صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

مكابدات طبيب!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يحدثنا عن مكابداته في الوطن الأم وبلاد المهجر , وما بين رحم روحه وسوح تفاعلاته الآدمية , في عالمٍ عليه أن يعرفه ويتواصل معه لكي يبقى ويستشعر بدوره الإنساني , ويسكب ما فيه من خلاصات الرؤى والنظر.
يحدثنا وهو في التاسعة والثمانين من العمر ,  وقد حملته الأقدار على ظهرها وطارت به كالبراق ما بين بغداد ونيويورك فحطت به في بوستن , ومن ثم تحول إلى طائر مغرد يرفرف بأجنحة روحه في فضاءات واشنطن , وهو يرنو إلى صرحها الإسلامي الذي تم إفتتاحه في زمن الرئيس ولسن.
يحدثنا وهو يحمل رسالة أجيال وأجيال , إنغرزت في جوهر ذاته وأصبحت موضوعه وغاية وجوده ومنطلق نشاطاته , وموضع خطواته في عالمٍ يتحرك على أرجوحة التفاعلات الحامية والتطورات المتأججة , التي تحاول أن تبني المعوقات والمصدات لمنع الأصوات الأصيلة الصادقة النبيلة السامية من الوصول إلى مسامع الآخرين , المتعطشين لزلال الفكر الصافي والتائقين لسلاف المدد الروحي الأصيل.
طبيب لم يختر إختصاصه , لكن إختصاصه هو الذي قرر أن يختاره , ويحلق به في عوالم ما تصور أنه سيكون فيها ذات يوم , حتى لأصبح موقنا بأنها إرادة القوة الربانية الكبرى , التي تتعهده بالرعاية وتمده بالقوة والقدرة على صناعة الحياة , المتوافقة مع إيقاع مناهج التفاعل النابه  وينابيع النور والتنوير الديني الرحيم المتآخي المتصافي المتآلف , الدفاق بالقيم الإنسانية الساطعة بالمحبة والسلام.
طبيب أمضى أكثر من نصف قرن في ديار الإغتراب , وفي قلبه حنين دافق وشوق وامق إلى مرابع الكاظمية والشورجة والمدرسة الجعفرية والكلية الطبية , وراوندوز وبغداد ولصوت الروح العراقية الطيبة المنسكبة بعذوبة وبراءة وصفاء.
طبيب يحدثنا عن الطب والدين والحياة , وكيف إكتشف أنه يعبد الله وليس الطب , الذي يأخذ وقته ويخنق صوته , ويمنعه من العبق من نسيم الحياة المصدحة في أرجاء الزمان والمكان الذي يتفاعل معه الإنسان , فكان عليه أن يشق طريقه نحو الله , ويعبّده للأجيال التي ستتعاقب على مكان يتشوق للمعرفة الروحية والسلوك الإسلامي الطيب الجميل.
طبيب يعلمنا بأن الإرادة البشرية ذات طاقات مطلقة وتمتلك الآليات اللازمة لتكون , وعليها أن تترسخ وتتأكد , وتحفر مواضع خطواتها في حجر التحديات والمواجهات الإيقاظية الإبداعية الكفيلة بإطهار ملامحها , وتطويع مفرداتها ومخزونها الثقافي ليتفاعل بقدرات خلاقة في الوعاء الذي تكون فيه.
طبيب أدرك أن العيب ليس في الإنسان , وإنما في الواقع الذي يكون فيه , فالإنسان العربي يختزن طاقات حضارية متميزة , وما ينقصه هو الوعاء الذي يكون فيها , فهو نفس الإنسان المبدع الخلاق الذي يعطي بأصالة في بلاد الإغتراب , ويموت مقهورا مكمودا في بلاده , فالواقع المُصنّع بالعدوان هو الكفيل بتدمير قدرات أي إنسان , وتحويله إلى ضياع وبهتان وخسران , وتلك محنة أمة عليها أن تواجهها وتتشافى منها , وتؤمن بذاتها وموضوعها وبأنها قادرة على أن تكون!!  
تحيّة للإنسان الذي يعبّد سُبل الحياة للأجيال بنكران ذاتٍ وإيمان!!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/03/28



كتابة تعليق لموضوع : مكابدات طبيب!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net