صفحة الكاتب : عدوية الهلالي

طيور جنة ...
عدوية الهلالي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قالها لهم كاظم الساهر في الحفل الاختتامي لبرنامج مواهب الاطفال حين اختار اغنية سبق وان غناها خلال فترة الحصار الاقتصادي ليعيد غناءها.. (تذكر) ..قالها لكل مسؤول عراقي ربما نسي او تناسى كم تساقط من أطفال العراق منذ ايام الحصار ومازالوا يتساقطون كل يوم حتى الآن فقد تعددت الاسباب والموت واحد ..
قبل عشرين عاما ، كنت من بين الامهات الساهرات على حياة اطفالهن في مستشفى الطفل المركزي في الاسكان بعد ان اجتاحت اطفالنا موجة امراض الجفاف والتهابات الامعاء الحادة ...مكثت في المستشفى اقل من شهر وكان كل يوم يحمل الينا نبأ ذبول عدة اطفال فنبكيهم بحرقة ..اصبح جميع الاطفال ابناءا لجميع الأمهات فقد وحدنا القدر وكنت كغيري اتوقع بفزع ذبول ابني يوسف فلاوجود للدواء الذي ينقذ اطفالنا ، وربما كان القدر رحيما بي حين وردت الى المستشفى شحنة دواء من الاردن وبعد عدة حقن عاد يوسف الى الحياة بعد ان قطع الاطباء الامل في شفائه ومعه عدد من الاطفال ..كنا نتقاسم الحقنة الواحدة لتكفي الشحنة اكبر عدد من الاطفال .. وانتهت الغمة وتصورنا ان الحصار الاقتصادي كان آخر الاحزان ، لكن الحزن كما يبدو اصبح قدرا للعراقيين وتساقط الاطفال كالأوراق الذابلة من بين احضان امهاتهم صار جزءا من حياتنا ..اعتدنا ان نقول لمن فقدت طفلا ..جزءا من روحها  :" طير جنة .." لنزرع الصبر في قلبها المتصدع..ولكن طيور الجنة تأبى ان تكمل حياتها معنا فكل يوم سيظهر سبب جديد ليختطف حياة اطفال العراق والمؤلم في الأمر ان الاسباب تأتي من رحم الازمات وبفعل فاعل ...
قبل ايام ، شاهدت في احدى فضائياتنا تقريرا مريعا عن تساقط الاطفال في مستشفى الطفل المركزي بكثرة بسبب اصابتهم بمرض السرطان ..كان التقرير صادما فهناك اكثر من 3000 حالة في المستشفى بينما يوجد فيه 400 سرير فقط ..وكما هو الحال قبل عشرين عاما مازال العلاج مفقودا او ناقصا واذا كان موجودا خارج المستشفى او خارج البلد فهو باهظ الثمن لدرجة يصعب على اغلب العوائل شرائه وهكذا يواصل العراقيون رحلة الصبر وتوقع ذبول اطفالهم ورحيلهم دون ان يجدوا سبيلا لانقاذهم !!
اطفالنا يولدون خلال الازمات ويعيشون تفاصيلها ويرحلون بسببها فمن حصار اقتصادي الى حروب وانفجارات ونزوح واوبئة ..اطفالنا تعرفوا الى الكوليرا التي طواها النسيان في دول اخرى وهاهم يستقبلون فايروسات انفلونزا الطيور قبل بقية الدول فأسباب موتهم مازالت تتعدد وتتنوع بينما يعجز اهاليهم عن انقاذهم ويتجاهل المسؤولون ذلك رغم ان مفاتيح النجاة بأيديهم ..ربما لايتحكم الانسان بالأقدارلكنه قادر على تخفيف وطأتها وتجنب اسباب الموت المجاني ..لهذا كله ..اختار كاظم الساهر الذي اختير ليكون سفيرا للطفولة هذه الاغنية ليقول لكل من يملك بيده مصائر العراقيين :" تذكر " ..فهل سيتذكر احد منهم كم عانى ويعاني العراقيون طوال كل تلك العقود من تساقط اطفالهم من بين احضانهم بينما يواصل المسؤولون التغاضي عن الازمات او استغلالها لصالحهم ...

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عدوية الهلالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/03/15



كتابة تعليق لموضوع : طيور جنة ...
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net