علم الكلام نشأة و تطور
الشيخ ليث عبد الحسين العتابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لقد ابتدأ الفكر العقائدي بالبساطة في طرحه للقضايا العقائدية الأولية و التي صورتها و بشكل جلي ( سورة الإخلاص ) ، ثم كانت مرحلة رسم الخطوط العريضة للعقيدة في قضايا التوحيد و النبوة و المعاد ، ثم جاء طور الرد على بعض الشبهات ، ثم طور المحاججات مع المذاهب و الملل و النحل الأخرى ، و مع الملاحدة و غيرهم . ثم جاء طور التعقيد للمسائل ( الكلامية ) حين اندمجت العقيدة بالعلوم الأخرى كالفلسفة و غيرها . هذا و بشكل عام لا بشكل حرفي أو تعبدي هو المسار العام للفكر العقدي و الكلامي .
أما عن التأسيس لعلم الكلام عموماً ، و عن مكانة علم الكلام الشيعي من حيث النشأة و التأسيس يقول الأستاذ إدريس هاني : (( في الحديث عن نشأة الكلام عند الشيعة ، كان أولى أن لا نبحث عن هذا التميّز في ما شهده القرن السادس و السابع الهجري ـ و هو يمثّل مرحلة الكلام الجديد عند الشيعة ـ فحسب ، بل وجب البحث عن هذا التميّز في أشكال الكلام الأولى التي عرفتها القرون الأولى . فالذين وقفوا على هذا التميّز في هذه المرحلة أمكنهم من خلال المقارنة أن يؤكدوا حقيقة أن جذور الاعتزال تتجلّى بشكل واضح في آراء الشيعة حول قضايا و مسائل كلامية كثيرة و رئيسة في التفكير العقائدي للمعتزلة نظير الموقف من الصفات في جانب عدم ثبوتها على نحو الاستقلال عن الذات ، و إن خالفوهم في إثبات الصفات الخبريّة و عدم قولهم بالنفي ، كما شاركوهم الموقف بخصوص استحالة الرؤية ، و قضايا أخرى . أما الذين لا يقفون على تميّز الكلام الشيعي إلا في حدود القرن السادس و السابع ، فيعتبرون أن الكلام الشيعي إن هو إلا تبنًّ لآراء المعتزلة . و الحقيقة أنّه ما زالت الدراسات المقارنة بين الكلام الشيعي و الاعتزالي غير كافية لردّ واحدة من أكثر الأحكام جهلاً بالفكر العقائدي الإسلامي ؛ تلك التي ترى أن الشيعة المتأخرين تبنوا آراء المعتزلة و جعلوا منها أصول اعتقادهم )) .
لابد للباحث في ( الكلام ) أن يعلم بأن تسميته بـ( العلم ) لم تظهر إلا بعد عصر التحولات الكبرى التي طالت منهج و مفاهيم هذا العلم ، و الذي تلى عصر ابن حزم الظاهري ( ت 456 هـ ) و ابي حامد الغزالي ( ت 505 هـ ) و من لحقهم . اما قبل هذا الوقت من التاريخ فإن ( الكلام ) الإسلامي لم يكن إلا ( صناعة ) أو ( فن ) لم يخضع للمنهج النظري . و ما علم الكلام الذي هو صناعة في اصل تكوينه إلا عبارة عن تراكمات نشأت اثر اشكالات و تساؤلات عقائدية شكلت النواة الأولى في تكوينه .
إن الإغفال المتعمد لمتكلمي الشيعة إذ لم يتطرق لهم مؤرخو الملل و النحل من أمثال الشهرستاني ، إذ لا نجد أي ذكر للفلسفة و الفلاسفة من طبقات متكلمي الشيعة الأوائل نظير : عيسى بن روضة ، و قيس المآصر ، و حمران و زرارة ابنا أعين ، و علي بن إسماعيل بن ميثم التمار .
و كذلك باقي متكلمي الشيعة من أمثال : هشام بن الحكم ، و الفضل بن شاذان النيسابوري ، و الحسن بن موسى النوبختي ، و إسماعيل بن علي بن اسحق النوبختي ، و علي بن محمد بن العباس بن فُسُانْجُس ، و ابي القاسم العلوي الكوفي ، و غيرهم .
تبتدئ علاقة المتكلمين بالفلسفة من حيث الظهور مع ثلاثة اسماء مشهورة هي : ابو الهذيل العلاَّف و إبراهيم بن يسار النظام معتزلياً ، و مع هشام بن الحكم إمامياً .
مع ملاحظة أن مدرسة ابي هاشم بن محمد بن الحنفية تتلمذ فيها واصل بن عطاء استاذ العلاَّف . كما و ان النظام هو أحد تلامذة هشام بن الحكم .
(( و نحن إذ نجد في تفكير هشام عناصر فلسفية ... فلا نكون مغالين إذا قلنا : إن هشاماً هو رعيل أولئك الذين مهدوا الطريق للفلسفة الإسلامية ، و فسحوا المجال أمامها لبداية عهد التطور ، و هي في بدء الدور الانتقالي إلى عهد فلسفي خالص )) .
لقد مر الفكر الشيعي الكلامي بتطورات كثيرة مروراً بعصر الأئمة ( عليهم السلام ) إلى أن وصل إلى عصره الذهبي و ذلك على ايدي طائفة من متكلميه و فلاسفته من امثال المحقق نصير الدين الطوسي ( ت 672 هـ ) ، و ابن ميثم البحراني ( ت 679 هـ ) ، و العلامة الحلي ( ت 726 هـ ) .
أما في الجانب الأشعري و الذي كان ظهوره الأول على يد ابي الحسن الأشعري ( ت 324 هـ ) ، فعلى الرغم من بروز اسماء لمعت في تاريخ هذا المنحى العقائدي أمثال الباقلاني ( ت 402 هـ ) ، و الاسفراييني ( ت 406 هـ ) ، و الجويني ( ت 478 هـ ) ، و الغزالي ( ت 505 هـ ) ، و فخر الدين الرازي ( ت 606 هـ ) . إلا أن هذه العقيدة قد فشلت في استيعاب الجانب العقلي بسبب الخلل في بناء اسس هذا المذهب العقائدي الذي جمع بين النقائض المتنافرة ، ما بين سلفية تتكئ على المدونات الحديثية السنية ، و ما بين عقلانية اخذها ابي الحسن الأشعري من المذهب المعتزلي . ليتشكل بعد ذلك مذهب محارب للعقلانية المعتزلية ، و رافض للنظريات الارسطية الطارئة على المذهب الاشعري ، و ذلك بخطاب سلفي بحت قاده ابو العباس تقي الدين ابن تيمية الحراني ( ت 728 هـ ) مثل أشد درجات النكوص الفكري . فكان من ميزات عصر ابن تيمية هو : ضياع نخبوية المعتزلة ، و تحريم توفيقية الاشعرية ، تمهيداً لصعود مذهب سلفي متشدد يكفر الكل وفق قاعدة : ( من ليس معي فهو عدوي ) .
مع ملاحظة أن عداوة كبار المذهب الاشعري للمذهب الإمامي تعد الاشرس و الأقسى ، و الأطول ، تتمثل في كتاب ( مقالات الإسلاميين ) لأبي الحسن الأشعري ، و كتاب ( الفرق بين الفرق ) لأبي منصور عبد القاهر البغدادي ، و كتاب ( الفصل في الملل و الأهواء و النحل ) لعلي بن محمد ابن حزم ، و كتاب ( الملل و النحل ) لمحمد بن عبد الكريم الشهرستاني ، و كتاب ( منهاج السنة النبوية في الرد على الروافض و القدرية ) لابن تيمية الحراني .
و عن المصادر ـ غير الشيعية ـ التي تناولت دراسة تاريخ الفكر الشيعي لابد أن ننوه إلى انها لم تتصف بالعلمية أو بالإنصاف ابداً .
ذلك (( ان جل هذه الدراسات المتأخرة تتخذ من كتب الفرق و مصنفات الملل و النحل كمرجعية في عرض العقائد الشيعية و مناقشتها ، و قد أفضى هذا الخلل المنهجي الواضح في التعاطي مع المعتقدات الشيعية إلى آراء و نظريات في منتهى الإجحاف و التشويه لتلك العقائد و لشخصيات المذهب الشيعي ، و هو موضوع أثار ـ و لا يزال يثير ـ سخطاً واسعاً في الأوساط العلمية الشيعية ، حيث لم تجد له ما يبرره من الناحية العلمية و الموضوعية . و هي ملاحظة صائبة بالفعل . فمن الواضح أن كتب التاريخ الفكري العقائدي للفرق الإسلامية ، و هي ما يطلق عليها اسم كتب " الملل و النحل " كُتبت في جو من الاحتراب الفكري و العقائدي بين المسلمين ، و أن جميع تلك الكتب تصنف تلك الفرق المخالفة لها كخصوم ، لا تتورع عن وصفهم بشتى أنواع الانحراف و الهرطقة و المروق عن الدين . و لعل الحظ لم يسعف الفرق الشيعية في هذا الاتجاه ؛ فهي طالما وضعت في الموقف المعارض و المناقش العنيد لأصحاب تلك الكتب ، مما قاد هؤلاء إلى نعتهم بكل ذلك القاموس الواسع و البليغ من اصطلاحات الطعن و التكفير و الخروج عن جادة الاستقامة )) .
أعتمد على هذا التراث ـ التهميشي ـ الكثيرون ، قديماً و حديثاً ، منهم دعاة نقد العقل العربي و الإسلامي ، الداعين إلى نهضة رسموها هم فقط ، خالية من جميع آليات نقد و تحقيق المصادر التي اعتمدوا عليها ، فكيف لهم توجيه النقد بالاعتماد على آليات و مصادر لا تخلوا من النقد ، اخذوها أخذ المسلمات ، و بأسلوب التقليد ، رغم طعنهم بكل من يقول بمبدأ ( المسلمات ) ؟!
فأصبحت كتب المعتزلية و الأشعرية المتطرفة ، هي المصادر في قراءة الفكر العقائدي الإسلامي بشكل عام ، و الفكر الشيعي بشكل خاص .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
الشيخ ليث عبد الحسين العتابي

لقد ابتدأ الفكر العقائدي بالبساطة في طرحه للقضايا العقائدية الأولية و التي صورتها و بشكل جلي ( سورة الإخلاص ) ، ثم كانت مرحلة رسم الخطوط العريضة للعقيدة في قضايا التوحيد و النبوة و المعاد ، ثم جاء طور الرد على بعض الشبهات ، ثم طور المحاججات مع المذاهب و الملل و النحل الأخرى ، و مع الملاحدة و غيرهم . ثم جاء طور التعقيد للمسائل ( الكلامية ) حين اندمجت العقيدة بالعلوم الأخرى كالفلسفة و غيرها . هذا و بشكل عام لا بشكل حرفي أو تعبدي هو المسار العام للفكر العقدي و الكلامي .
أما عن التأسيس لعلم الكلام عموماً ، و عن مكانة علم الكلام الشيعي من حيث النشأة و التأسيس يقول الأستاذ إدريس هاني : (( في الحديث عن نشأة الكلام عند الشيعة ، كان أولى أن لا نبحث عن هذا التميّز في ما شهده القرن السادس و السابع الهجري ـ و هو يمثّل مرحلة الكلام الجديد عند الشيعة ـ فحسب ، بل وجب البحث عن هذا التميّز في أشكال الكلام الأولى التي عرفتها القرون الأولى . فالذين وقفوا على هذا التميّز في هذه المرحلة أمكنهم من خلال المقارنة أن يؤكدوا حقيقة أن جذور الاعتزال تتجلّى بشكل واضح في آراء الشيعة حول قضايا و مسائل كلامية كثيرة و رئيسة في التفكير العقائدي للمعتزلة نظير الموقف من الصفات في جانب عدم ثبوتها على نحو الاستقلال عن الذات ، و إن خالفوهم في إثبات الصفات الخبريّة و عدم قولهم بالنفي ، كما شاركوهم الموقف بخصوص استحالة الرؤية ، و قضايا أخرى . أما الذين لا يقفون على تميّز الكلام الشيعي إلا في حدود القرن السادس و السابع ، فيعتبرون أن الكلام الشيعي إن هو إلا تبنًّ لآراء المعتزلة . و الحقيقة أنّه ما زالت الدراسات المقارنة بين الكلام الشيعي و الاعتزالي غير كافية لردّ واحدة من أكثر الأحكام جهلاً بالفكر العقائدي الإسلامي ؛ تلك التي ترى أن الشيعة المتأخرين تبنوا آراء المعتزلة و جعلوا منها أصول اعتقادهم )) .
لابد للباحث في ( الكلام ) أن يعلم بأن تسميته بـ( العلم ) لم تظهر إلا بعد عصر التحولات الكبرى التي طالت منهج و مفاهيم هذا العلم ، و الذي تلى عصر ابن حزم الظاهري ( ت 456 هـ ) و ابي حامد الغزالي ( ت 505 هـ ) و من لحقهم . اما قبل هذا الوقت من التاريخ فإن ( الكلام ) الإسلامي لم يكن إلا ( صناعة ) أو ( فن ) لم يخضع للمنهج النظري . و ما علم الكلام الذي هو صناعة في اصل تكوينه إلا عبارة عن تراكمات نشأت اثر اشكالات و تساؤلات عقائدية شكلت النواة الأولى في تكوينه .
إن الإغفال المتعمد لمتكلمي الشيعة إذ لم يتطرق لهم مؤرخو الملل و النحل من أمثال الشهرستاني ، إذ لا نجد أي ذكر للفلسفة و الفلاسفة من طبقات متكلمي الشيعة الأوائل نظير : عيسى بن روضة ، و قيس المآصر ، و حمران و زرارة ابنا أعين ، و علي بن إسماعيل بن ميثم التمار .
و كذلك باقي متكلمي الشيعة من أمثال : هشام بن الحكم ، و الفضل بن شاذان النيسابوري ، و الحسن بن موسى النوبختي ، و إسماعيل بن علي بن اسحق النوبختي ، و علي بن محمد بن العباس بن فُسُانْجُس ، و ابي القاسم العلوي الكوفي ، و غيرهم .
تبتدئ علاقة المتكلمين بالفلسفة من حيث الظهور مع ثلاثة اسماء مشهورة هي : ابو الهذيل العلاَّف و إبراهيم بن يسار النظام معتزلياً ، و مع هشام بن الحكم إمامياً .
مع ملاحظة أن مدرسة ابي هاشم بن محمد بن الحنفية تتلمذ فيها واصل بن عطاء استاذ العلاَّف . كما و ان النظام هو أحد تلامذة هشام بن الحكم .
(( و نحن إذ نجد في تفكير هشام عناصر فلسفية ... فلا نكون مغالين إذا قلنا : إن هشاماً هو رعيل أولئك الذين مهدوا الطريق للفلسفة الإسلامية ، و فسحوا المجال أمامها لبداية عهد التطور ، و هي في بدء الدور الانتقالي إلى عهد فلسفي خالص )) .
لقد مر الفكر الشيعي الكلامي بتطورات كثيرة مروراً بعصر الأئمة ( عليهم السلام ) إلى أن وصل إلى عصره الذهبي و ذلك على ايدي طائفة من متكلميه و فلاسفته من امثال المحقق نصير الدين الطوسي ( ت 672 هـ ) ، و ابن ميثم البحراني ( ت 679 هـ ) ، و العلامة الحلي ( ت 726 هـ ) .
أما في الجانب الأشعري و الذي كان ظهوره الأول على يد ابي الحسن الأشعري ( ت 324 هـ ) ، فعلى الرغم من بروز اسماء لمعت في تاريخ هذا المنحى العقائدي أمثال الباقلاني ( ت 402 هـ ) ، و الاسفراييني ( ت 406 هـ ) ، و الجويني ( ت 478 هـ ) ، و الغزالي ( ت 505 هـ ) ، و فخر الدين الرازي ( ت 606 هـ ) . إلا أن هذه العقيدة قد فشلت في استيعاب الجانب العقلي بسبب الخلل في بناء اسس هذا المذهب العقائدي الذي جمع بين النقائض المتنافرة ، ما بين سلفية تتكئ على المدونات الحديثية السنية ، و ما بين عقلانية اخذها ابي الحسن الأشعري من المذهب المعتزلي . ليتشكل بعد ذلك مذهب محارب للعقلانية المعتزلية ، و رافض للنظريات الارسطية الطارئة على المذهب الاشعري ، و ذلك بخطاب سلفي بحت قاده ابو العباس تقي الدين ابن تيمية الحراني ( ت 728 هـ ) مثل أشد درجات النكوص الفكري . فكان من ميزات عصر ابن تيمية هو : ضياع نخبوية المعتزلة ، و تحريم توفيقية الاشعرية ، تمهيداً لصعود مذهب سلفي متشدد يكفر الكل وفق قاعدة : ( من ليس معي فهو عدوي ) .
مع ملاحظة أن عداوة كبار المذهب الاشعري للمذهب الإمامي تعد الاشرس و الأقسى ، و الأطول ، تتمثل في كتاب ( مقالات الإسلاميين ) لأبي الحسن الأشعري ، و كتاب ( الفرق بين الفرق ) لأبي منصور عبد القاهر البغدادي ، و كتاب ( الفصل في الملل و الأهواء و النحل ) لعلي بن محمد ابن حزم ، و كتاب ( الملل و النحل ) لمحمد بن عبد الكريم الشهرستاني ، و كتاب ( منهاج السنة النبوية في الرد على الروافض و القدرية ) لابن تيمية الحراني .
و عن المصادر ـ غير الشيعية ـ التي تناولت دراسة تاريخ الفكر الشيعي لابد أن ننوه إلى انها لم تتصف بالعلمية أو بالإنصاف ابداً .
ذلك (( ان جل هذه الدراسات المتأخرة تتخذ من كتب الفرق و مصنفات الملل و النحل كمرجعية في عرض العقائد الشيعية و مناقشتها ، و قد أفضى هذا الخلل المنهجي الواضح في التعاطي مع المعتقدات الشيعية إلى آراء و نظريات في منتهى الإجحاف و التشويه لتلك العقائد و لشخصيات المذهب الشيعي ، و هو موضوع أثار ـ و لا يزال يثير ـ سخطاً واسعاً في الأوساط العلمية الشيعية ، حيث لم تجد له ما يبرره من الناحية العلمية و الموضوعية . و هي ملاحظة صائبة بالفعل . فمن الواضح أن كتب التاريخ الفكري العقائدي للفرق الإسلامية ، و هي ما يطلق عليها اسم كتب " الملل و النحل " كُتبت في جو من الاحتراب الفكري و العقائدي بين المسلمين ، و أن جميع تلك الكتب تصنف تلك الفرق المخالفة لها كخصوم ، لا تتورع عن وصفهم بشتى أنواع الانحراف و الهرطقة و المروق عن الدين . و لعل الحظ لم يسعف الفرق الشيعية في هذا الاتجاه ؛ فهي طالما وضعت في الموقف المعارض و المناقش العنيد لأصحاب تلك الكتب ، مما قاد هؤلاء إلى نعتهم بكل ذلك القاموس الواسع و البليغ من اصطلاحات الطعن و التكفير و الخروج عن جادة الاستقامة )) .
أعتمد على هذا التراث ـ التهميشي ـ الكثيرون ، قديماً و حديثاً ، منهم دعاة نقد العقل العربي و الإسلامي ، الداعين إلى نهضة رسموها هم فقط ، خالية من جميع آليات نقد و تحقيق المصادر التي اعتمدوا عليها ، فكيف لهم توجيه النقد بالاعتماد على آليات و مصادر لا تخلوا من النقد ، اخذوها أخذ المسلمات ، و بأسلوب التقليد ، رغم طعنهم بكل من يقول بمبدأ ( المسلمات ) ؟!
فأصبحت كتب المعتزلية و الأشعرية المتطرفة ، هي المصادر في قراءة الفكر العقائدي الإسلامي بشكل عام ، و الفكر الشيعي بشكل خاص .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat