لايقف الامر عند التفريق بين المصطلحات العلمية ، بل نجد البعض يعود بنا خطوة الى الوراء ، او فلنقل يدخل الى عمق تكون العقيدة الفردية لدى الانسان المؤمن ليحاول بالعديد من الطرق النقض على تفسير السلوك المشترك لابناء المجتمع المؤمن وفق المصطلح الذي ذكرناه انفاً ( الوعي الجمعي ).
و من هذه المحاولات الطعن في الاسلوب و المنهجية و الطريقة التي يتم بها تعليم مبادئ الدين و العقيدة ، واصفاً اياها تاره بالتلقين و التقليد و بالقولبة و النمطية تارة اخرى ، و محصل كلامهم : ان منهج الدين في المعرفة و التعلم – مع التحفظ على نسبة هذا المنهج الى الدين كما سياتي – هو منهج مختزل في جانب التلقين التراثي لكل ما هو قديم و متهالك مصحوب بالاستقبال فقط فلا يمارس عليها أى عملية جدلية ليصبح العقل أسير ما هو مطروح عليه دون أى قدرة على التحليل أو ممارسة عملية نقدية موضوعية ، لذا نجد جميع المجتمعات المؤمنة متخلفة عن مسيرة الحضارة والتقدم لأن المعرفة لدينا إما مُنعدمة أو مُشوهة أو مُقتبسة أو مُعلبة مُلقنه.
و للانصاف فان التطور الذي لحق باساليب و مناهج التعليم و البحوث الحديثة لطرق التعلم لدى الانسان اثبتت ان منهج التلقين و الحفظ هو منهج بدائي غير متناسب مع قدرات العقل البشري الابداعية ، و مع ذلك يبقى هذا المنهج مفيد في الكثير من الاحيان و يعتبر اللبنة الاولى و المقدمة الضرورية للكثير من المنهاج التعليمية الحديثة ، نعم اذا اقتصر الفرد في تعليمه و تعلمه على هذا المنهج و في جميع الميادين المعرفية و في كل الفترات العمرية من حياته ، فمن المؤكد اننا سوف نجد نقص كبير في خبراته و مهاراته العلمية و العملية.
ولكن بالرجوع الى محصل الكلام نجد ان هناك دعوى مركبة من جزئين :
الاول : ان للدين منهج تعليم محدد و ان هذا المنهج هو التلقين و الحفظ فقط
الثاني: دعوى ان الموروث الديني قديم و متهالك و غير متناسب مع الحياة العصرية و التطور العلمي و التكنولوجي الحديث.
و في الحقيقة ان هذه الدعوى الاخيرة التي يظهرها البعض على انها دعوى فرعية و ثانوية ، هي الدعوى الاصلية و الرئيسية في الموضوع.
و الا فان دعوى ان الدين يتخذ له منهج خاص و محدد كالتلقين و الحفظ فقط من بين المناهج المعرفية دعوى بدون دليل و لا برهان... يتبع
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat