صفحة الكاتب : علي علي

كرتنا يتقاذفها زيد وعمرو وسعد
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
  هناك قول نسمعه دوما يرجع الى العصر ما قبل الاسلام هو: (عش رجبا ترى عجبا) وآخر كان يردده الأولون هو: (العجب كل العجب بين جمادى ورجب). اختلف المؤرخون على أسباب هذه التسمية، ولم يضعوا ايديهم كما نقول (على الطين الحري) لتفسير العجب الذي يكتنف هذين القولين، ولاغرابة في ذلك طالما الأمر يحدث في عصور موغلة في القدم، ولها من التقادم في الزمن والتخلف في العلوم مايضع الأقوام حينها تتعجب وتنبهر لكل جديد.
لكنهم ورغم مايمنعهم من توفير مستلزمات الحياة التحضرية استغلوا ما وفرت لهم الطبيعة كما نقول: (الجود من الماجود) فاتخذوا ورق العنب والتوت لباسا، والتحفوا جلد الحيوانات وافترشوا عشب الارض، فهم رغم شحة الوسائل تمكنوا من العيش والتأقلم والتطور بخطوات تفاوتت في أطوالها وأبعادها، فتارة تتباطأ وتارة تترى محدثة طفرات ونقلات هائلة في مفردات المعيشة، فاستبدلوا ورق التوت بالملابس القطنية والصوفية ثم الفرو والحرير، واستمروا بلا توقف حتى وصلوا الى مانراهم عليه اليوم، فطوعوا المنتجات البتروكيمياوية فأضحت تؤكل وتشرب وتلبس ولم يعد عنصر في الطبيعة إلا سخروه لخدمة الإنسان. فالعجب إذن، اقترن بمستوى الفرد العلمي والثقافي مع ما يتعامل معه في لحظته. 
  ولن أبرح الحديث عن العجيب والأكثر عجبا، إذ لم تعد خافية على أي عراقي منا -صغيرا كان أم كبيرا- طلاسم ما آل اليه وضع عراقه الحالي، ولم تعد يومياته (كلمات متقاطعة) او (كلمة السر) التي كان يخشى البوح بعثوره على حلـّها أيام تكميم فيه، يوم كان فوه مكبلا بقيود سلطان جائر. فالحرية دخلت ابواب بلدنا باستئذان ومن غير استئذان، وما يحصل على طاولة اجتماع الساسة والمسؤولين مكشوفا بفضلها ومعلنا عنه أولا بأول، ومجريات الأحداث أضحت في دائرة هي أضيق من خرم الإبرة، إذا ما قورنت بمحيط العراق المتباعد الأطراف مسافة والمتنوع الخيرات والموارد التي حباه الله بها ورزقه إياها في أرضه ومائه وسمائه. لكن العجب هو أن الذي يحصل اليوم تحت طاولات اللقاءات والاجتماعات والمؤتمرات غير ذاك الحاصل فوقها، فالأخير يعلمه كل العراقيين بعد ان بات هضمه سلسا للغاية، لكن مايحصل تحت تلكم الطاولات هو الأكثر عجبا، وهو الذي يخيب آمال أغلب العراقيين لاسيما وقد وضعوا جميع بيضهم في سلة المجتمعين حول تلك الطاولة، إذ حال المواطن العراقي مع ساسته اليوم يصوره بيت الدارمي القائل:
              سلمتك الدلال وبتوته كلهن        
                        ظلـّت بكيفك عاد تگطع تفلهن
ولا أظن العجب في عراقنا يقف عند رجب، وياليته كان كذلك لنأمل بانقضاء أيامه نهاية العجائب، فالحال على مايبدو باقٍ بل قد يؤول الى الأكثر عجبا، مادامت الكرة يتقاذفها زيد وعمرو وسعد، أما زيد فهو مغرض في كل خطواته، إذ هو لايخطو واحدة إلا بألف مكسب يضمه الى حساباته ومآربه. وأما عمرو فهو متواطئ مع من هب ودب حيث يؤمر، كما يقول مثلنا؛ (سته مع الستين) أو كما قال الشاعر:
لاخير في ود امرئ متلون
اذا الريح مالت مال حيث تميل
أما سعد فهو يحاول الإصلاح جاهدا إلا أنه يزيد الحال خرابا، ويسيء أكثر مما يحسن، ذاك أنه غير أهل لما هو عازم عليه لضعف في إمكانياته او خلل في شخصه، او هو كما قيل:
أوردها سعد وسعد مشتمل
ماهكذا ياسعد تورد الإبل
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/05/17



كتابة تعليق لموضوع : كرتنا يتقاذفها زيد وعمرو وسعد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net