شهر الصيام أم شهر الطعام
محمد المبارك
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد المبارك

في كل عام مع بداية هذا الشهر الكريم ينادي القلم فتستجيب له الأوراق إكراما وإعظاما لهذا الشهر الفضيل محاولة من الكلمات والحروف أن تأخذ لها في كل عام منحنى وموضوع جديد بحسب ما تتميز به الظروف في مثل أيامه المائزة.
وكنا قد كتبنا في العشر السنوات الماضية مواضيع مختلفة حول شهر رمضان المبارك ( شهر رمضان والعطاء الإلهي – شهر رمضان بين الأمس الغائب واليوم الحاضر – أخلاقنا في شهر رمضان – بستان شهر رمضان..الخ ) وغيرها من الموضوعات المتغايرة ، فرأيت أن أطرق في هذه السنة موضوعا مختلفا ربما يمس الحياة الاستهلاكية بالدرجة الأولى وقبل أن أبدأ كما عودنا القارئ الكريم نستهل الموضوع بأحاديث وروايات شريفة عن محمد وآله الطاهرين في فضل شهر رمضان وصومه :-
عن إسحاق بن عمار عن المسمعى ، أنه سمع أبا عبد الله ( عليه السلام) يوصي ولده : إذا دخل شهر رمضان فأجهدوا أنفسكم فإن فيه تقسم الأرزاق وتكتب الآجال وفيه يكتب وفد الله الذين يفدون إليه وفيه ليلة العمل فيها خير من العمل في ألف (1).
وعن الشيخ الصدوق مرفوعا : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام) : ( عليكم في شهر رمضان بكثرة الاستغفار والدعاء ، فأما الدعاء فيدفع البلاء عنكم وأما الاستغفار فتمحى به ذنوبكم)(2).
مما تقدم من الروايتين الشريفتين السابقتين يتضح ما لي شهر رمضان من الفضل وأنه شهر الاستغفار والتسبيح وشهر فيه العمل مضاعف ولاسيما في ليلة القدر.
ولنقف قليلا ونسأل ، هل فعلا نحن نحاول تطبيق ما جاء فيه من فضل ونحاول الحصول عليه ، وهل نسابق إليه كما نسابق في الحصول على الطعام والشراب والمواد الاستهلاكية المادية؟
لماذا لا نتسارع مع إطلالة هذا الشهر المبارك إلى المساجد ودور العبادة أكثر من المراكز التموينية بحكم أن هذا الشهر للعبادة وليس للطعام والأكل.
لماذا تكون الزحمة على أشدها على محال بيع الأطعمة والأواني في هذا الشهر أكثر من غيره ، حتى إني قرأت في برامج التواصل الاجتماعي ما أضحكني حقاً وهي حقيقة للأسف الشديد ، يقولون بعامية الدّارجة ( اللي يشوف الزحمة على محلات الأواني يقول أن الحريم كانوا قبل شهر رمضان يطبخون لنا في براميل أسمنت أو صبغ..!!).
وما هذا إلا من كثر الاهتمام بالطعام وتنويعه والإسراف والتبذير منه خلال الأكل في شهر رمضان في وجبتي الإفطار والسحور ، وكأنما لا أحد يعرف ولا يعلم بأن الإسراف والتبذير في الأكل مرفوض وعادة منبوذة ومذمومة فكيف بها في شهر رمضان الذي يكون الصيام فيه من أحد مسببات وعناصر الصحة ، يقول الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم)( صوموا تصحوا).
والصحة لا تتوافق مع كثرة الأكل ولا الروحانية المطلوبة في الصيام و شهر رمضان ، قال أبي جعفر الباقر( عليه السلام)( إذا شيع البطن طغى)(3).
ولذلك قال حبيبنا محمد ( صلوات الله وسلامه عليه)( المؤمن يأكل في مِعى واحدٍ والكافر يأكل في سبعة أمعاءٍ)(4).
وقال حاتم الطائي ذاماً كثرة الأكل :-
فإنك إن أعطيت بطنك سؤله ... وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا (5).
فالغريب والعجيب بأن الأكل يتضاعف أربع مرات في شهر رمضان أكثر من غيره في بقية الشهور ؛ هذا ما سمعته من أحد المختصين في احد المجاميع على برامج وشبكات التواصل الاجتماعي وهذا طبعا يختلف من جماعة إلى أخرى ومن شعب لآخر.
ولا شك أن هذا يسبب مشاكل صحية واجتماعية وروحية مما يتطلب علاجا لذلك ولابد من تصحيح هذه العادة الغير صحية ولذلك عملت بعض الجهات على بذل النصيحة في بيان كيفية عدم الإسراف في الأكل وبذل النصائح للتغذية الصحية السليمة خلال شهر رمضان المبارك لعل البعض منا يستفيد من خلال تطبيق ولو البعض منها :-
1- عدم شراء الحاجة فوق اللازم بحيث يتم شراء ما يتوافق وعدد أفراد الأسرة.
2- تجنب الإفراط في المشتريات وذلك بحصرها قبل مغادرة المنزل.
3- اختيار الأطعمة التي لا تسبب عسر الهضم والتخمة والسمنة.
(4- تناول الطعام الغني بالألياف.
5- تجنب تناول الأطعمة الدسمة والمقلية.
6- شرب الكثير من الماء في وجبة السحور ، وكذلك خلال الفترة بين الإفطار وموعد النوم)(6).
نرجع أخيرا لنقول لكي لا نفقد فوائد الصوم الصحية يجب علينا أن نلتزم بما قاله الرسول الأعظم (عليه الصلاة وأتم التسليم) ونأخذ بأقوال أهله بيته الطاهرين (عليهم السلام) والأطباء المختصين بعين الاعتبار حتى ننهي صومنا وقد حصلنا على فوائده وأجره وآدابه.
نسأل المولى الكريم أن ننال شرف القبول وأن نكسب شرف الرضا منه سبحانه.
(1)- النجفي ، الشيخ هادي – موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، ج4 ص 294- ط\ 1 – 1423هـ - 2002م – دار إحياء التراث العربي – بيروت \ لبنان.
(2) – المصدر السابق : ص 296
(3)- الكليني ، ثقة الإسلام الشيخ محمد بن يعقوب- الكافي ، ج6 ص 272 – ط\ 1 – 1413هـ - 1992م – دار الأضواء – بيروت \ لبنان.
(4)- القزويني ، أبو عبد الله محمد بن يزيد ( ابن ماجة) ، سنن ابن ماجة، ص 557 – ط\ 1 – 1421هـ - 2000م – دار إحياء التراث العربي – بيروت \ لبنان.
(5)- الموسوعة الشاملة على شبكة الانترنت.
(6)- موسوعة الملك عبد الله بن عبد العزيز الصحية للمحتوى الصحي على الانترنت.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat