و انتشر عند أصحاب الأئمة عليهم السلام أن الغلو و التقصير في الزيغ سواء .
و هذا المعيار تلقاه شيعتهم بتعليم منهم عليهم السلام .
و قد ورد مكررا تأكيدهم على زيارة قبورهم بحال كون الزائر عارفا بحق الإمام حق معرفته و ان أدنى حق معرفة الإمام كونه منصوبا منتجبا من قبله تعالى لهداية الخلق
فمحذور التقصير يؤدي بصاحبه إلى الإنكار و الجحود و بالتالي إلى نقص الإيمان أو المروق منه و من ثم ورد مستفيضا أو متواترا الحث على التسليم و أنه من صفات الإيمان الكبرى .
و من هذا الباب ما ورد من حرمة الرد للأحاديث المروية و إن كانت ضعيفة السند ، و هذا الحكم و إن لم يكن بمعنى حجية و اعتبار الروايات الضعيفة إلا أنه يعني فيما يعنيه وجوب التسليم الإجمالي لما صدر عنهم عليهم السلام فضلا عما يتولد من الأخبار الضعيفة نتيجة تراكم حساب الإحتمالات من تولد المستفيض و المتواتر أو الموثوق بصدوره .
و هذا الحكم قد اتفق عليه علماء الإمامية ، فاللازم في الخبر الضعيف رد علمه إليهم عليهم السلام و التسليم إجمالا بالواقع و حقائق الدين و إن لم نعلمها تفصيلا ، و لا يسوغ الرد و الإنكار و لا المبادرة بالنفي و الإنكار .
و لا يسوغ المبادرة بالإجابة بنفي ثبوت الأمر الكذائي أو زعم أنه لم يقم دليل عليه و نحو ذلك من التعابير مع عدم المراس و الخبرة المعرفية في تلك الأبواب و مع عدم الإحاطة بأقوال علماء الإمامية على اختلاف مشاربهم و مبانيهم .
فالحري في مثل ذلك التوقف قبل استتمام الفحص كما هو ديدن فتاوى الشيخ المفيد في المسائل العقائدية .
و هذا هو منهج السالك المتعلم من علومهم عليهم السلام على سبيل النجاة و أما المبادرة بالنفي و الإنكار فهو طابع و منهج التقصير و المقصرة .