صفحة الكاتب : زانيار علي

عندما يلبس الکوميديا زي التراجيديا !
زانيار علي

 شخصيآ رأي – و ربما هو رأي الکثيرين – القصة هي اصعب انواع الأدب. لأنه ليس سهلآ في اربع و خمسة صفحات، ان تضع افکار عميقة و جميلة. و هذا هو السبب، بين اقاصي العالم، يبقی اسم قليل منهم خالد و بين اسماء الخلود. و اذا تحدثنا عن القصة المينيمالية ( القصة القصيرة )، فسيکون اصعب، لأنه ليس من السهل ان تکتب قصة في خمسين کلمة و اقل ! 

اذ نضرنا الی آوروبا في قرن التاسعة عشر – لأن قرن العشرين يصل متأخر الينا ! -، إذ يحدث انه في دولة کبيرة، تجد قاص واحد. في روسيا لدينا فقط ( جيخوف )، في فرنسا لدينا ( جي دو موباسان )، في امريکا ( إو. هينري ) و ( جاک لندن ). و هذا برهان، ان القصة اصعب انواع الأدب، ولکن ادب عالي. 
من هنا، سأتحدث عن؛ دائمآ القصص التراجيدة، لديهم شهرة اکثر، و يبقی لمدة اطول لدی القارء. کثير من الکاتبين الذين غيروا الأدب، و ابدعوا أساليب جديدة، کانوا کاتبين تراجيدين. و اذا تحدثنا مجددآ عن الأدب الروسي، کثير منهم لديهم نصوص تراجيدية. و هذا هو السبب، اذ جعل بعضهم مثل جيخوف، يقول " انا اريد ان اقول، انه‌ هناک جهنم تحت قدميک ! "، حتمآ هو يقصد الجهنم الذي خلقه الأنسان بنفسه علی الأرض. و ايضآ ( جيمس جويز ) صاحب رواية ( عولسيس )، يقول " انا لا اصتطيع ان اکتب، دون ان اجرح احساس القارء ! ". و لدی ( نيتشة )، كلام مشابه، يمکن ان نستفيد منه‌، عندما ينصح کاتب شاب، يقول " يجب ان تکتب بدمك ! "، الکتابة بالدم، ليس بمعنی ان تموت، مع انه‌ يمکن لذلك ان يکون صحيحآ، ولكن نيتشة يتحدث عن القهر و الغضب في داخل الأنسان، يجب ان تحرره. حتی يفهمک الآخرون. 
وفي الکتابة، يجب ان تبعد كل الحواجز في طريقك. و هذا هو السبب جعل ( رامبو )، يقول  " فلنكن حديثين كما نستطيع "، انا افهم من هذا، انهه‌ يود ان يقول " فلنكن واسع الخيال كما نستطيع، و لا نخاف من طرح ارائنا ". 
و اذا تحدثنا عن نفس الموضوع، و لکن عن المسرحية، سيکون صحيحآ هو الآخر. لأن مسرحيات الكوميدة لدی ( شکسبير )، فيه دروس کبيرة جدآ، و لکن کما نری، يقرأء اکثر مسرحياته التراجيدية. و سنة بعد سنة يعرض علی مسرحيات العالم. لذا يجب ان تملك فکرة و تصور تراجيدي، للمجتمع و حياة الأنسان. 
و اذ عدت و تحدثت عن القصة، سود اعود مجددآ الی جيخوف، الکاتب الذي لا يقل روعة. رأيت کثيرآ قصصه الکوميدة، و حقآ يقول لك شيئآ و يعلمك، و لكن من المحتمل ان تنسی سريعآ الأحداث و الأشخاص في القصة، لأنه لن يبکيك، بل يضحكك. و خلق الأنسان هکذا، يتذکر دائمآ الأحداث التراجيدية اكثر من الکوميدية. 
شخصيآ، افضل قصصه التراجيدية. اليوم قرأت قصة له‌ بالعربية، اسمه ( وشاية ). و بعدها من حبي لها ترجمتها. في هذه القصة، الشخصية الرئيسية في القصة هو (سيرجى كابيتونيتش أهينيف )، هو شخص شارك في حفل کبير. و في نصف الليل، يذهب الی مطبخ ليعلم ان العشاء جاهز. فيری سمكة کبيرة، فيلعق شفتيه، و يخرج صوتآ اشبه بقبلة. و الطباخة في الجوار، و کان هنالك شخص آخر اسمه‌ ( فانكن )، حين يسمع الصوت، يظن انها قبلة ! و سرعان ما أهينيف يخاف ان ينتشر الخبر علی يد فانکن، لذا يذهب الی غرفة المعلمين و يخبر بعظهم الحقيقة ! 
و لم يعلم، ان فانكن لم يريد ان ينشر الخبر، و لكن أهينيف شعر بحيرة و خاف ان ينتشر الخبر. لذا قال الحقيقة لبعضهم. ذاک الليلة نام براحة، و لم يخف ان ينتشر الخبر، لأنه قال الحقيقة لهم. و لكن عندما نهض في الصباح، و ذهب الی العمل، يقول له مدير المکتب؛ ان لدي أهينيف علاقة عشق مع الطباخة ! 
جيخوف يطول القصة متعمدآ، و يجعل من زوجة أهينيف تعلم بالموضوع. و هي يغضب منه و يضربه ! و أهينيف يذهب بالأجبار لفانکن، حتی يعلم لماذا فعل به کل هذا ؟! و لکن کما هو متوقع، فانكن يجيبه، بأنه لم يفعل هذا ! و لكن من فعل ؟ حتمآ هو أهينيف نفسه ! 
و هذا هو ما اسميه، الکوميديا بزي التراجيديا ! لدی القصة مضهر تراجيدي، و لكن في الداخل هي کوميديا. بهذا البوابة التي فتحتها، حان الوقت لأتحدث قليلآ عن تقنية جيخوف في کتابة قصة؛ 
‌جيخوف کاتب مخادع ! في البداية يتحدث بشكل، و لكن في النهاية يغير الأحداث و مجراها، بشکل لا يحث به القارء. و هذا بمعنی تصنيع الأحداث فجأة. و اذا امعنا النضر ببداية القصة، سنری انه‌ قد بدأ بحدث ! و حتی الفكرة الذي عمل معها جيخوف، هي فکرة حساسة و جدية. بالأخص لنحن الكورد، الذي نخاف من انتشار اخبار كاذبة عنا. أهينيف کان يخاف؛ ان فانكن سيفضح به‌، و لكن أهينيف فعل هذا بنفسه‌ ! هذا هو الکوميديا. من هنا سيتضح لنا، جيخوف يستعمل اكثر من تقنية، و لديه قوة عالية في كتابة القصص. 
و الشيء المهم من قصص جيخوف، هو السرد. السرد لدی جيخوف عجيب، يقيدک بنفسه، و لا يدعک حتی تنهيها. و لربما هذا هو السر وراء ( ألف ليلة و ليلة )، لأنه حتی الآن يقرأ في الشرق و الغرب. 
و تقنية اخری عمل عليها جيخوف، هي الأختصار. لا يطول القصص، و لا يدعك تتعب اثناء القراة. و هذا هو السر لدی القصص الناجحة. لأنه هنالك قصص اخری، يعير الأهتمام بالسرد فقط، يصنع شخصين او اکثر، يصارع بينهم، لديها بداية و نهاية و هذا کل شيء، و لكن هذا لن يکون قصة مهمة، و لن يبقی في ذاکرة القارء. 
برأي، نصوص جيخوف يشبه المطاط ! يمكن له‌ ان يقرأ في اي زمان، و بنفس الجمال. 
( وشاية ) هي واحد من اهم قصص جيخوف. 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زانيار علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/06/02



كتابة تعليق لموضوع : عندما يلبس الکوميديا زي التراجيديا !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net