صفحة الكاتب : الشيخ عبد الكريم صالح

اولويات المجابهة
الشيخ عبد الكريم صالح

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

   قبل البدء بالنظر في الاسباب الذاتية للابتعاد من الدين او حتى معاداته, لابد ان ننظر الى الاسباب الموضوعية, التي يتمسك بها بعض الافراد ويجعلها حجة لبطلان الدين, وعدم امكان تطبيقه والنزول به الى ارض الواقع, وانا هنا ليس بمعرض استقصاء تلك الاسباب الموضوعية وحصرها في هذه العجالة, وانما اريد ان اتناول احد تلك الاسباب فقط, وهو فساد وانحراف معتنقي الدين او القيمين عليه, وهو سبب مهم جدا, قد يكون اهم الاسباب جميعا, فأن السلوك السوي وغير المتناقض, يغري كثير من الناس في الاقتداء بصاحبه وجعله مثلا اعلى للاحتذاء, وهكذا بدأت دعوات الانبياء عليهم السلام, كما ورد على لسان شعيب عليه السلام: وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)هود.
   كما ان السلوك المناقض لما يدعيه صاحب القيم والمبادئ يكون سبباً للطعن في تلك المبادئ والقيم, وليس فقط طعن في الاشخاص غير الملتزمين بها, ويوجب ايضا تنفر الناس منه ومما يدعيه, وهو بهذا السلوك لا يجني على نفسه فحسب بل جنى على كل تلك المبادئ التي كان يدعيها, وجعلها في معرض الرفض والتشكيك والعداوة, وهذه اكبر جناية يرتكبها.
فما اعظم جناية من يجعل الدين وسيلة ومطية للوصول الى اغراضه ومصالحه الخاصة, فهو اكبر جرما بكثير ممن يرتكب جرائم باسمه هو, لا باسم الدين, فان الاخير لا يمكن السكوت عليه, لكونه لم يرتكب جريمة بحق نفسه فقط, فان من يسرق او يزني او يقتل لحاجة او لدافع شخصي, يُحاسب على هذه الافعال فقط, اما من يأتي بهذه الافعال باسم الدين والمبدأ, فهذا ارتكب جريمتين, ثانيتهما اعظم بكثير من الاولى, فهو اعطى مبرر للطعن والتشكيك في الدين بل ومعادات الدين واهله, وهذا ما يحصل في مجتمعاتنا مع الاسف.
فان غالبية الناس لا تميز بين النظرية والتطبيق, وبين الدين والمتدين, فالسلوك عندهم هو المهم, وهو الذي يكون على تماس معهم, اما الامور الجوّانية في الشخص فلا علاقة مباشرة للناس معها, لذا يحكمون عليه ظاهرا وباطنا من خلال سلوكه بينهم.
وحتى يتضح لنا مدى اهمية هذا الجانب, لننظر الى اصحاب الرسالات السماوية, حتى ننظر الى اهم صفة من صفتهم التي بسببها تم نجاح دعواتهم, وانتشر دينهم ودخلته الناس افواجا, وتلك الصفة والميزة هي العصمة والمصونية من الزلل قولا وفعلا واعتقادا, فهؤلاء الرسل لم يناقض قولهم فعلهم ولم يأمروا الناس بشيء لم يأتمروا هم به, وكانوا مثلا اعلى بالخُلق السامي, فوقع حبهم في قلوب الناس قبل ان يسمعوا حججهم ومضامين رسالتهم, فكانوا مقبولين لدى عامة الناس, وكان من يعاديهم ولا يقف في صفهم يرفض من قبل الناس ويتهم بأنه لا اخلاق له ولا قيم ولا مبادئ, وهكذا انتصر اصحاب الرسالات والمصلحون بصدقهم وامانتهم وخُلقهم السامي.
فنحن قبل ان ننتقد الخارجين من الدين والمعادين له, لابد ان نعري المنتفعين باسم الدين ونوضح للناس ان هؤلاء مخادعون ومنافقون ولا يمتون للدين بصلة, وهم اكبر واشد الجناة على الدين, لكونهم يصورون الدين للناس بانه دين خداع ودجل ونفاق, وليس دين صدق وامانة وعدل ورحمة. 
فان الذي يُظهر العداء للدين ويجاهر به, اقل خطرا ممن يرتدي لباس الدين ويجعله وسيلة لمطامعه الشخصية, ويتصيد به المناصب والوجاهة والاموال, لكون العدو الخارجي يعطي الدين صلابة وتماسك وقوة, اما العدو الداخلي فهو يفتك بالدين وينخره من الداخل حتى يكون هشا يتناثر عند اقل ريح تهب عليه.
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ عبد الكريم صالح
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/03/16



كتابة تعليق لموضوع : اولويات المجابهة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net