صفحة الكاتب : عدوية الهلالي

مواجهة
عدوية الهلالي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

حين عاد من ذلك البلد البعيد في زيارة ، بدا وكأن اشياءا كثيرة تغيرت فيه ..لم يكن التغير سلبيا اذا نظرنا اليه بطريقة متحضرة اذ لم يعد ذلك الشاب البسيط الذي يستخدم المجاملة وسيلة لتسيير اموره ..لقد بات يستخدم الصراحة سلاحا يشهره في وجه الجميع دون استثناء ايمانا منه بان الافراط في المجاملة يتحول تدريجيا الى نفاق غير مرئي وسرعان مايتطور الامر وتتحول المجاملة الى شبح من الاكاذيب ..

لم يفهمه المقربون منه في باديء الامر اذ لم يتغير حالهم عن السابق بل زادت مجاملتهم لبعضهم الى حد النفاق وصار يمكنه ان يرى من تركهم اعداءا وقد اصبحوا اصدقاءا لمجرد وجود مصلحة تجمع بينهم ، او يسمع مديحا لشخص لايستحقه من شخص آخر لايحبه لمجرد تفادي ماقد يصدر عنه من اذى !!

رغم ذلك ، حاول الا يستخدم الصراحة كسكين حاد يجرح به مشاعر احبته بل كفن يصعب على الجميع استيعابه مستندا الى حقيقة ان الصراحة تحقق الراحة لقائلها وسامعها اذ ليس من المعقول ان نعتبر المجامل اعز الاصدقاء واوفاهم والصريح الذي ينتقد ويسعى لتصحيح اخطائنا هوعدونا ..وليس من المعقول ايضا ان يكون عدونا غبيا ليخبرنا بمواطن ضعفنا وينبهنا لأخطائنا ...

لم يكن الامر هينا وكانت نتيجته الاصطدام بمن لايحبذ الصراحة او المواجهة ويفضل الارتكاز على كلام منسوج من الهواء لايمس القلب ولا الضميرويسهل تجاهله ليعود هواءا من جديد ...لكنه دأب على استخدام سلاحه دون كلل وكان يقول لمن حوله ان المرء متى ماتخلص من المجاملة فلابد ان يحذو الاخرون حذوه وينصحهم بعدم الاصرار على استخدامها لأن الاصرار على الخطأ يعتبر خطيئة احيانا ..

في النهاية ، وحين اقترب موعد عودته الى ذلك البلد البعيد ، لم يلحظ مااحدثه من تغيير على من حوله لأن التغيير لم يحدث اصلا ولأنهم لم يفهموا فلسفته ليؤمنوا بها ويطبقوا بنودها لذا عاد ليعقد مواجهة بينه وبين نفسه ليحاول الوصول الى نتيجة مرضية ترضيه وترضي من حوله وقبل كل ذلك ترضي ذلك الضمير الذي بداخله ..والغريب انه لم يجد حلا مرضيا الا في استخدام الصراحة ..

اغلب رجال السياسة الحاليين لدينا وفدوا من الخارج وتعلموا عاداته لذا كان يفترض ان يمارسوا سلوك الصراحة كصاحبنا فيضعوا اصابعهم على اخطاء بعضهم البعض ولايجاملونهم على حساب المباديء والنوايا الحسنة وهو السلوك الذي توقع العراقيون ان يسلكه العبادي الذي تشرب بسلوكيات الغرب ..توقعوا ان يؤشر الاخطاء ويكاشفهم بها والايجامل أو يحابي مادام يدعي الوطنية ويدعو الى اصلاح مواطن الخلل في البلد ، لكن الأيام توالت ليكتشفوا ان الصراحة والمواجهة هما آخر اسلحته وان المجاملة والمحاباة هما السلوك الذي يرضيه ويرضي من حوله ولكنه لن يرضي شعبه او ضميره ان كان مازال حيا وهو يعيش وسط مستنقع من فساد المسؤولين من رفاقه وبركة من عرق ودماء العراقيين الذين مازالوا ينتظرون ماستسفرعنه المواجهة ..أو ..المجاملة !!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عدوية الهلالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/03/12



كتابة تعليق لموضوع : مواجهة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net