موسى بن جعفر من منظور آخر
محمد الشذر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عش الدور، وانت تنظر لشخص لا يمت بصلة الى معتقدك، وما تسير عليه، وانظر له من جانب اخر، بما يمتلك من مقومات، بعيدا عن حس العاطفة، والدين، والشعور والوجدان، وربما يقول الكثير ان هذا غير ممكن، ولكن لو تجردت من مشاعرك لبرهة من الزمن، ونظرت اليه، لكان ذلك ممكن.
اعتنق فكرا معينا، لفترة قصيرة، حاول استدراك فكرة انت مخالف لها تماما، امزج عواطفك وروحك مع الدور، سترى انك تطبقه فعلا وكأنك فردا من تلك المجموعة، طبعا هذا شيء نسبي، اي لا ينطبق على كل شيء، ولكن بالامكان تطبيقه، كما يفعل الممثل الناجح في عيش تجربة، بعيدة عن سلوكياته، وانماط حياته.
الشخص الذي تريد عيش تجربته، وتطبيق واقعه، والانتقال بالزمكان الى سلوكياته، يختلف اذا كنت لا تعرف عنه كل شيء، او لا تستطيع الارتقاء الى ما يملك، اذ ذلك سيشكل عائقا وتحديا امام ما تريد الاقدام عليه، لذا تناول اسلوبا، او حادثة معينة، او جانبا من جوانب حياته، فيما لو كان قائدا، او مصلحا، او نبيا، او وصيا، او مبلغا، او عادلا.
موسى بن جعفر الكاظم، قائد، ومصلح، وكبير طائفة تدعى الشيعة، يعتنقون الاسلام"ديانة نبي الل.. محمد بن عبد ال...". عاصر ملك بغداد هارون الرشيد، والذي كان يختلف في فكره، وتطبيقاته، وممارساته، عن ما يدعو اليه موسى بن جعفر، ولان كل ملك تغره مقاليد الامور، وتسير به الى مقولة "أمطري اين ما شأتي ف بأرضي"، فأن كل من يعارضه بالرأي، يعتبر ضد السلطان، حتى لو كان امر السلطان بعيدا عن الانسانية، والعرف، والعدل في مجتمعه، والمجتمع يرضخ لا محال.
الطائفة الشيعية، تعتقد وتسلم، بأن الشخص المتبوع، هو مسدد عن الخطأ، منزه عن التدنيس، يصيب في كل شيء، لذا فأن كل ما يقول واجب التطبيق، وبهذا فهم يشكلون خطرا، يحدق بتاج السلطان وعرشه، وكل من ينظر الى السلطان بعينٍ غير راضية، يجب ان يقطع رأسه!.
مطامير السجون، وقضبان المحجر، واقامة جبرية، وتجويع مميت، ومحاربة نفسية، وتضيبق الخناق على الاهل، والاصدقاء، والاقرباء، واشاعة فكر مضاد، وتسقيط اعلامي، ومحاربة نفسية، وتفنن في اساليب التعذيب، وطرق لا تعد ولا تحصى، لكل من تستطيع ان تطاله يد السلطان وهو لا يخضع بالطاعة والخنوع.
موسى بن جعفر الملقب بالكاظم"لكظمه الغيض، وعفى الل..عما سلف، لكل اعداءه!،
قائدٌ هذا شعاره، ينادي بالعدل والانصاف، والانسانية، واطلاق حريات الاخرين، وانصاف الشعوب، واحقاق الحق، والسير نحو الارتقال بأسس متساوية، فالجميع سواسية، بغض النضر عن المعتقد، والدين، والعرق، واللون، كان لابد ان يُحارب، ويلقى في مطامير السجون، الى ان لقي حتفه، مسموما في احد سجون بغداد، عاصمة العباسيين آن ذاك، بعد ان قضى كثيرا من ايام حياته متنقلاً بين سجن وآخر.