صفحة الكاتب : كريم الانصاري

هل يبقى العراق عراقاً ؟ "
كريم الانصاري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  

 
لايمكننا ونحن في أروقةٍ  نخبويّةٍ  راقيةٍ التغافلَ عن سلسلة حقائق وقضايا وعادات تراسخت بفعل التقادم التاريخي - مهما كانت عوامله وأسبابه ، حقّاً أو باطلاً- فأصبحت واقعاً ، حلواً كان هذا الواقع أو مرّاً ، جبراً أو اختياراً .. لاغرو أنّ المشكلة حاضرةٌ حاصلةٌ إن كان الواقع خلاف العقل والأخلاق والعدل والإنصاف .. ولكنّ الأشكل سوءُ التعامل مع هذه المشكلة وعدم حلّها بالمنهج العلمي السليم .
تفريعاً نقول : ليس من السهل على المكوّن  السنّي العراقي التماهي والتكيّف مع الحالة العراقيّة الجديدة التي أقصته نسبيّاً عن الحكم والسلطة والسيادة بعد قرونٍ  مديدةٍ من الحضور الأول والهيمنة النوعيّة . إذن وإثر المتغيّرات الحادثة فلدينا واقعان : واقعٌ مضى وواقعٌ حضر ، رغم كافّة سلبيّاتهما وإيجابيّاتهما .. وعلينا قبول حدوث الواقعين كي يكون التعامل معهما موضوعيّاً عقلانيّاً أخلاقيّاً ..
ولصالح الجميع ، فلابدّ من السعي الحثيث لإبقاء المكوّن السنّي حاضراً فاعلاً له ما له وعليه ما عليه .. دون غمطٍ لحقوقه المشروعة وآرائه المعقولة .. مثلما عليه قبول حقيقة وجود أغلبيّة وأقلّيّة تترتّب الآثار عليهما أخلاقيّاً وديمقراطيّاً .. ولاسيّما مع الأخذ بنظر الاعتبار قويّاً طبيعة مجتمعاتنا الميّالة شديداً نحو المُآلف العقَدي مهما كانت طبيعة المخالف المذهبي والإثني والعرقي ، وهذا الأمر يترك بلاشكّ أثره السياسي والديني والثقافي والأخلاقي ... بوضوحٍ جلي .
 
كما علينا قبول واقع أنّ المكوّن الكوردي لايمكن رجوعه أو إرجاعه إلى الوراء بعد هذه القفزة الكبيرة التي استطاعت تمييز وربما عزل كردستان العراق ميدانيّاً عن سائر مناطقه سياسيّاً واجتماعيّاً واقتصاديّاً وثقافيّاً وسياحيّاً ...          
 
إنّ الشيعة الحاكمين نسبيّاً إزاء مهامّ ووظائف خطيرة ومصيريّة .. عليهم حفظ السنّة والكورد حفظاً منهجيّاً علميّاً أخلاقيّاً إن راموا حفظ العراق موحّداً .. فلاعراق أبداً بدون التنوّع العرقي والديني والإثني.. ولعلّ حلاوته وجماله يألقان بقوس قزحه جميل الألوان.
علينا جميعاً مسؤولية كبرى ، مسؤولية خوض المعركة الأهمّ ، رغم قداسة المعركة العسكريّة الميدانيّة الميكانيكيّة ، أعني : المعركة الفكرية المعرفية بيدٍ واحدةٍ راشحةٍ من تقاطع المشتركات .. كي يبقى الوطن وطناً حقيقيّاً يرفل به الكلّ بالخير والعدل والأمان .. كي لا يلد الإرهاب والتطرّف والإقصاء " سراياخراسان "  كما ولد من قبل داعش والقاعدة والجهاد والإخوان ..  كي يشعر العراقي شعوراً إقناعيّاً بحصوله على حقّه المشروع ، عراق السنّة و الكورد والشيعة والمسيح والإيزديّة والعرب والتركمان ... كي ينضبط الجميع تحت مظلّة القانون وسيادة الدولة التي ينبغي أن تقف على مسافةٍ واحدةٍ من جميع الألوان .
 
خشيتنا من الغد ، أن يضبط التاريخ حكايةً واقعةً لا اسطوريّة : " كان ماكان ، كان بلدٌ اسمه العراق  ثم تحوّل إلى عُريقاتٍ  صغارٍ صغار " .. صغار بعيون بعض  الذين طالما كانوا يتمنّون لبلدانهم حالاً  كحال العراق .
 
صدّقوني في مدينتي كان ولازال لي أصدقاء شرفاء أوفياء .. ماعرفت من هو سنّيّهم ومن هو كورديّهم إلاّ بعد خروجي من العراق بسنوات طوال ..
أبداً لن أنسى "  المرحوم الحاج مجيد " ذلك الرجل الذي كان يحمل لوحده " هودج " الإمام الحسين (ع) ليلة عاشوراء ويبكي بكاءً مؤثّراً على مصيبة سيّد الشهداء ، وهو سنّيّ المذهب .
ولن أنسى أصدقاءنا المسيح والكورد والصابئة وهم يشاركوننا الأفراح والأتراح ..
 
الفرصة باقية كي نبقى ونعود كما كنّا على أدنى تقدير ، فإذا مامرّت فالندم لايصنع المعاجز والحلول لوطنٍ يناله كلّ يومٍ الخوفُ والإرهاب والتجذير .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كريم الانصاري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/06/01



كتابة تعليق لموضوع : هل يبقى العراق عراقاً ؟ "
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net