صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

الطعام والشراب والكتاب!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 هذه الثلاثية التفاعلية تصنع القوة والإقتدار , وتُطلق الطاقات الحضارية وتحققها في واقع الحياة , وتؤكدها بالسلوك المتواصل.

ومن الواضح أن البشرية لم تتمكن من إبتداء خطواتها الحضارية إلا بعد أن تحررت شيا فشيئا من قيود البحث عن الطعام , فحالما تعلمت الزراعة وإستقرت , وجدت الوقت الضروري للإنشغال بمفردات الإبداع والتفاعل الخلاق مع المكان.
وكلما تحررت المجتمعات من أسر البحث عن الطعام , كلما تقدمت وتطورت.
فالمجتمعات المتأخرة تستنزف وقتها في البحث عن الطعام وتوفيره , وإرضاء الحاجات التي تتكبل بها , وتُمارَسُ عليها كوسيلة للحكم.
وقد أدرك الصينيون أهمية الطعام بعد أن قاست بلادهم من المجاعات , وأعلنوا أن الطعام أولا , فالمجتمعات التي لا تُطعم نفسها لا يمكنها أن تحقق شيئا نافعا , ولذلك تم الإهتمام بالزراعة وصناعة الطعام , حتى صار لديها الفائض منه , وبذلك تحرر أبناؤها من قيد البحث عن الطعام , ووجدوا الوقت الكافي للإبداع فتقدمت بسرعة غير مسبوقة.
ومجتمعاتنا لا تزال تعاني من هذه المشكلة التي تتعضل وتتعقد , فتعتمد على غيرها لإطعامها , والذي يُطعم يَستعبد الذين يُطعمهم ويوفر لهم القوت , فيتحولون إلى تابعين له.
ولن تتمكن المجتمعات من إحراز التقدم إذا عجزت عن إطعام نفسها , وإتكلت على غيرها لإطعامها.
كما أن الشراب بأنواعه ضروري لحياة البشر , سواءً كان ماءً صالحا للشرب أو مشروبات غازية وغيرها من المشروبات التي يتناولها الناس  , ونعرف أن المجتمعات المتأخرة تعاني من عدم توفر الماء الصالح للشرب , بل أنها تعادي أنهارها ولا تفهم في الإستثمار بثرواتها المائية , مما جعلها معرضة لآفات الجفاف والعطش وعدم القدرة على النماء.
وبعد أن يتوفر الطعام والشراب , ويهدأ روع البشر , يبدأ بالخروج من أسره البقائي والتجوال في فضاءات المعرفة والإبداع , وهنا يأتي دور الكتاب والثقافة والمعرفة التي يحتاجها بعد ان توفر له الطعام.
وبما أن البحث عن الطعام قيد ثقيل في معاصم المجتمعات المتأخرة , فأنها لن تتمكن من الإنتقال إلى مسارات التقدم والعطاء الإبداعي الحضاري الأصيل , لأنها تريد أن تأكل وحسب , وهذا أقصى ما تستطيع إنجازه.
ولكي يتحقق أي تقدم في أي مجتمع يجب عليه أن يُطعم نفسه ويُسقيها أولا , وإلا فلن تقوم قائمة لمجتمعات تستجدي طعامها وشرابها من الآخرين!!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/07/03



كتابة تعليق لموضوع : الطعام والشراب والكتاب!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net