تكرر زلات أم خلل في المنهج؟
مرتضى شرف الدين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
من الإجحاف بمكان أن ننكر على الشيخ جوادي آملي أنه شخصية علمية مرموقة في الفلسفة (و بالتحديد على مبنى مدرسة الحكمة المتعالية) وفي مجال التصوف والعرفان النظري ، فقد شهد له أستاذه العلامة الطباطبائي بأنه أقوى طلابه الأحياء في هذا المجال ( بعد رحيل الشهيد مطهري والسيد مصطفى الخميني).
وقد قدّم الرجل خدمات علمية في هذا المجال جعلت السيد الخميني يختاره لحمل رسالته الدعوية إلى الزعيم السوفياتي غورباتشوف.
لكن الرجل يطالعنا من فينة لأخرى ببيانات مستغربة لا ينبغي أن تصدر عن شخص لديه هذا المستوى الفكري فلا ندري هل نعزوها إلى زلل لا يجل عنه غير معصوم، أو إلى الشطح المترتب على التأثر بالمنهج الصوفي بالخروج عن المنهجية المنطقية، أم أن لها أسباب أخرى أكثر خطورة؟
فبعد التعرض لعربية القرآن بتأويل مستغرب جعلها لا لمزية في اللغة بل لإذعان العرب في مقام تفضيل اللغة الفارسية على العربية.
وبعد نسبة النبي إبراهيم عليه السلام إلى أصول فارسية في توليفة يأباها التاريخ ، وتثير علينا تهمة الشعوبية التي يهرج بها النواصب على المذهب منذ قرون.
إلى الانتقاص من مقام تالي المعصوم ومقام صفوة الصحابة بتفضيل بعض الرموز البارزة عليهم في كلام لا يخلو من توهين بهؤلاء الصفوة.
وكانت المفاجأة في المؤتمر التكريمي الذي نظمته وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي لتكريم سيد محاججي المذهب شرف الملة والدين السيد عبد الحسين شرف الدين حيث كانت له الكلمة الختامية في المهرجان.
وكانت المفاجأة أنه قرر تولي الجنبة السلبية في الكلام، فنعى على السيد المكرم إهمال التوحيد والاهتمام بالإمامة مع كون التوحيد أهم من الإمامة.
وقد غاب عنه أن المطلوب من العلماء سد الثغرات ذات الفراغ أيا كان هذا المجال ، فلو كان الجانب الأهم متوفراً فلا بد من ملء الفراغ في المهم.
فالسيد نظر إلى بحث الإمامة فوجد النتاج الموجود فيه كله بنحو الاحتجاج العقلي في مقام الرد على المعتزلة، مع كون المعتزلة قد انقرضوا أو كادوا، فجاء بنتاج من الاحتجاج النقلي يناسب مبنى أهل الحديث السائد اليوم عند المخالفين.
فهل يكون ملوماً ومقصراً في سد الفراغ في مجال ورد النص الصحيح عند الفريقين بأن من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية؟!
ثم عندما تعرض تشبيه السيد الخميني للسيد شرف الدين بهشام بن الحكم اعتبره إنشاء لا خبراً، بمعنى: كن كهشام بن الحكم الذي اهتم بالتوحيد كما الإمامة.
مع أن عبارة السيد الخميني التي قالها في تعزيته للسيد عبد الله نجل السيد شرف الدين : اليوم مات هشام بن الحكم.
فكيف يكون الإخبار بالموت إنشاءً، وأي فهم للعبارة هو هذا الذي يأباه أدنى اطلاع على قواعد علم المعاني؟!
ثم طالعنا اليوم الشيخ بمقولات أدعى للاستهجان.
حيث اعتبر أننا في عصر الغدير وحيث هناك غدير فلا مجال للكلام عن السقيفة كوننا في ظل حكم علي.
وليت شعري هل هناك تحديد للحق دون شجب الباطل؟!
أليس شعار: الموت لأمريكا هو من مصاديق رفض الباطل المندرج تحت رفض السقيفة؟!
ثم هل عم الغدير العالم كله حتى نكف عن ذكر السقيفة أم أن الظلم الممتد من عصر السقيفة ما زال يملأ الدنيا؟!
ثم قال: لو أن الزهراء كانت اليوم لما كان خطابها نفس الخطاب بل لكان ملؤه الشكر والثناء.
لا أدري كيف يمكن لمن لم يحسن فهم عبارة قالها السيد الخميني بالأمس فخرج بها عن الخبرية إلى الإنشائية أن يتوقع ما يمكن أن تقوله الزهراء اليوم؟!
مع كون الزهراء حجة عالمية على البشر، فهل ستشكر وتثني مع كل نزف الدم الذي نراه في العالم والمظالم التي تحيق بالبشر؟!
وهل ننسب هذه الغرائب إلى المحو والشطح الصوفي أم أنه منهج مقصود في تقزيم مسألة الإمامة بأبعادها الحضارية؟!
سؤال لا يسعنا الإجابة عليه، فيبقى برسم صاحب الكلام.