من أين يأتي هذا الغرور الجانح إلى الفلسفات الضحلة؟ دعني أبدأ أوّلا بتعريف معنى الضحالة الفلسفية..بكل بساطة إنّها حالة انحطاط بالتّأمّل إلى ظواهر تنبت في اليومي ولكنها لا تحيل على الكوني..ذلك الكوني الذي به فقط نشمخ عاليا..ومعه فقط يصبح الكبرياء مشروعا..إذ يبدو الابتعاد عن الكون والاندماج فيه هو رأس المصائب التي تبدأ من عالم العقل حتى دنيا الاجتماع.. قصّة الاندماج في الكوني انتابتني منذ وعيت وجودي على هذا الكوكب..كان طقسا من طقوسي أن أنام أحيانا تحت السماء وأقرأ في صفحتها حركة النجوم..كم هو مذهل هذا الصّمت الذي يزيده الليل جلالا.. وحين ينتابني وجع ما ألوذ بالطبيعة..إن جلسة تحت شجرة الأرز أو الكاليبتوس تمنحني الكثير من الصّحة..الكون وإن تربعنا على جزء ضئيل منه فهو ملهم خلاصنا..أعني بالكون ما يفوق البعد الكوسمولوجي الفيزيائي..أعني الكون بما فيه الرمزي حيث تنعقد هياكل المعنى والحبّ.. كنت مدينا للسّاموراي..هنا حتّى المعركة هي استثناء نابع من وجهتي نظر بين الخير الكوني والشّر النابع من الرؤية التي تنفصل عن الكون..الخصم هنا ليس نقيضا بالمعنى الذي ينتج صداما هادفا ، بل هو حكاية أنانية شاردة من قبضة الكوني..ألا ترى إلى من يريد ان يكسر الحجر بيديه الهزيلتين أو يقطع الحديد بأسنانه؟ هي كذلك غريزته حين تجنح به خارج المنطق الكوني القائم على تعادل القوى التي معها ينتهي الصدام ولكن يبقى الصراع عميقا..الخصم هنا ليس نقيضا بل هو شريك في التكامل الكوني حيث المعركة هي بحث عن الهارموني إلى أن يتحقق التوازن الذي تضمحل معه الرغبة في التدمير..هنا وجب أن لا نخشى النقيض بل المطلوب أن ننسّق معه تكاملا يخدم الحقيقة الكونية..سنجبره على الاندماج الكوني حين نعزله عن حماقاته التي منبعها خداع الشطط عن الكوني.. الكوني يرفض النّشاز ولا يقبل إلاّ بالاندماج..أحيانا يشعر المجذوب بأنّ تشويشا كبيرا يمارس عليه من قبل المحيط ولا يسمح له بالتّصرف ببراءة الكون..هذا مصدر قلق عارم..كان بعضهم يقول له: لماذا تغمض عينيك ساعة فساعة..يصعب على غير الكونيين أن يدركوا بأن تغميض العينين هو الوسيلة المتبقّية للخروج من عالم ضاقت به مقولاته إلى الكون لا زالت فيه مساحة للاحتمال..تجديد الصلة بالكوني ترقى بالكائن وتذكره بانحطاط العالم.. الكون فينا..والمجذوب يحب التفكير بصوت عالي..يحب أن يتصرّف كطفل..لكن المحيط فاسد..والجواسيس ليسوا بالضرورة فلاسفة..هنا الفلسفة قد تصبح خطرا على أمن الدّول..وعلى العالم..وربما قد يتمّ التعامل معه بمنطق الجريمة والجنحة أو قد يفسحون له مجالا ليشارك أصحاب الحق العام في معازلهم..ربما اختار المجذوب عالمه الذي لا يشبه عالمهم..فالعالم الذي أدركته شيخوخة المعنى لم يعد يملك سوى غواية التشويش..علينا إذن أن نغمض أعيننا قليلا لنهرب من كونهم المزيّف..يغمض المجذوب عينيه لكي لا يرى نورهم المزيّف..إنه نور خادع ومخيف..ولا مخرج إلاّ بإشعال نور الباطن..النور الذي تراه ولا يراه مستهلكو القناديل المضلّلة.. ليس ثمة نور بل هناك أنوار بقدر همّة المستنير..ودائما ثمة من يخرّب هيكل النور الذي نعتقد أحيانا أنّنا دخلناه بجلال اليقين..ما أحلى اليقين..ما أحلى الموقنين..حتى لو استخفّ بهم أهل الشّك..ولا زلنا نرى اليقين حتى في خدعة الشّك المريب..ما أيقنك أيها الكوجيتو الخادع وأنت تخفي هيكل اليقين خلف شكّك الآني الملتبس..وما أكثر الأنوار التي تخدعنا..وإن سطعت فليس ثمة ما يضمن أنّنا في قلب الأنوار التي بها يهتدون..كالشمس التي كادت تخدع إبراهيم قبل أن يتأكّد أنها من الآفلين.. لقد تقاسمنا إذن العمل: فشغلهم الضلال وشغلنا اليقين..فالشّك للعقول الضعيفة..سياسات عقل شارد عن الكون.. لك أن تعرّفني من أكون..لم أعد أعرف نفسي مذ تهدّم هيكل الحقيقة..أو حينما يسرق الضٌّلاّل فلذة من يقينك..أو يستهينون بقناديل الإشراق النابع من كونك العميق..أو يستخفّون بالقول الثقيل الذي هو مربط الحقيقة الكونية.. لقد سرقوا نار المعرفة وأطفؤوها..وسرقوا المعاني من مستودع الحقيقة وناولوه للعقول الصغيرة..الكون الذي يسكن فينا يكبر بهمتنا ويصغر بتفاهتنا.. هناك من يندمج في زقاق المعاني ويعتقد أنه اندمج في المنطق الكوني الكبير..الكون يعني نحن حين نتصالح مع المعنى الكبير المولود في جدلنا الداخلي..إنّنا لن نتسامح ولن ندرك التسامح حتى ندرك الكون ونصبح في مستوى جلاله..ابحث إذن عن وردة كونك المهدور..عن ترجمان أشواقك..كونك الذي أهدره سرّاق الحقيقة والشّوق والمعنى..استسلم لقدرك الكوني الذي لا يخونك.. هكذا بتنا ننتظر حالة الهارمونيا الكونية بالفعل..والكون يتحرك من ناحيته ليلتقط ما شرد عنه واشتاق لمنبع السعادة الكوني..هذا ما يسمى معجزة..وهو ليس إلاّ الهارمونيا الكونية..حين يتحد المادّي بالرمزي..والعياني بالغيبي..حين يصبح القانون في خدمة قيمة القيم لا قيمة الميكانيكا..ولأنّ الكون صديق قديم ، فهو يقوم بمهمّته في صمت وتآمر مع مكر الحقيقة..هو من يوحّد شتات القلوب ومذاهب العقل بمعجزة الهارمونيا الكونيّ الخلاّق ويزرع يقينه في حقول المعاني الكبرى والأشواق العليا، حيث هناك تنبت وتينع وتبسق شجرة المعرفة المستحيلة..شجرة الأنس الراقي..في انتظار الرواء السمح..لا تنسى أنّنا من جيل الظّمأ..وزهرة مدائن القلق..ومع ذلك لا زالوا يقتلوننا بالأسئلة الصغيرة...هذا الغباء الذي لا يوجد سوى في كونهم الخادع وليس في كوننا الذي لا زال هو منبع أملنا الكبير..منبع الخير الوجودي..
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
من أين يأتي هذا الغرور الجانح إلى الفلسفات الضحلة؟ دعني أبدأ أوّلا بتعريف معنى الضحالة الفلسفية..بكل بساطة إنّها حالة انحطاط بالتّأمّل إلى ظواهر تنبت في اليومي ولكنها لا تحيل على الكوني..ذلك الكوني الذي به فقط نشمخ عاليا..ومعه فقط يصبح الكبرياء مشروعا..إذ يبدو الابتعاد عن الكون والاندماج فيه هو رأس المصائب التي تبدأ من عالم العقل حتى دنيا الاجتماع.. قصّة الاندماج في الكوني انتابتني منذ وعيت وجودي على هذا الكوكب..كان طقسا من طقوسي أن أنام أحيانا تحت السماء وأقرأ في صفحتها حركة النجوم..كم هو مذهل هذا الصّمت الذي يزيده الليل جلالا.. وحين ينتابني وجع ما ألوذ بالطبيعة..إن جلسة تحت شجرة الأرز أو الكاليبتوس تمنحني الكثير من الصّحة..الكون وإن تربعنا على جزء ضئيل منه فهو ملهم خلاصنا..أعني بالكون ما يفوق البعد الكوسمولوجي الفيزيائي..أعني الكون بما فيه الرمزي حيث تنعقد هياكل المعنى والحبّ.. كنت مدينا للسّاموراي..هنا حتّى المعركة هي استثناء نابع من وجهتي نظر بين الخير الكوني والشّر النابع من الرؤية التي تنفصل عن الكون..الخصم هنا ليس نقيضا بالمعنى الذي ينتج صداما هادفا ، بل هو حكاية أنانية شاردة من قبضة الكوني..ألا ترى إلى من يريد ان يكسر الحجر بيديه الهزيلتين أو يقطع الحديد بأسنانه؟ هي كذلك غريزته حين تجنح به خارج المنطق الكوني القائم على تعادل القوى التي معها ينتهي الصدام ولكن يبقى الصراع عميقا..الخصم هنا ليس نقيضا بل هو شريك في التكامل الكوني حيث المعركة هي بحث عن الهارموني إلى أن يتحقق التوازن الذي تضمحل معه الرغبة في التدمير..هنا وجب أن لا نخشى النقيض بل المطلوب أن ننسّق معه تكاملا يخدم الحقيقة الكونية..سنجبره على الاندماج الكوني حين نعزله عن حماقاته التي منبعها خداع الشطط عن الكوني.. الكوني يرفض النّشاز ولا يقبل إلاّ بالاندماج..أحيانا يشعر المجذوب بأنّ تشويشا كبيرا يمارس عليه من قبل المحيط ولا يسمح له بالتّصرف ببراءة الكون..هذا مصدر قلق عارم..كان بعضهم يقول له: لماذا تغمض عينيك ساعة فساعة..يصعب على غير الكونيين أن يدركوا بأن تغميض العينين هو الوسيلة المتبقّية للخروج من عالم ضاقت به مقولاته إلى الكون لا زالت فيه مساحة للاحتمال..تجديد الصلة بالكوني ترقى بالكائن وتذكره بانحطاط العالم.. الكون فينا..والمجذوب يحب التفكير بصوت عالي..يحب أن يتصرّف كطفل..لكن المحيط فاسد..والجواسيس ليسوا بالضرورة فلاسفة..هنا الفلسفة قد تصبح خطرا على أمن الدّول..وعلى العالم..وربما قد يتمّ التعامل معه بمنطق الجريمة والجنحة أو قد يفسحون له مجالا ليشارك أصحاب الحق العام في معازلهم..ربما اختار المجذوب عالمه الذي لا يشبه عالمهم..فالعالم الذي أدركته شيخوخة المعنى لم يعد يملك سوى غواية التشويش..علينا إذن أن نغمض أعيننا قليلا لنهرب من كونهم المزيّف..يغمض المجذوب عينيه لكي لا يرى نورهم المزيّف..إنه نور خادع ومخيف..ولا مخرج إلاّ بإشعال نور الباطن..النور الذي تراه ولا يراه مستهلكو القناديل المضلّلة.. ليس ثمة نور بل هناك أنوار بقدر همّة المستنير..ودائما ثمة من يخرّب هيكل النور الذي نعتقد أحيانا أنّنا دخلناه بجلال اليقين..ما أحلى اليقين..ما أحلى الموقنين..حتى لو استخفّ بهم أهل الشّك..ولا زلنا نرى اليقين حتى في خدعة الشّك المريب..ما أيقنك أيها الكوجيتو الخادع وأنت تخفي هيكل اليقين خلف شكّك الآني الملتبس..وما أكثر الأنوار التي تخدعنا..وإن سطعت فليس ثمة ما يضمن أنّنا في قلب الأنوار التي بها يهتدون..كالشمس التي كادت تخدع إبراهيم قبل أن يتأكّد أنها من الآفلين.. لقد تقاسمنا إذن العمل: فشغلهم الضلال وشغلنا اليقين..فالشّك للعقول الضعيفة..سياسات عقل شارد عن الكون.. لك أن تعرّفني من أكون..لم أعد أعرف نفسي مذ تهدّم هيكل الحقيقة..أو حينما يسرق الضٌّلاّل فلذة من يقينك..أو يستهينون بقناديل الإشراق النابع من كونك العميق..أو يستخفّون بالقول الثقيل الذي هو مربط الحقيقة الكونية.. لقد سرقوا نار المعرفة وأطفؤوها..وسرقوا المعاني من مستودع الحقيقة وناولوه للعقول الصغيرة..الكون الذي يسكن فينا يكبر بهمتنا ويصغر بتفاهتنا.. هناك من يندمج في زقاق المعاني ويعتقد أنه اندمج في المنطق الكوني الكبير..الكون يعني نحن حين نتصالح مع المعنى الكبير المولود في جدلنا الداخلي..إنّنا لن نتسامح ولن ندرك التسامح حتى ندرك الكون ونصبح في مستوى جلاله..ابحث إذن عن وردة كونك المهدور..عن ترجمان أشواقك..كونك الذي أهدره سرّاق الحقيقة والشّوق والمعنى..استسلم لقدرك الكوني الذي لا يخونك.. هكذا بتنا ننتظر حالة الهارمونيا الكونية بالفعل..والكون يتحرك من ناحيته ليلتقط ما شرد عنه واشتاق لمنبع السعادة الكوني..هذا ما يسمى معجزة..وهو ليس إلاّ الهارمونيا الكونية..حين يتحد المادّي بالرمزي..والعياني بالغيبي..حين يصبح القانون في خدمة قيمة القيم لا قيمة الميكانيكا..ولأنّ الكون صديق قديم ، فهو يقوم بمهمّته في صمت وتآمر مع مكر الحقيقة..هو من يوحّد شتات القلوب ومذاهب العقل بمعجزة الهارمونيا الكونيّ الخلاّق ويزرع يقينه في حقول المعاني الكبرى والأشواق العليا، حيث هناك تنبت وتينع وتبسق شجرة المعرفة المستحيلة..شجرة الأنس الراقي..في انتظار الرواء السمح..لا تنسى أنّنا من جيل الظّمأ..وزهرة مدائن القلق..ومع ذلك لا زالوا يقتلوننا بالأسئلة الصغيرة...هذا الغباء الذي لا يوجد سوى في كونهم الخادع وليس في كوننا الذي لا زال هو منبع أملنا الكبير..منبع الخير الوجودي..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat