صفحة الكاتب : مصطفى الهادي

واخيرا ركعت كوبا. أمريكا في هافانا.
مصطفى الهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

فيدل أليهاندرو كاسترو (1926) كان احد قادة الانقلاب ضد حكومة لفولجنسيو باتيستا مع رفاقه (كاميلو سيينفيغوس وتشي غيفارا وأخيه راؤول كاسترو( وكانوا هم القادة الفعليين للانقلاب ولكن باقصاء سيينفيغوس والوشاية بتشي جيفارا والتسبب في مقتله ،اصبح فيدل رئيسا لوزراء كوبا منذ سنة (1959).حيث أصبح المحامي الليبرالي الدكتور (مانويل أوروتيا ليو) رئيساً لكوبا، بدعم من حركة 26 يوليو، لأنهم ظنوا أن تعيينه سينال ترحيب الولايات المتحدة بهم.

أدت الخلافات داخل الحكومة الكوبية إلى استقالة أوروتيا في يوليو / تموز 1959. وحل محله (أوزفالدو دورتيكوس) الذي شغل منصب الرئيس حتى عام 1976. وأصبح كاسترو رئيسا للوزراء في شباط / فبراير 1959، خلفًا لخوسيه ميرو في هذا المنصب.

لم يكن شيوعيا في بداية أمره بل كان كاثوليكيا مسيحيا ملتزما هو وأخوه راؤول فقد حكم كاستروا في بداية عهده مجتمعا كاثوليكيا وأقلية من أتباع الديانات الأخرى، ولكن كاستروا انقلب إلى الشيوعية فأعلن سنة (1961) بأنه ماركسي لينيني وأنه سيكون كذلك حتى نهاية حياته. وأول عمل قام به كاسترو هو وضعه برنامج (سييرا مايسترا) الذي حل محل القانون القديم فقام بمحاربة الدين بكل اشكاله فاضطهد المصلين ومنع بشدة إقامة الصلوات وأصبح المصلون مستهدفين بأعمال عنيفة وتمت مصادرة أملاك الكنيسة، وأرغم القساوسة والكهنة على النفي وألقي بهم في السجن ومُنعت العوائل من تنشئة أطفالهم تنشئة دينية، وقاد كاسترو النظام بطريقة حادة ومبرمجة نفى على اثرها دور القيمة الفعلية للإنسان وإخضاعه للسلوك الاشتراكي الحاد فخلف جيلاً رافضاً بدأ يرى كيف تطورت من حوله دول تخلت عن الماركسية.

في سنواتها الأولى، صادرت الحكومة الثورية الجديدة الممتلكات الخاصة كما أممت المرافق العامة، وشددت الرقابة على القطاع الخاص. في نهاية عام 1960، أغلقت جميع الصحف المعارضة، وأصبحت محطات الإذاعة والتلفزيون تحت سيطرة الدولة. تم تطهير صفوف المعتدلين والمعلمين والأساتذة، وسجن ما يقرب من 20,000 منشقاً كل عام. كما أرسل المتدينين وغيرهم لمعسكرات العمل في الستينيات، حيث خضعوا لإعادة تأهيل طبي وسياسي. تشير إحدى التقديرات إلى إعدام نحو 15,000 إلى 17,000 شخص في تلك الفترة. 

انقلبت الشيوعية على مبادئها وعزز الحزب الشيوعي الكوبي حكم الدكتاتورية في فرض الحزب الواحد بالقوة ودمج كاستروا منظمته الثورية بالحزب الشيوعي الذي أصبح سكرتيره الأول، وعيّن بلاس روكا سكرتيره الثاني وراؤول كاسترو وزيرا الدفاع فأصبح ثاني أقوى شخصية في كوبا. تعزز موقف راؤول بعد رحيل تشي غيفاراومقتله عام 1965. وتولّى كاسترو منصب زعيم الحزب الأوحد. وأصبح الولاء لكاسترو المعيار الأساسي لجميع التعيينات . وهكذا رسّخت الشيوعية الكوبية مبدأ عبادة الفرد.

في سبتمبر/ أيلول 1960، أنشأت الحكومة الثورية بقيادة كاستروا ما يُعرف باسم لجان الدفاع عن الثورة، والتي قامت بالتجسس على الأحياء السكنية، وزرع المخبرين بين اوساط الشعب.

اخطأ فيدل كاسترو كثيرا في وضع الصواريخ الروسية على أراضيه مقابل أمريكا وكاد أن يشعل حربا عالمية ثالثة فيما يُعرف بـ (أزمة الصواريخ الكوبية) لولا اتفاق روسيا وامريكا بسحب صواريخهما من تركيا وكوبا. التخبط الذي صاحب سياسة كاستروا جعلته معزولا عن العالم ولولا تطبيل وتزمير الشيوعيين لشخصية جيفارا وكاستروا لما عرف احد عنهما شيئا يُذكر، خصوصا جيفارا بعد ثورته الفاشلة في الكونغو وعودته خائبا إلى بوليفيا.

بدأت عمليات هروب جماعية من كوبا حيث فرّ الآلاف من الكوبيين تاركيا بلادهم متوجهين إلى أمريكا بسبب فرق الاعتقال والموت الشيوعية وبسبب سياسات كاسترو الاقتصادية الفاشلة حيث سادت حالة من الاستياء العام اعترف على أثرها فيدل كاسترو بفشل السياسات الاقتصادية في كلمة ألقاها عام 1970حيث بدأ كاسترو الإصلاحات الاقتصادية.

لقد بدأت الشيوعية تتآكل منذ قيامها نظرا لدمويتها وقمعها للحريات ودكتاتوريتها المطلقة وترسيخها عبادة الفرد من خلال مبدأ الزعيم الأوحد (لينين ، ستالين ،ماو، كاسترو ، هوشي ، كيم إيل سونغ) ومحاربتها لعقائد وانتماءات الناس فلم تسعفها العقول الجبارة لفلاسفتها وعلمائها التي خلقت آلتها العسكرية. لأن فقدان الحريات بأشكالها المختلفة وضع الشيوعية أمام مواقف صعبة للغاية تجاه الديمقراطيات الحديثة.

والآن بعد انهيار كوبا وركوعها أمام الرأسمالية الغربية (أمريكا) فلم يتبق من قلاع الشيوعية الملتزمة بالنهج الماركسي، سوى فنزويلا وكوريا الشمالية ولم تعد الصين وفيتنام دولتين تأخذان بالاقتصاد الماركسي وهما تتجهان للديمقراطية الغربية بسرعة كبيرة .

 

ولعل تلك الانهيارات المتتالية التي لحقت بالاتحاد السوفياتي، وفي أوروبا الشرقية وآسيا وأتباع الماركسية في أمريكا اللاتينية وأفريقيا والوطن العربي، لم تأت مجرد صدفة أو انتصاراً للرأسمالية وإنما هو حتمية التطور البشري وحكم الحتمية التاريخية والتنازلات الكوبية خير دليل على ذلك حيث رأت أن الشيوعية لم يعد لها سوق يروج الأيدلوجيا حيث لم يبق لماوتسي تونج أو لينين، أو هوشي منه، إلا صورهم كرموز تحتفظ بها تلك الدول في متاحفها كجزء من تاريخ مضى، وهذه هي النهايات غير السعيدة لإحدى القلاع الباقية من الماركسية الدموية المتطرفة.

ولكن السؤال هو : إلى أين تتجه كوبا بعد ركوعها أمام الغرب الرأسمالي؟

في حركة غريبة قام بها (راؤول كاسترو) اتجه فيها بعنف من اقصى اليسار إلى اقصى اليمين لجأ راؤول إلى الفاتيكان وبأمر من أخيه فيدل كاسترو الذي تأثر كثيرا بلقائه بالبابا فرنسيس، ، فرجع إلى الدين الذي حاربته شيوعيته وعند لقاءه بالبابا فرنسيس قال راؤول وبكل وضوح : (أنا يسوعي إلى حد ما، وأن تعاليم البابا فرانسيس، أقنعته ليس فقط لتخفيف القيود على الدين، ولكن بالطبع للعودة إلى الكنيسية الكاثوليكية، وبدء الصلوات مجددا ).

وهكذا رأينا بأم أعيننا ونحن شهود على التاريخ الحاضر بأن انهيار الاتحاد السوفيتي الملحد انبثقت عنه قيام اربع جمهوريات إسلامية في آسيا الوسطى. (كازاخستان ، اوزبكستان ، تركمانستان ، قرغيسستان ، طاجيكستان)

(كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاءً وأمّا ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مصطفى الهادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/03/23



كتابة تعليق لموضوع : واخيرا ركعت كوبا. أمريكا في هافانا.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net