نفي النفي : صحيفة “الحياة” نموذجاً
كريم كريم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يبدو ان صحيفة "الحياة" السعودية التي تصدر في لندن بدأت تنافس وسائل الاعلام السعودية الصفراء, في بث الأضاليل بعدما كانت تركز على الدس والتحريض المذهبي والطائفي.
فبعد أقل من 24 ساعة على نشرها خبراً كاذباً على صدر صفحتها الاولى، يوم الاربعاء في 30 آذار (مارس) 2016 ، بعنوان "أوساط العبادي تتهم إيران والمرجعية بمحاصرته" نشرت في اليوم التالي (الخميس 31 آذار) خبراً يبزّ الخبر السابق كذباً بعنوان "تفاهم أميركي – روسي على رحيل الأسد الى دولة ثالثة".
ويبدو ان "الحياة" بدأت تتفوق على الصحف الصفراء العريقة، في ابتداع مدرسة جديدة - قديمة في الاعلام عنوانها "المبني للمجهول"، وهو نسبة ما يُنشر الى مصادر مجهولة مثل "أوساط العبادي" كما في خبر يوم الأربعاء.
والهدف كما لا يخفى على المتابعين من نسبة الخبر الى مصدر مجهول بث أكبر قدر ممكن من الأكاذيب والتسريبات لخدمة أجندات خبيثة مع التعويل على عدم تحمل مسؤولية ما ينشر في حال الاعتراض، بحجة "الحفاظ على سرية المصدر".
وهذا ما بدا من إعادة "الحياة" التأكيد على روايتها، رداً على رد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على خبر "الحياة"، اذ ذكرت "إن صحيفة الحياة تؤكد أنها استقت المعلومات التي نشرتها من مصادر قريبة من العبادي".
هكذا بكل بجاحة. "عنزة ولو طارت" كما يقول المثل اللبناني.
وأما في خبر الخميس بشأن "مصير الأسد"، الذي هو عقدة سعودية في المقام الأول والأخير، فكانت الردود الأميركية والروسية عليه كافية للاطاحة بأي مبررات يمكن للصحيفة تقديمها.
الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف نفى "صحة المعلومات التي نشرتها جريدة الحياة" وقال "انها لا تطابق الواقع".
واوضح ان "الميزة الجيدة لمواقف روسيا خلافا للدول الاخرى تكمن في أنها لا تناقش تحديد مصير دول ثالثة، بما في ذلك سورية، لا عبر القنوات الدبلوماسية ولا عبر القنوات الأخرى".
كما نفى الناطق باسم الخارجية الأميركي جون صحة المعلومات في تقرير "الحياة" وقال "ان التقرير غير صحيح. فالأمم المتحدة تستمر في قيادة المفاوضات حول مرحلة انتقال سياسي بين الأطراف السوريين، والتي سيتم استئنافها في منتصف نيسان (أبريل)".
واضح ان الخبرين مدسوسان عن سابق تصور وتصميم، والمصدر واحد (سعودي). وإذا كان هدف الخبر الأول واضحاً، وهو محاولة لتسعير الخلافات الداخلية، خصوصا بين أركان التحالف الوطني، وبينهم وبين ايران والمرجعية الدينية، فان الخبر الثاني، الذي نقله مراسل الصحيفة عن "دبلوماسي" في مجلس الأمن، وهو على الأرجح السفير السعودي، كان ينقل "تقديرات شخصية" للمصدر تعكس تمنيات الرياض في إبعاد الرئيس الأسد لا أكثر.
وهذا الأمر يوازي في خطورته محاولات الدس الدائمة والتحريض المذهبي الذي برعت فيه "الحياة"، خصوصاً في مقالات رئيس تحريرها غسان شربل الذي لا تخلو مقالة من مقالاته من عبارة "الصراع السني الشيعي" يقحمها بمناسبة وبدون مناسبة. كما تزخر صفحاتها، خصوصاً في الأخبار السورية، بمثل هذه الاخبار التي تركز على البعد المذهبي للصراع في سوريا. كما انها ابتدعت مدرسة جديدة في استخدام المصطلحات، إذ لا تذكر كلمة "مجزرة" إلا اذا كان الضحايا، ومهما كان عددهم ضئيلاً، يقعون في ما يسمى "مناطق المعارضة"، أما المناطق التي يسيطر عليها النظام التي تحدث فيها التفجيرات ويقع عشرات الضحايا فلا تستحق سوى كلمتي "بضعة قتلى"، مع التشكيك الدائم بهوية المنفذين.
وأما في الموضوع اليمني، فصحيفة "الحياة" لا تشذ إطلاقاً عن الأبواق السعودية الأخرى في بث الأكاذيب، خصوصاً في شأن سير المعارك على الجبهات، إذ ان المتابع سيلاحظ ان "تعز تم تحريرها" عشرات المرات، كما ان "صنعاء أوشكت على السقوط" عشرات المرات أيضا، وغيرها من الأكاذيب اليومية.
لقد أسقطت صحيفة "الحياة" ورقة التوت التي كانت تتستر بها وترفعها في وجه المنتقدين، من ادعاء الموضوعية، إذ يبدو انها باتت تخصص زاوية يومية لاستدراك ما ينشر في اليوم السابق، تصحيحاً أو تكذيباً، أو تأكيداً كما فعلت مع رد العبادي، تأكيداً على استمرارها في غيّه